2021 من أسوأ أعوام لبنان: أوّله “كورونا” وفقر وآخره جنون الدولار
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن” :
لا يختلف اثنان في صيدا على اعتبار 2021 من اسوأ الاعوام التي مرّت على لبنان خلال عقود طويلة من الزمن، وربما الأسوأ على الاطلاق، فيه بدأت تتلاشى مؤسسات الدولة، وفقدت رواتب الموظفين على اختلافهم قيمتها، وانهارت العملة الوطنية وارتفع سعر صرف الدولار بشكل جنوني، وتغير نمط كل الحياة، تحكّم فيه الغلاء والفقر المدقع، غير ان كل ذلك لم يمنع الناس من رفع الدعاء والامنيات بعام أفضل ينهض فيه لبنان من كبوته مجدداً.
مشهد صيدا في العام 2021 جاء مخيباً للآمال، وحمل كثيراً من التناقضات. توقف الحراك الاحتجاجي عند ساحة “ايليا” مقابل اشتداد الازمة المعيشية والغلاء الذي طال كل مقومات الحياة، من المحروقات والادوية الى الاشتراك بالمولدات الخاصة، وغياب الوجوه البارزة فيه إما بداعي السفر أو الهجرة او اليأس والاحباط. فالناشطة التي كانت حاضرة في الساحة دوماً غنى صالح اصبحت في كندا مهجّرة، ولم تبال بالانتقادات طالما كانت تحثّ الثوار على البقاء في الوطن، خلصت الى قناعة “سأسافر وأستمر بالنضال من الخارج”، والناشط علي الابريق صاحب نداء “يلي واقف عالرصيف ما معك حقو للرغيف”، اضطر إلى السفر بعدما عجز الحراك عن تأمين احلامه، جرّب حظه وعاد. ومن لم يسافر تبدلت أولوياته نحو السعي لتوفير قوت العيش الكريم بعيداً من السؤال والحاجة.
ويقول الابريق لـ “نداء الوطن”: “كانت سنة صعبة ومريرة، كأننا عشنا فيها دهراً، مررنا بكل التجارب، كنت أعمل في مجال التسويق نهاراً وحارساً لمدرسة ليلاً، نزلت الى ساحة الثورة عن قناعة لادافع عن حقي بالعيش الطبيعي، لكن لم نحقق الهدف، وانهارت قيمة الليرة ولم أتمكن من مواصلة تسديد قرض الإسكان لشقتي فاضطررت للتخلي عنها وبعت سيارتي “الرابيد” وسافرت مرتين محاولاً الدخول الى اليونان والهجرة وجرّبت حظي ولم أوفّق وعدت لبدء حياتي من الصفر”. ورغم التجربة القاسية، لم يعدم الابريق وسيلة للعيش حرّاً وبكرامة، يعمل اليوم بتجارة السجاد والاقمشة، ولكنه يؤكد أن “الاوضاع الاقتصادية والمعيشية ستراوح مكانها من السوء وانهيار طالما ليس هناك اي استقرار ونهوض اقتصادي ولا فرص عمل، فالانهيار المتواصل يعرقل النهوض، ولكننا لن نفقد الامل، اقول لاهلي واصحابي دوماً لقد أبتلينا بشيء أسمه الامل، وأملنا من الله وليس من الزعماء والسياسيين، ان يغير الاحوال نحو الافضل ونعيش في استقرار اجتماعي وصحي، لا نريد سوى العيش الطبيعي وهو من أبسط حقوقنا”.
في اسواق صيدا التجارية ترتفع الصرخة والأمنية معاً، يجمع الموطنون على انها اسوأ سنة في تاريخ لبنان، اولها فقر وجوع، “كورونا” ومرض وآخرها ارتفاع الدولار، ويقول صاحب احد المحال انيس حبلي لـ”نداء الوطن”: “انها الاسوأ على الاطلاق، فقدنا فيها قيمة الحياة والنعم التي كنا نعيشها، اليوم كل العائلات تعاني وتتمنى ان يكون العام القادم أفضل لجهة وقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي واستعادة لبنان عافيته”، مشيراً الى “ان هذه الامنيات أهم من “طوشة” الانتخابات النيابية المرتقبة في ايار، والتي نأمل في ان تكون استحقاقاً لمحاسبة المقصرين والذين لم يبالوا بأوجاع الناس وحجزوا على أموالهم”.
وتقول الموظفة فاتن حجازي التي كانت تتسوق بعدما قبضت راتبها الشهري باكراً قبل نهاية العام، “انه من السنوات العجاف، كل شيء غال ولا قيمة للراتب مهما كان، باتت الاصفار تتحكم بمعادلة البيع والشراء، ندعو الله ان يغير الحال الى الافضل لان بقاء الحال يعني الانتحار”.
مواضيع ذات صلة :
الدولار قرب أعلى مستوى في 13 شهراً | الدولار يتجه لتسجيل مكاسب شهرية | الدولار يستقر |