إستراتيجية دفاعية جديدة: هل فات الأوان؟
ترجمة هنا لبنان
كتبت تيليا الحلو لـ “ici beyrouth“:
ركّز الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية ميشال عون، على ثلاثة محاور رئيسية، وهي: الاستراتيجية الدفاعية، اللامركزية الإدارية والمالية الأوسع، والنهوض بالاقتصاد اللبناني.
هذه المحاور مهمّة بالتأكيد، لكنّها طموحةٌ بشكلٍ غريبٍ لا سيّما وأنّها جاءت قبل عشرة أشهرٍ من انتهاء الولاية الرئاسية.
هذه المحاور التي من المفترض أن تُطرح في بداية الولاية الرئاسية، تطرح شكوكاً حول نوايا استعراضها حالياً، بعد فشل الصفقة التي كانت تُدار بين الثنائي الشيعي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والتي كانت تُقايض على الانفراج السياسي واستئناف جلسات مجلس الوزراء.
توقيتٌ مفاجئ
هذه المحاور كان على الرئيس عون أن يتحدّث بها بداية ولايته، سيّما وأنّه كان أمامه 5 سنوات لتطبيقها ولكنه لم يفعل، وذلك وفق ما يقول الوزير السابق بطرس حرب لـ”Ici Beyrouth”، مضيفاً: “لو كان الرئيس عون يريد حقاً تطبيق هذه المحاور لما انتظر كثيراً”.
ويرى حرب أنّ هذه المحاور هي جزءٌ من من سياسة الإنقاذ التي أعلنت عشية الانتخابات التشريعية، وقد جاءت في وقتٍ خسر فيه التيار الوطني الحر الكثير من قاعدته الشعبية المسيحية.
في السياق نفسه يصف حرب خطاب عون بـ “وعود بلا مستقبل، فحزب الله لن يقبل أبدًا أن يرى هذا البرنامج ضوء النهار”.
ويستغرب الوزير السابق دعوات رئيس الجمهورية المتكررة لإعادة تفعيل العجلة الحكومية، المعطّلة من قبل الثنائي الشيعي، وانزعاجه من الحصار الذي فُرض من قبل هذا الفريق على العمل الحكومي، في حين أنّه هو نفسه كان قد عطّل البلاد لعامين ونصف كي يصبح رئيساً للجمهورية.
هذا الرأي يتقاطع مع مصدرٍ مقرّبٍ من القوّات اللبنانية، والذي لا يخفي استنكاره لامتناع الرئيس عون عن استغلال وصوله إلى السلطة لممارسة الضغط على حزب الله، الأمر الذي كان من شأنه أن يمنع تدهور العلاقات مع دول الخليج وتفاقم الأزمة السياسية.
ويرى المصدر نفسه أنّ المواقف الرئاسية الأخيرة، جاءت متأخّرةً، وأنّها قبل كلّ شيء مدفوعةٌ باعتباراتٍ شخصيةٍ لا وطنية.
استراتيجيةٌ متعثّرة
وكان الرئيس ميشال عون قد شدّد في خطابه على ضرورة تطوير استراتيجيةٍ دفاعيةٍ تكون المسؤولة الحصرية عن أمن الدولة اللبنانية وحدودها، ودعا إلى حوارٍ وطنيٍّ في أسرع وقتٍ ممكن.
هذا النداء يعتبر مفاجئاً من قبل الرئيس عون، فهو سبق له أنّ وفّر غطاءً لسلاح حزب الله منذ العام 2006، بذريعة أنّ الجيش غير قادرٍ على الدفاع عن لبنان لوحده. وبالتالي موقفه وفق مصادرٍ قوّاتيةٍ لا يُعدُّ عرَضياً، إذ يتّهم عون أيضاً حزب الله بالتخلّي عنه في ملفّ الطعن المقدّم من قبل تيّاره أمام المجلس الدستوري، والذي كان يأمل من خلاله إبطال التعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخابات.
إلى ذلك يشكّك منتقدو قصر بعبدا في أسس دعوة الرئيس عون لاستراتيجيةٍ دفاعيةٍ وحوارٍ وطني، وإن كانت هذه الدعوة استكمالاً لمبادرة الرئيس ميشال سليمان الذي سبق وأطلق حواراً حول الاستراتيجية الدفاعية.
وكان الرئيس ميشال سليمان قد دعا الفاعلين السياسيين اللبنانيين عام 2012 إلى مؤتمر الحوار الوطني بهدف “إبعاد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والمنظمات الدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية، والأزمات والتوترات”، ونتج عن هذه المبادرة “إعلان بعبدا”، وهو اتّفاقٌ لم يحترمه أبداً حزب الله والذي لا يزال حتى اللحظة متورّطاً عسكرياً في سوريا والعراق واليمن.
ما هي الانعكاسات على الوضع السياسي الراهن؟
“الاستراتيجية الدفاعية هي تحديد عدوٍّ أو أكثر بالإضافة إلى خطرٍ أو أكثر يهدد لبنان داخلياً وخارجياً. لذلك، من الضروري تحديد الحلفاء والوسائل المتاحة والكافية لمواجهة المحن”، بهذه العبارة يشرح الجنرال المتقاعد والمحلل الجيوسياسي والاستراتيجي خليل الحلو، طرح الرئيس عون لـ”ici Beyrouth”.
ويسأل الحلو: “كيف يخطّط الرئيس عون لتطوير الاستراتيجية الدفاعية في السياق الحالي، في حين أنّ لبنان على خلافٍ مع دول الخليج وفي وضع غير مستقرّ مع الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة؟ وكيف سيقبل حزب الله أن يصبح دوره محسوباً لصالح الجيش؟”.
نحو تغيير النظام؟
وكان الرئيس عون قد تحدّث أيضاً عن تغييرٍ في النظام مرتبط بشكلٍ جوهريٍّ بالاستراتيجية الدفاعية، ما دفع بالجنرال الحلو إلى التأكيد أنّ “الرئيس عون قد أقسم اليمين كي يكون ضامناً للدستور، وبالتالي لا يمكنه السعي لتعديله في نهاية ولايته”، موضحاً أنّ “أحد المبادئ الأساسية في ممارسة السلطة هو أنّ المرء لا يشرّع تحت ضغط السلاح، لأنّ من يمتلك هذه الأسلحة هو الطرف الغالب. بمعنى آخر تغيير النظام غير مقبول مع وجود مجموعةٍ مسلحةٍ تحتجز الشعب اللبناني كرهينة”.
ويتابع الحلو: “عندما تتساوى جميع الأطراف اللبنانية، ونكون من دون أسلحة ومنظمات شبه عسكرية، حينها سيكون بإمكاننا التحقّق ممّا إذا كان الدّستور اللبناني يضمن المصالح العليا للبلد أم لا، وما إذا كانت المشكلة الحقيقية هي في المسؤولين الموجودين في لبنان أم في الدستور”.
مواضيع ذات صلة :
في لبنان ما يستحق الحياة | نعيماً يا قاسم! | الجيش الإسرائيلي: استهدفنا مقرات قيادة لـ”الحزب” في الضاحية |