الأزمة تضرب “البرستيج”: لبنانيون يبحثون عن كسوتهم في أماكن الألبسة المستعملة
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان” :
كسرت الأزمة الاقتصادية “برستيج” اللّبناني بعد أن فُرض عليه أسلوب حياةٍ جديد، وبين ليلة وضحاها ازدهرت صفحات بيع وشراء الأغراض المستعملة التي أنشأها أصحابها لتكون بمثابة محلاتٍ تجاريّةٍ افتراضيّة.
“لا أخجل أبداً أن أقول بأنّ ثيابي مستعملة”، هذا ما تؤكّده رانيا معلمة المدرسة لـ “هنا لبنان” والتي تبحث عبر صفحات مواقع التّواصل الاجتماعي وتطبيقات البيع والشّراء عن ثياب مستعملة تستطيع الذهاب بها إلى عملها.
وتتابع “يعرفني أصدقائي بحبي لشراء الملابس، قبل الأزمة كان باستطاعتي شراء قطعتين أو أكثر كل شهر حيث كانت الأسعار تتراوح بين 100 ألف و200 ألف ليرة لبنانية للقعطة، أمّا اليوم فيمكن أن يتخطى سعر القطعة الواحدة المليوني ليرة”.
وتضيف “بفضل هذه الصفحات أستطيع الحصول على كلّ ما أريد بأسعار مخفضة، فمثلاً يمكنني شراء كنزة وبنطال وحذاء بسعر 250 ألف ليرة، من أشخاص يحتفظون بها في خزائنهم”.
أمّا روان الطالبة الجامعية فأنشات صفحةً على”الفيسبوك” لبيع أغراضٍ مستعملةٍ تحتفظ بها على رفوف خزانتها كي تستطيع تأمين مصروفها اليومي.
وتقول: “بدأت ببيع أغراضي وأغراض أخي بأسعارٍ مشجعة، وبعد فترةٍ أصبحت أشتري الأغراض المستعملة وأعرضها على صفحتي”.
وتبيع روان كلّ ما يخطر بالبال من ثيابٍ إلى أثاثٍ منزلي إلى الإلكترونيات، بأسعار مدروسة حيث تبحث عن سعر السلعة الحقيقي في السّوق وتخفّض 50% من ثمنها إذا كانت بحالٍ جيدة.
وظهرت الطبقة الوسطى بقوة في أسواق البالة بعد أن كان معظم روادها من الطبقة الفقيرة، إذ يؤكّد محمد عوض صاحب محل بالة في منطقة الطريق الجديدة أنّ النّاس من الطّبقة الوسطى باتوا يقصدون “البالة” بشكلٍ لافت، بحثاً عن التّبضع بشكلٍ عام لشراء حاجياتهم الأساسية والعمليّة مثل الملابس والأحذية وغيرها.
ويضيف “صحيحٌ أنّه في “البالة” تباع الألبسة المستعملة إلا أنّ بعضها مستورد وندفع ثمنها بالدّولار، ورغم ذلك بقيت أسعارنا مقبولةً مقارنةً مع المحلات التّجارية المعروفة، ولم تقفز مع تقلبات سعر صرف الدّولار في السّوق السّوداء، لأنّ سعر الجمرك ما زال على الـ 1500، ولكنّ الكارثة ستحلّ إن تمّ رفع رسم الجمرك، وهذا إن حصل فحتماً سترتفع أسعار بضائعنا، وبالتالي سيعجز المواطن حتى عن شراء الألبسة المستعملة”.
ويلفت عوض إلى أنّ زبائن سوق البالة اليوم هم من طلاب الجامعات والموظفين ومعلمات المدارس.
وفي الإطار ذاته يشير الخبير في الشّؤون الماليّة والضّريبية جمال القعقور إلى أنّ الانهيارات الاقتصادية في لبنان أثّرت على غالبيّة القطاعات والنّشاطات الماليّة، خصوصًا أزمة تدهور سعر الصرف، ما دفع التّاجر إلى زيادة أسعار السّلع لديه لضمان حقّه وعدم الوقوع بالخسائر. وأيضاً الدولة تسعى إلى لملمة خسائرها من خلال الحديث عن زيادة الضرائب وأسعار الخدمات وزيادة سعر الدّولار الجمركي.
ويلفت إلى أنّه أمام هذا الواقع يدفع الثمن الأكبر المواطن صاحب الدّخل المعدوم ولا أحد يسأل عن حقوقه المهدورة، ما أدى إلى تغيير أنماط الحياة لدى غالبية الشّعب، فمنهم من استغنى عن استهلاك اللحوم وحرم من الحد الأدنى للحياة التي كان يعيشها في ظلّ دولةٍ فاشلةٍ لم تعمل على حفظ كرامة الوطن والمواطن.
ويضيف: “كما غيرت الأزمة الاقتصادية والمالية كثيراً من مفاهيم المواطن اللبناني وسلوكياته حيث بدأ يلجأ إلى طلب الأغراض المتستعملة لتأمين متطلباته الأساسيّة بعد أن تدهورت قدرته الشرائيّة وانهار مستوى معيشته”.
ويتساءل: “إلى متى سيستمرّ قهر المواطن وحرمانه من الحصول على أدنى مستويات العيش، وتحميله كلفة زيادة الأسعار، وخصوصاً أسعار المحروقات التي أصبحت تعادل أضعاف أضعاف دخله؟”
ويختم “الفرصة الوحيدة إن حصلت هي تغيير الطّبقة السّياسيّة كلّها في الانتخابات النّيابيّة المقبلة. كفانا ذلًّا وقهرًا ولتكن أوجاعنا حافزاً للتغيير والبدء ببناء مستقبل للجيل الجديد”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
خسائر القطاع الزراعي وصلت إلى 70% ..”والحبل على الجرار” | تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ |