قنابل موقوتة داخل المنازل رهن توقيع وزير!
كتب إيلي صرّوف لـ “هنا لبنان” :
أن تكون لبنانيًّا منذ أكثر من 10 سنوات، لا يعني فقط أنّه بات لديك الحقّ في الترشّح أو الاقتراع بالانتخابات النّيابيّة، بل يشير أيضًا إلى أنّك معرَّضٌ أكثر من غيرك، لتفقد حياتك وأنت داخل منزلك، بسبب رصاصةٍ طائشةٍ، انفجارٍ عرَضيٍّ، تفجيرٍ متعمَّدٍ، أو حتّى بسبب قارورة غاز؛ لم تكن على يقينٍ أنّها أشبه بقنبلةٍ موقوتةٍ مزروعةٍ بين أفراد عائلتك.
عام 2015، صدر قرارٌ يقضي باستبدال قوارير الغاز القديمة بأُخرى جديدة، نظرًا لخطرها، سواء كانت موجودة في المنازل أو المطاعم أو الأفران أو غيرها من الأماكن. غير أنّ وزير الطّاقة والمياه الحالي وليد فيّاض، لم يوقّع القرار حتّى الآن، لأسباب مجهولة.
في هذا الإطار، يُعرب رئيس نقابة العاملين والموزّعين في قطاع الغاز ومستلزماته في لبنان، فريد زينون، في حديث لـ”هنا لبنان”، عن استغرابه “عدم إقرار استبدال القوارير القديمة بالجديدة، على الرّغم من أنّ الأموال اللّازمة لهذه العمليّة، والمقدَّرة حاليًّا بمبلغ 70 مليار ليرة لبنانيّة، مرصودة في حساب الوزارة”، مشدّدًا على أنّ “الأموال موجودة والآليّة كذلك، ويبقى على فيّاض أن يوقّع هذا القرار، لإزالة خطر القوارير القديمة والحفاظ على السّلامة العامّة”.
ويوضح أنّ “القوارير بحاجة إلى صيانة مستمرّة، فالحديد يتعرّض للاهتراء، وأنّ القرار كان ينصّ على استبدال 4 ملايين قارورة، خلال 5 سنوات ونصف السّنة، وقد استُبدلت حتّى الآن 3 ملايين و100 قارورة، أي أنّ العدد المتبقّي هو نحو 900 ألف”.
ويلفت إلى أنّ “بعد الانتهاء من استبدال الـ 4 ملايين قارورة، يجب القيام بإحصاء جديد لمعرفة الأعداد المتبقّية على كامل مساحة لبنان، لتعديل القرار واستكمال العمليّة وتُصبح بالتّالي كلّ قوارير الغاز المنزلي سالمة ولا تشكّل خطرًا على الأفراد”، مبيّنًا أنّه “عندما يوقّع الوزير، على الفور يتمّ البدء بتصنيع قوارير الغاز الجديدة، وتزويد السّوق بها”.
استبدال القوارير ليس هَمّ النّقابة الوحيد في هذه الفترة، فقد طالبَت منذ أسابيع، رئيس الحكومة والوزراء المعنيّين، بدعم الغاز على الأقلّ خلال الشّهرين المتبقيَّين من فصل الشّتاء، ليتمكّن النّاس من استخدامه للتّدفئة.
وإذ يفيد زينون بأنّ “نسبة الاستهلاك تراجعت مع ارتفاع أسعار قوارير الغاز”، يشير إلى أنّ “في ظلّ التّقنين القاسي للكهرباء، يتمّ اللّجوء إلى دفّايات الغاز، لكنّ ثمن قارورتين بات يوازي أو حتّى يفوق الحدّ الأدنى للأجور، والجميع يعرف صعوبة الواقع الاقتصادي؛ ولا قدرة لكثيرين على شراء المادّة للتّدفئة. وعلى الرّغم من تحذيرنا ومطالبتنا بدعم الغاز، إلّا أنّنا لم نلقَ جوابًا ولم يهتمّ أحدٌ لأمر المواطن، سواء مرِض أو مات من البرد والصّقيع”.
ويركّز على “أنّنا لا ننظّر، بل ننقل الواقع ونوصل المعاناة الّتي نعاينُها، وأتمنّى على وزير الطّاقة أن ينزل إلى الأرض، ويرى القوارير المهترئة الّتي يستخدمها النّاس في منازلهم”، مشدّدًا على أنّ “كلّ المطلوب منه أن يوقّع القرار، فهذه مشكلة أساسيّة تهدّد الجميع”.
من جهة ثانية، تكثر الأخبار بين الحين والآخر، عن أزمة غاز تلوح في الأفق، إلّا أنّ زينون يكشف أنّه “منذ رفع الدّعم عن الغاز، باتت الشّركات المستوردة تشتري المادّة بالدولار. ومع إصدار جدول تركيب الأسعار يوميًّا، الّذي يتماشى مع سعر صرف الدّولار في السّوق السوداء، ومع الأسعار عالميًّا، لم تعد هناك مشاكل”.
ويؤكّد أنّ “الغاز متوافر، وانقطاعه سابقًا كان بسبب عدم فتح الاعتمادات اللّازمة أو التأخّر بالموافقات المسبَقة. لكن الآن، باتت الشّركات تستورد المادّة مباشرةً وتسلّمها للموزّعين باللّيرة اللّبنانيّة، وهُم بدورهم يسلّمون المستهلك باللّيرة”.
إذًا، لا خوف من انقطاع الغاز في الوقت الحالي، لكن السّؤال هل سيبقى المواطن قادرًا على شراء القوارير أقلّه لتحضير الطّعام، أمّ أنّ حلم المسؤولين بإعادتنا إلى زمن الطّبخ على الحطب سيتحقّق؟ وهل سينجو هذا المواطن من انفجار قارورة الغاز في منزله، أم أنّ الوزير سينفّذ عمليّة الاستبدال قبل وقوع الكارثة؟ وإذا كان الأخير يُدرك ما يفعله، فمصيبة، وإذا كان على غير دراية بنتائج فعلته، فالمصيبة أكبر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تحرير سعر ربطة الخبز… إلى 65 ألف ليرة سِر! | في سيناريوهات الحرب: مصير لبنان النّفطي معلّق بالممرّ البحري | جنود المستشفيات جاهزون للحرب… بشرط |