“حزب الله” 2020… بين الدبلوماسية الفرنسية والعقوبات الأميركية
“المبادرة” التي جاءت لإنقاذ لبنان صارت تحتاج الى من ينقذها ومن يخرجها من “الورطة اللبنانية” والمستنقع الذي غرق الفرنسيون في وحوله السياسية واصيبت بانتكاسة مبكرة، إذ كان واضحًا من الأساس، ومنذ أن سقط مشروع حكومة مصطفى أديب وحصل التصادم الفرنسي مع الثنائي الشيعي، أن الوضع اللبناني خرج عن السيطرة الفرنسية، وأن لبنان أضاع الفرصة الفرنسية الذهبية، وهي الفرصة الوحيدة المتاحة وربما الأخيرة لتفادي السقوط العظيم.
تعاطى الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بإيجابية وانفتاح مع “حزب الله” واعترف به كقوة سياسية منتخبة متجاوزًا مسألة أنه تنظيم مسلح، ورافضا التصنيف الأميركي له ووصفه بـ”الإرهابي” .
في الواقع شكّل “حزب الله” نقطة خلاف أساسية بين واشنطن وباريس، في الوقت الذي وصلت فيه الحرب الأميركية المعلنة ضد الحزب الى ذروتها مع”أقصى العقوبات”، وإعتباره تنظيمًا إرهابيًا، ودعوة واشنطن الى مقاطعته وإقصائه عن الحكومة الجديدة، وإعلانها حجب الدعم عن أي حكومة يكون فيها “حزب الله” مشاركًا وشريكًا فيها كما كانت الحال في حكومة حسان دياب، فيما أظهر الرئيس الفرنسي كل ود وانفتاح تجاه “حزب الله”، ولم يُظهر ممانعة لمشاركته في الحكومة عبر وزراء إختصاصيين غير حزبيين، ورفض كل كلام عن الشق العسكري في “حزب الله” وسلاحه.
لا شك في أن أداء ماكرون تجاه “حزب الله” تسبب باستفزاز خصوم الحزب في لبنان وخارجه الذين رأوا أنه يمدّ الحزب بجرعة “إنعاش” لكسب الوقت، ويرمي بطوق نجاة لرئيس الجمهورية الذي يمانع السياسة الأميركية في عدم إشراك الحزب بالحكومة، ويعيد تعويم التسوية والعهد بطريقة ما.
من المسلم به أن باريس وواشنطن تلتقيان على اعتبار “حزب الله” مشكلة في لبنان. أما الإختلاف فحاصل في طريقة التعاطي مع هذه المشكلة. فالرئيس ماكرون يتبع سياسة الإحتواء والترغيب ويرفض منطق المواجهة مع “حزب الله” وسياسة “الترهيب” والضغوط والعقوبات، ويرى أن هذا الأمرسيقود الى إضعاف وتدمير لبنان وليس “حزب الله”. أما الأميركيون فماضون في محاصرة الحزب وإضعافه، والمعركة ضده هي جزء أساسي من الحرب المفتوحة مع إيران على امتداد المنطقة. ولكن يبقى أن السياسة الأميركية تجاه لبنان ما زالت غير مستقرة ولا ترسو على تو ّجه نهائي ورؤية واضحة. فهناك المتشددون الذين يرون أن إنهيار لبنان يؤدي الى إنهيار “حزب الله” معه. وهناك من يعتبر أن إنهيار لبنان يقّوي الحزب، كونه الأقوى والأكثر تنظيمًا وتماسكًا وقدرة على الإستثمار في الفوضى.
واستطرادًا، ثمة فارق أيضا في الخلفية المحركة لطرح الإصلاحات والهدف منها: الفرنسيون يطرحون الإصلاحات كشرط لمساعدة لبنان ويربطون بين الإصلاحات والمساعدات، ويريدون الإصلاحات ساحة إختبار لنوايا الطبقة السياسية ومدى استعدادها للإنخراط في مكافحة الفساد. أما الأميركيون فيضيفون هدفًا آخر ويذهبون الى أبعد. فالهدف من الإصلاحات هو إضعاف قبضة “حزب الله”وإمساكه بالحكومة والدولة، إضافة الى تغيير منظومة الفساد ويعتبرون أن “حزب الله” يمثل “رأسها”. ولكن الموقف الأميركي طرأت عليه ومنذ مطلع العام تعديلات ومؤشرات جديدة نتيجة التغيير الذي طرأ على مسار المواجهة الأميركية ـ الإيرانية بعد إغتيال اللواء قاسم سليماني، وحيث يشكل “حزب الله” جزءا من هذه المواجهة. وهو ما عّزز القناعة الأميركية بأن مراعاة الوضع الداخلي اللبناني ومقتضياته لم تعد ممكنة، وأن المساكنة القائمة بين “حزب الله” والقوى السياسية الحليفة لواشنطن تحت سقف حكومة واحدة لم يعد إستمرارها ممكنا ومجديا وكان سقوطها واحدا من نتائج التطورات والتظاهرات الشعبية غير المسبوقة.
هذه هي الخلاصة التي أنتهت إليها سنة 2020، وقد جيرّتها إلى سنة 2021، بما تحمله من هموم ومشاكل وتشابك مصالح بين الداخل والخارج، وهذا ما يؤثرّ حتمًا على التشكيلة الحكومية، التي عادت إلى نقطة الصفر، مع نصائح فرنسية جديدة للرئيس المكلف بأمرين، الأول ألا يعتذر، والثاتي محاولة الإنفتاح والتواصل مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل.
مواضيع ذات صلة :
عراقجي: سنرد على أي هجوم من دون تسرّع | البنتاغون: لم نكن على علم بهجوم ايران من قبل | أدرعي: سقوط عدد قليل جدًا من الصواريخ في اسرائيل |