مسلسل أميركي طويل… ما جديد العقوبات على “الحزب”؟
كتب طوني عطية لـ “هنا لبنان” :
منذ العام 1997، وضعت الولايات المتحدة الأميركية بإدارة الرئيس الديموقراطي آنذاك بيل كلينتون، “حزب الله” على لوائح المنظمات الإرهابية الخارجية، لترفعه بعد ذلك إلى قائمة الإرهاب الدولي عام 2001، دون أن يؤدي ذلك إلى فرملة نشاطاته أو قطع ارتباطاته بمنظمات وحكومات مصنّفة أميركياً وأوروبيّاً إرهابية، حيث أشارت آلاف التقارير والمذكرات التي نشرتها “وكالة الإستخبارات الأميركية” وقتها، إلى مدى عمق العلاقات والإتصالات بين “الجمهورية الإسلامية في إيران” وذراعها اللبناني “حزب الله”، بتنظيم القاعدة حتى بعد هجمات 11 أيلول الشهيرة. وتوالت عقوبات البيت الأبيض، لتطال “الإقتصاد الأسود” لحزب الله، حيث أقرّ الكونغرس الأميركي عام 2015 قانون مكافحة التمويل الدولي لحزب الله بعد اتهامه بتنشيط شبكات المخدرات وتبييض الأموال والإتجار بالأسلحة والبشر، وصولاً إلى قانوني “ماغنتسكي” الذي يخوّل الإدارة الأميركية فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان من خلال تجميد أصولهم المالية المالية، وحظرهم من الدخول إلى الولايات المتحدة، و”قيصر” الذي أقرّه مجلس الشيوخ في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يطال الأفراد والمنظمات والشركات الذين يقدّمون المساعدات أو التمويل للنظام السوري.
في آخر حلقاتها، فرضت وزارة الخزانة الأميركيّة، مطلع الأسبوع الجاري، عقوبات على شبكة دوليّة مرتبطة بـ”حزب الله”، طالت عدنان عياد، وشريكه التجاري عادل دياب، وعددًا من أعضاء شبكة دولية من الوسطاء والشركات المرتبطة بهما.
هل من دلالات سياسية في مواقيتها الداخلية ونحن على مشارف الإنتخابات النيابية في لبنان، والخارجية على وقع مفاوضات فيينا؟
يقول العميد المتقاعد والأستاذ الجامعي وأحد أبرز مؤسسي “الجبهة المدنية لإستعادة لبنان الدولة والمؤسسات”، أنطوان كريم، في اتصال مع “هنا لبنان”، إن “العقوبات الأميركية على حزب الله، أصبحت عملًا روتينيًّا، وهي بالتالي لا تقدّم ولا تأخّر، لأنّها دون المستوى المطلوب، ولن تشكّل عائقاً على حركة حزب الله السياسية والعسكرية والأمنية، ولا على نشاطاته الخارجية”، معتبراً أن “من يملك مئات الشركات والشبكات والأفراد المساهمين في تمويله، لن تضرّه بعض العقوبات، ولن تثنيه عن تنفيذ مشاريعه وأجندته الإقليمية، رغم تصريح وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون، بأن جهود الخزانة هي لاستهداف محاولات (حزب الله) المستمرة لاستغلال القطاع المالي العالمي والتهرب من العقوبات الأميركية”.
واعتبر أن توقيت العقوبات قبل الإنتخابات النيابية، هو “مجرّد تذكير غير مجدٍ من الإدارة الأميركية، بأنها لا تزال تقف إلى جانب الشعب اللبناني في مسيرته الطويلة نحو تحقيق السيادة والإصلاحات ومحاربة الفساد”، مستبعداً في هذا الإطار إمكانية حدوث أي تغيير حقيقي في انتخابات 2022 في حال حصولها، لأن “القوة التغييرية عند الشعب اللبناني غير متوفّرة بالشكل اللازم، مع تحوّل أكثرية المواطنين إلى معدمين وفقراء، تصعب عليهم القدرة على تحقيق الخرق الكبير، وسط انعدام الطبقة الوسطى، وتشتّت الأقلية النخبوية وعدم رصّ صفوفها في مواجهة سلطة منظّمة تمتلك كافة الوسائل والإمكانيات الماديّة واللوجستية”.
وختم الجنرال كريم قائلاً “إن التعويل على العقوبات الأميركية هو مسلسل طويل ونهايته غير مضمونة وليست واضحة، وإن الإتكال الحقيقي رغم مأساوية الواقع، يبقى على إرادة اللبنانيين في تحقيق خلاصهم”.
من جهّته، يعلّق الصحافي والباحث في الشؤون الدولية جورج عيسى، على ملف العقوبات، بربط تداعياته غير المباشرة على الوضعية الداخلية للإدارة الأميركية في إطار مفاوضاتها في فيينا، فيقول: “إن إدارة بايدن التي تخضع لضغوطات كبيرة من جانب الحزب الجمهوري واتهامه بتقديم تنازلات كبيرة لإيران في ملفها النووي، يهمّها أن تبرهن عكس ذلك، في أنها مستمرّة بفرض عقوبات قاسية على أذرعة طهران في المنطقة”.
وأشار في هذا الإطار إلى أن الرئيس الأميركي “قد صرّح لدى سؤاله بشأن إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب، بأنه سوف يدرس الموضوع ما يعرّضه إلى مزيد من التحديات والمواجهات الداخلية الأميركية”.
وأضاف أن “هذه الرزمة الجديدة من العقوبات، قد تخفف من هجوم الجمهوريين على بايدن داخل مجلس النواب، الذين يعدّون دراسة تشير إلى ارتفاع احتياط العملات الأجنبية في الجمهورية الإسلامية في إيران بسبب غض الإدارة الحالية الطرف عن تنفيذ العقوبات النفطية بحقّ طهران”.
وفي سياق توقيت العقوبات، ختم عيسى قائلاً “إنه من باب التحليل، يمكن الحديث عن دور أوروبي فرنسي باتجاه فرض الإدارة الأميركية للعقوبات الجديدة على حزب الله، رغم التمايز في ملف تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية، وهذا التشجيع الفرنسي للعقوبات، مردّه إلى امتعاض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وخيبة أمله، جرّاء عرقلة حزب الله المهيمن على السياسة اللبنانية، لإنجاز الإصلاحات اللازمة والضرورية المطلوبة من الحكومة، لمعالجة الأزمات الإقتصادية والإجتماعية التي يمرّ بها لبنان”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ما في دولارات للقمح”… الأمن الغذائي أمام كارثة حقيقية وهذه هي الحلول! | في عيد مار مارون.. أين هم الموارنة اليوم؟! | العونيّون… من الفنيقيين إلى البعثيين؟ |