لبنان محكومٌ باتجاهين.. ما الحل؟
ترجمة هنا لبنان
كتب ميشال توما لـ “ici Beyrouth“:
كأيامٍ يتمّ قلب صفحاتها ببطء، يمرّ لبنان ويغرق بأزمةٍ خطيرة، وقلّةٌ من صنّاع القرار السياسي هم الذين يدركون أبعادها.
أمام لبنان في العام 2022 استحقاقاتٌ حاسمةٌ على المستوى المحليّ، وتحدياتٌ خطيرةٌ يجب مواجهتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
في سياق كل ذلك، يبدّد السياسيّون اللبنانيّون مصير البلد بأكمله، ومصير الشعب لصالح الحسابات الحزبية الضيّقة والانتخابية، ولصالح المصالح الشخصية والغرور.
ومع بداية هذا العام الجديد، نجد أنّ هناك توجّهان متناقضان تماماً، لهما تأثيراتٌ معاكسة، وتنعكس أولى هذه الاتجاهات في الخطاب المتلفز الذي ألقاه مؤخراً أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ليل الإثنين، والذي هاجم فيه السعودية متهماً إياها بـ “الإرهاب” ومدعّياً أنّها تأخذ “آلاف اللبنانيين كرهائن”.
وهذه العبارة أراد منها السيد نصرالله الردّ على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
وكان نصرالله قد تجاهل بغطرسةٍ واضحةٍ استنكار الرئيس ميشال عون في آخر إطلالةٍ له التدخّل في الشؤون الداخلية للعرب، وأشار إلى أنّه لا يعلم ما هي مصلحة اللبنانيين في التورّط بصراعاتٍ إقليميّة.
من خلال العمل على توتير علاقة لبنان مع أميركا والسعودية، يؤكّد نصرالله مجدداً أنّ أولويته هي المحور الذي يقوده المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، ويقول أمام الملأ أنّه غير معنيٍّ لا بمواقف رئيس الحكومة ولا رئيس الجمهورية، ولا سائر الأطراف السياسية.
في مقابل هذا الموقف، يبرز التوّجه الآخر المعارض، والذي يركّز على الحسابات الحزبيّة والانتخابية، واللافت أنّ كل من هذين التوجهين على تعارضهما، يلتقيان عند نقطةٍ واحدةٍ وهي مستقبل لبنان.
ولبنان اليوم ممزّقٌ حرفيًّا بين قوّتين، الأولى تحاول دمجه في مشروعٍ إقليميّ، والثانية تُغرقه في هاويةٍ لا نهاية لها من التقلبات والمنعطفات السياسية التي تشكّل عائقاً أمام خطةٍ شاملةٍ ومتكاملةٍ للتعافي.
لذا، على القوى السيادية توحيد صفوفها وجهودها لتطوير مشروعٍ وطنيٍّ يكون أساسه الحياد الإيجابيّ والحفاظ على خصوصية لبنان التي شكّلت أهم أسباب وجوده في هذه المنطقة من العالم. وهذا لا يعني أنّ على هذه الأطراف إلغاء خصوصياتها الحزبية أو إخفاء أيّ نقاشٍ سياسيٍّ ديمقراطيّ، بل يمكن ذلك على أن يكون الهدف المنشود خوض معركةٍ سلميةٍ حول هدفٍ مؤسسيٍّ محددٍ للغاية: استعادة سيادة الدولة، والتي بدونها يكون أيّ مشروعٍ إصلاحيٍّ ليس إلّا واجهة.
لبنان اليوم يحتاج إلى قادةٍ يتمتّعون بصفات رجل الدولة، قادرين على تجاوز الخلط بين ثوابت الأمّة والحسابات الحزبية الصغيرة بين التحالفات الخارجية المتوازنة والإبادة الكاملة – لصالح المغامرات العابرة للحدود – والمصالح اللبنانية الأساسية.
مواضيع ذات صلة :
الراعي: لبنان لم ينتهِ ولن ينتهي بوجود قديسيه | الراعي يعبر عن أسفه لتصاعد الحرب ويؤكد على أهمية القمة الروحية | الراعي ينقُل خوف البابا على الوجود المسيحي في لبنان |