الأب هاني طوق: تحكمنا “سلطة هيرودسية” مجرمة… علينا أن نكون أبطالاً لإنقاذ لبنان من جحيمه
كتب طوني عطية لـ “هنا لبنان”:
رغم المآسي والهموم التي تلفّ المدن والبلديات، حاجبةً عنها زينتها الميلادية لهذا العام، وأنوارها التي كانت تُعوّض على اللبنانيين، ولو لشهر من الزمن، ظلمة العيش ومعاناتهم المزمنة مع التيار الكهربائي، وتراجع نِسَب التسوّق والمبيعات في أسواقها ومتاجرها بسبب الإرتفاع الجنوني للأسعار واستشراء الغلاء وتردّي الأوضاع الإقتصادية، في سلطة، يمتهن حكامها ببراعة سرقة كل الأفراح والأعياد. سرقة الإستحقاقات الوطنية من مواعيدها الدستورية، سرقة عرق جبين اللبنانيين من جيوبهم ومصارفهم، سرقة المستقبل من أحلامهم وطموحاتهم، وسرقة الفرح من أعيادهم وأطفالهم. فالحبّ والسلام والفرح، قيمٌ وفضائلٌ لا تُناسب حكم الطغاة والمتألّهين بذاتهم، والباحثين عن إقامة أبدية في قصورهم وسلطاتهم الزائلة، مدنسّين هذه الأرض الطاهرة التي ذكرتها الكتب المقدّسة، وزارها السيّد المسيح، مُفسدين ما قاله عالم الآثار الفرنسي الشهير إرنست رينان عام 1860 في كتابه “مهمّة في فينيقيا”: “ساحرٌ مذهلٌ هذا اللبنان، فيه بقايا عطرٍ يرتقي إلى أيام المسيح”.
أمام هذا الواقع المرير، المُثقل بالأوجاع والمعاناة، والقلق الذي يدق أبواب الناس مع كل ساعة قادمة، مع ما تحمله من اضطرابات معيشية في “دولة السوق السوداء”، كان لنا “إتصال رجاء”، مع “كاهن الطرقات” الثائر، الأب هاني طوق، الذي خصّ موقعنا “هنا لبنان”، بحديث يحاكي وجع الإنسان ويزرع الأمل والصمود ويبثّ روح النضال.
قال الأب طوق إننا “أمام حدث الميلاد المتجسّد في مغارة فقيرة متواضعة، ينقسم المشهد اللبناني بين سلطة هيرودسية تريد قتل كل ولادة جديدة، كل تجدّد في الحياة، كل تغيير، كلّ أمل بمستقبل أنقى وأجمل، كأن هيرودس لم يشبع من قتل أطفال بيت لحم، ظنّاً منه، أنه بإمكانه التخلّص من ولادة المخلّص السيّد المسيح، خشيةً منه على عرشه وملكه، وبين شعب ساكن في الظلمة ينتظر نوراً عجيباً مخلّصا”.
وأضاف طوق أن “المسؤولين في لبنان ليسوا سوى مجرمين وقتلة بكلّ ما للكلمة من معنى، محصّنين أنفسهم من أيّ رادع أخلاقي أو إنساني أو ضميري قد يحرّك وجدانهم، أو يُشعرهم بمسؤوليتهم تجاه وطنهم ومواطنيهم بعد كلّ ما حصل من ويلات وكوارث، فلا تفجير المرفأ وتدمير العاصمة، ولا مؤشرات البطالة والفقر والهجرة، ولا نداءات المجتمع الدولي، ولا أنين المتألمين والجائعين. أيها الحكام ما الذي يهزّكم؟”. تابع: “تأتي ساعة لا تعرفونها ولا تملكون الحقّ والقوّة في تأجيلها، لن تجدوا فيها من يلتف حولكم من أتباعكم، أو مَن يحميكم مِن التراب الذي سيلفّكم، ليضعكم أمام عدالة السماء”، وما سيقوله الناس عنكم، وما ستنطق به محكمة التاريخ “هل كنتم رعاة صالحين لشعبكم، أم لمصالحكم الخاصة؟”.
وفي تعليقه على حجم الأزمة التي يمرّ بها لبنان، يرى الأب طوق أنها “ليست الأسوأ في تاريخنا رغم فضاحتها وكارثيتها، مقارنة مع أحداث العام 1919، واجتياح المجاعة الكبرى التي استنزفت الوطن بموت آلاف اللبنانيين الجائعين وهجرة الكثيرين منهم عن أرضهم”. وكي لا يعيد التاريخ مآسيه، أو للحدّ من سيفه، يدعو الشعب “للتمسّك بكمية الرجاء الكبير، في أن الله هو سيّد التاريخ، وأنّه يعرف كيف يقود حياتنا إلى برّ الخلاص”.
في الإطار ذاته، وخشية منه، في أن يسلك الإنسان أمام الأزمات والصعاب طريق اليأس والإستسلام، يشجّع طوق اللبنانيين ويحثّهم على دور البطولة، في أن يكونوا أبطالاً، كما تفرض هذه المرحلة، بالوقوف إلى جانب بعضهم البعض ومعاونة المحتاج منهم إجتماعياً ومعيشياً، دون أن يتقاعسوا عن مقاومتهم ونضالهم الوطني والسياسي في سبيل إنقاذ لبنان واستعادته من جهنّم، ليعود منارة ونجمة تنير المشرق والغرب.
في سياقٍ آخر، انتقد الأب هاني طوق الذين يحكمون على الناس في صرف أموالهم لتزيين بيوتهم ومناطقهم، مشيراً إلى “أن الزينة كشجرة الميلاد والمغارة، هي حالة إنسانية طبيعية، يعبّرون بها خارجياً ورمزياً عمّا يؤمنون به داخلياً، فيقومون بإضاءة الشوارع مثلا، ليعلنوا أن المسيح هو نور العالم”.
وختم حديثه قائلاً “إن الإنسان حرّ في اختياراته وحياته. فالحرية هي من صلب وجوهر الإيمان المسيحي، فخير لي أن أذهب إلى الجحيم بحريتي من أن أدخل السماء بعبوديتي”، فالمسيح خيّرنا بقوله لنا “من أراد منكم أن يتبعني، من أراد منكم أن يكون كاملاً، من أراد منكم أن يصليّ…”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ما في دولارات للقمح”… الأمن الغذائي أمام كارثة حقيقية وهذه هي الحلول! | في عيد مار مارون.. أين هم الموارنة اليوم؟! | العونيّون… من الفنيقيين إلى البعثيين؟ |