العلامات التجاريّة العالميّة تهجر لبنان… فهل من أملٍ بالعودة؟
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:
“بيروت عاصمة الموضة”، فلطالما وُصفت بيروت بأنّها منبع الموضة والجمال، هي التي صدّرت أهمّ وأكثر مصمّمي الأزياء إبداعاً نحو العالم، ليصبحوا من الخيارات الأولى عند أهمّ وأشهر النجمات العالميّات، واستقبلت في جوار متاجرها الماركات العالميّة الأكثر انتشاراً في دول العالم! لكن عام 2020 ليس كما قبله! فبدءاً من ثورة 17 تشرين 2019 وحتى يومنا هذا، عدد كبير من الماركات العالميّة أو ما يُعرف بالـ Brands، هجرت لبنان، في خطوةٍ كانت متوقّعة، تزامناً مع الانهيار الاقتصادي والمالي والفوضى السياسيّة في البلد. وما زاد الطين بلّةً أيضاً، هو كارثة انفجار مرفأ بيروت الذي دمّر معالم أساسيّة من المدينة وألحق أضراراً ضخمة بدور الأزياء في العاصمة، وكذلك بمتاجر الماركات الفخمة الموجودة هناك. ما رسم بداية النهاية، لهذا التواجد العالمي الذي يغني لبنان ويسمح له بأن يكون علامةً بارزةً في مجال الموضة والأزياء في العالم.
إلى ذلك، أكثر من 45 ماركة عالميّة معروفة، وعلامات تجاريّة، من ألبسة، أحذية ومستحضرات تجميل، على غرار Adidas و H&M و Victoria’s Secret و Brands for Less، كذلك American Eagle وغيرها… قد أغلقت فروعها داخل لبنان، منذ عام 2019. فتهافت اللبنانيون من كلّ المناطق، بهدف الاستفادة من حسوماتٍ أعلنتها إدارات العلامات التجاريّة قُبيل الإقفال النهائي وهجرة لبنان نهائياً، ما شكّل طوابير مزدحمة أمام هذه المحلّات.
وفي هذا السياق، كان لا بدّ من إجراء مقابلة خاصة مع رئيس الجمعيّة اللبنانيّة لتراخيص الامتياز السيّد يحيى قصعة. وفي حديثه لـ “هنا لبنان”، أكّد أنّ بعض الماركات العالميّة قد ودّعت لبنان وليس كلّها. وهجرة الـ Brands حصلت على مراحل خلال السنوات الثلاثة التي مرّت، فالمرحلة الأولى هي عبارة عن إعادة تموضع، بمعنى تقليل عدد الفروع. المرحلة الثانية، هي إغلاق بعض من العلامات، التي تمتلكها مجموعة كبيرة مثلاً والمعروفة بالـ fashion industry. أمّا المرحلة الثالثة فهي الإغلاق التام، كالذي شهدناه مؤخّراً.
وبالنسبة للأسباب التي دفعت بالعلامات التجارية إلى الإغلاق فيقول: “السبب الرئيسي هو انخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين، بفعل تدهور العملة الوطنيّة، ما دفع باللبنانيين إلى التركيز على شراء الأساسيات بدل الكماليّات. ما حدث في السنوات الثلاثة الماضية كان كارثيّاً، لذا انخفض التوجّه نحو الماركات الفخمة والباهظة الثمن. ومن الأسباب الأساسيّة أيضاً، هي فوضى سوق الصرف وتقلّب سعر صرف الدولار يومياً، ما يعني انّه لا استقرار اقتصادي وتجاري وهذا ما يتناقض مع طريقة عمل الشركات العالميّة الكبرى”.
أمّا عن تداعيات هذه الأزمة فيقول قصعة: “قد نلاحظ نتائج إيجابيّة على صعيد الماركات اللبنانيّة وإبداعاً أكثر من خلال خلق ماركات جديدة، لأنّها ستأخذ مساحة أكبر في السوق، وفرصة أكبر لزيادة أرباحها. لكن على المدى الطويل، هجران الماركات العالميّة للبنان سيؤثّر سلباً على التفاعل مع السوق اللبناني، وعلى إمكانية أن يجد المستهلك النوعيّة التي يرغب بالحصول عليها، ناهيك عن صرف عدد كبير من الموظفين الذين باتوا عاطلين عن العمل”.
ولكن هل من أمل في العودة؟ برأي قصعة، عودة وجود الماركات العالميّة إلى لبنان يحتاج إلى استقرار ثابت، أي لا يقلّ عن سنة أو سنتين متواصلتين، وذلك لنسترجع ثقة الشركات العالميّة من جديد. لكن على نطاق لبنان، فإنّ التجار “مغامرين”، لذا من الممكن أن يشتروا من جديد وبسرعة ماركات فُقدت من السوق، ويضمّوها إلى مجموعاتهم، وفعلاً هذا ما حصل مؤخّراً بعد إقفال عدّة ماركات عالميّة. وبالتالي من الممكن المنافسة على امتلاك brands عالميّة مطلوبة في السوق.
وختم قصعة بالقول: “نأمل عودة العلامات التجاريّة من جديد إلى جوارنا، للمحافظة على صورة لبنان ومكانته وسمعته المميّزة في أسواق الشرق الأوسط وشمال والعالم العربي”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مساحات البناء المرخّصة تراجعت.. فهل يعاود القطاع نشاطه؟ | هاجس انقطاع الأدوية يرافق اللبنانيين… فهل من أزمة جديدة؟ | أشجار زيتون الجنوب من عمر لبنان… “قلوبنا احترقت عليها!” |