المطاعم في لبنان بين الخسارة وإقبال اللبنانيين: الاستمراريّة للأقوى!
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان” :
رغم كل المصاعب التي نعيشها، والمشاكل التي نعاني منها في بلدنا، إلّا أنّ لبنان دائماً وأبداً هو عنوان الحياة والسياحة والسهر والتسلية واللقاءات الاجتماعيّة. وأكبر دليلٍ على ذلك، قطاع المطاعم في لبنان. فإذا مررتم ليلة سبت في شارع المطاعم الرئيسي في أنطلياس أو جونية، أو جبيل، أو برمانا، فستغرقون في زحمة سير بسبب كثافة اللبنانيين المتّجهين إلى إحدى المطاعم المتواجدة هناك، وحتى قد لا تجدون مكاناً في موقف السيارات لركن سيارتكم! حالات متناقضة نعيشها نحن اللبنانيون. فمع ارتفاع سعر صرف الدولار وما يلحقه من ارتفاع أسعار السلع الغذائية وفواتير المطاعم، لا تزال مرافقنا السياحيّة تعجّ بالمواطنين، الذين ربّما يدفعون فاتورة العشاء على مضض، لكّنهم يختارون محاربة الظروف المعيشيّة والاستمرار بعيش حياتهم على غرار المثل القائل، “على قد بساطك مِد إجريك”. ما يعني أنّ ليس كلّ زبائن المطعم قادرين على ملء المائدة بأشهى وأغلى أنواع المأكولات، بل بالأحرى، تجدون الأغلبيّة ممسكين “بنربيش الأرغيلة”. لكن في مقابل ذلك، كيف تستمرّ المطاعم باستقبال الزبائن وهي تعاني من تحديات عديدة أوّلها تقلّب سعر الصرف، كذلك غلاء المحروقات لتشغيل المولّدات، وطبعاً من دون أن ننسى وباء كورونا المستمرّ في التفشّي…
في تصاريح سابقة وعديدة لرئيس نقابة أصحاب المطاعم في لبنان طوني الرامي، أكّد أنّ قطاع المطاعم المشهور في لبنان والجاذب للسياح، تعرّض لخطر الانهيار، وذلك بعد إغلاق 4500 مطعم ومقهى تقريباً من إجمالي 8500 مطعم منذ اندلاع ثورة 17 تشرين 2019.
إضافة إلى أنّ هذا القطاع انخفضت أرباحه، بسبب تدنّي القدرة الشرائية لحوالي 90% من المواطنين، وطبعاً بسبب تداعيات الوضع الصحي، والخوف من الوباء. وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض المطاعم تعمل في هذه الظروف على أساس “بقدر ما تعمل، تخسر”، بسبب عدم القدرة على اللحاق بسعر الدولار وتسديد الرسوم والضرائب…. علماً أنّ قطاع المطاعم في لبنان والذي كان يوظف حوالي 160 ألف لبناني، أصبح بالكاد يوظّف اليوم 50 ألفاً.
إلى ذلك أجرينا مقابلة خاصة لموقع “هنا لبنان” مع المدير العام لمطعم “قهوة الست” في أنطلياس وبرمانا السيد راني تبشراني، وقد صرّح أنّه في ظلّ الظروف الصعبة التي تواجه لبنان من غلاء المحروقات وفقدانها، إلى فوضى سعر الصرف وتقلّباته، يواجه القطاع خطر الخسارة، إذ يحتاج يوميّاً إلى 12.000.000 ليرة بين المازوت والغاز، إضافة إلى ارتفاع الدولار ما يفرض غلاء بضاعة التجار، وبيعها بسعر يفوق حتى سعر الصرف اليومي، ما يحمّل فرق العملة على المطعم، في المقابل لا تستطيع الإدارة تغيير الأسعار يوميّاً، بل ممكن أنّ تتبدّل كلّ ثلاثة أسابيع إلى شهر.
وأضاف: “الخسارة موجودة، بسبب فوضى التسعير، ففي مثل بسيط، إذا كان صحن الحمّص يكلّف المطعم 1000 ليرة، يجب أن يسعّر بـ 3300 ليرة، لكننا نسعّره بـ 2200 ليرة كحد أقصى، وذلك لأنّ طاقة الزبون وقدرته الشرائيّة لا تتحمّل أكثر من ذلك”.
في المقابل، أكّد تبشراني أنّ إقبال اللبنانيين على المطاعم لم ينخفض رغم كل الظروف الاقتصاديّة الحاليّة، وهذا ما أنقذ المطعم من الإفلاس والإغلاق، بالرغم من حصول نسبة خسارة فعليّة. كذلك، لم يتم التخلّي عن موظفين، بل على العكس جرى توظيف العديد منهم، وتمّ رفع أجورهم بسبب غلاء المعيشة.
وعندما نتحدّث مثلاً عن شارع المطاعم في أنطلياس، لا بدّ من التطرّق إلى المنافسة التي ممكن أن تحصل بين المطاعم المتجاورة، وعن هذا الموضوع قال تبشراني: “طبعاً المنافسة موجودة دائماً، لكن هناك اتفاق بين المطاعم على توحيد سعر النرجيلة مثلاً، ولا يمكن غضّ النظر عن أنّ كلّ المطاعم في هذا الشارع تعمل وتستقبل الزبائن يوميّاً، وهذا ما ينعكس إيجاباً على كلّ المطاعم الموجودة هناك ويعطي الحياة للمنطقة ويجذب الزبائن إليها”.
أمّا عن الخطط المستقبليّة لإدارة المطعم، فقد أعلن تبشراني عن نيّة إدارة المطعم بفتح فروع جديدة في دول عربيّة وأوروبيّة كدبي والعراق، للحصول على الـ fresh dollars واستثمارها في فروع لبنان. ووجّه تبشراني صرخة إلى وزارة السياحة، داعياً إيّاها للعمل على جذب السياح الذين بدورهم يؤمّنون استمراريّة القطاع وازدهاره أكثر فأكثر.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مساحات البناء المرخّصة تراجعت.. فهل يعاود القطاع نشاطه؟ | هاجس انقطاع الأدوية يرافق اللبنانيين… فهل من أزمة جديدة؟ | أشجار زيتون الجنوب من عمر لبنان… “قلوبنا احترقت عليها!” |