“شوية تقدير” توقظ الوعي الذاتي وروح المواجهة لدى جيلَي الأطفال والشباب

كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان” :

لم تُغفل الأزمات أي نوع من الإحباط والاستياء والقلق والخوف والضياع، إلا وأذاقت اللبنانيين مرارته “بالجملة والمفرق” فرادى وجماعات، ومع كل هذا اليأس يبقى الأمل ولو نسبياً وتدريجيًّا بالخروج من دائرة السلبية قائمًا، على ألا ينتظر اللبناني تغيُر الثمار دون أن يبادر إلى تغيير البذور، وأن لا يبقى حبيس أفكاره وعاداته – التي اعتادها مرغماً – فهو أقوى من أي حزن وأكبر من أي خيبة.

“ضبط حلو!” هو الهدية التي كانت بإنتظار الخارجين من كنيسة السيدة – حومال (قضاء عاليه) الساعة 11 صباحا في 20 ديسمبر 2021 على “حاجز حلو” أما الرسالة فهي “كمشناك. أنت إنسان رائع ونعرف أن هناك صعوبات في حياتك لكننا متيقنين أن في أعماقك قوة حياة… تشجع وانطلق لتحقيق أهدافك “كرمال هيك ضبطك إنو تسمحلنا نقلك “أنت حلو”.

هي واحدة من المبادرات التي تنطوي تحت المبادرة الأم “شوية تقدير” التي أطلقها الشاب أنطوني إسطفان في العام 2019، لتكبر وتحط حالياً بين صفوف الأطفال الإماراتيين ضمن أحد أهم برامجها “القائد الناشىء” لتدريبهم المهارات القيادية وتعليمهم الثقة بأنفسهم.

ويضيف إسطفان في حديثه لـ “هنا لبنان”: “نحثهم على التفكير بإيجابية ونعمل على تنمية طموح كل منهم وتعزيزه في مركزنا في دبي، ونعمل على تحديثه ليصل إلى العالم العربي بأجمعه ومن ثم إلى العالم”.

“لما تجرب 100 مرة وما تزبط معك يعني لازم تجرب الـ 101″، و”لتلاقي حالك فكر بحالك” ، اثنان من مجموعة الأسلحة التحفيزية التي تلقاها العشرات من الشباب اللبناني في تموز 2019 في الجامعات والثانويات والمطاعم والسينما والمسارح والجوامع والكنائس والساحات كي يعطي كل منهم “شوية تقدير” لنفسه في مواجهة أبشع وأصعب التحديات.

بالنسبة لإسطفان فإن الوعي الذاتي يعد أحد أهم وسائل التمكين لأنه يمدك بالمعرفة ويتيح لك خيارات أفضل للتغير والنمو، ويؤكد أن العامل الوحيد الثابت في أي شيء يتعلق بالوعي الذاتي هو “أنت”، فهم نفسك أمر شديد الأهمية، متقاطعاً بنهجه مع الوصف الذي أعطاه الدكتور ترافيس برادبيري، مؤلف “كتاب الذكاء العاطفي” للوعي الذاتي بأنه “أحد المكونات الرئيسية للذكاء العاطفي”.

أما امتلاك الذكاء العاطفي فمهارة تخول صاحبها التعامل مع المواقف الصعبة بطريقةٍ أكثر هدوءًا، والمساعدة على إيجاد الحلول الأفضل لأي مشكلةٍ، وهذا يكون نتيجة تغيير البذور، وهذا الذكاء هو “شيءٌ يمكن العمل على تطويره مثل العضلات أو أي مهارةٍ، ومراقبة نموه مثل زهرة جميلة في حديقةٍ خلفيةٍ غير أنيقةٍ” وعند اكتمال هذا النمو تتغير الثمار.

ويوضح إسطفان أن الهدف من المبادرة أن نظهر للناس الحلوين وهي فئتنا المستهدفة قيمتهم الإنسانية ونذّكرهم بها، لانّه عندما يتذّكر المرء أنّه كيان ذو قيمة ثمينة، تتكوّن قوّة خارقة في داخله، تدفعه إلى تحقيق المزيد، لافتاً إلى أن عبارة “شوية تقدير” أتت من مبدأ تقدير الشخص للشخص الآخر، مع تبيانه له لحجم قدراته الهائلة الكامنة في داخله، ممّا يدفعه لانطلاقة عظيمة.

فاللبنانيون متمرسون على غرس نبتة الجمال في أماكن حولتها الإنفجارات إلى رماد، وكأنهم يعيدون إحياء موروث اليونانيين والبابليين مثل شاعر فذّ يُعيد كتابة الرماد، والنهوض من الغرق، نحو الصعود إلى غرس نبتة الحرية وخبز العافية. هكذا يصف المخرج العراقي جواد الأسدي اللبنانيين عند حديثه عن رحلته الأخيرة إلى بيروت.

كلام يتقاطع مع ما إكتشفته “شوية تقدير” ومفاده أن جميع الحلول التي يحتاجها اللبناني لحلّ مشاكله موجودة داخل قلبه وكيانه ووجوده. ومن ضمن الإستراتيجيات المتبعة التعديلات التي أدخلها إسطفان على بعض الأمثال اللبنانية “هدفنا كان تغيير بعض العبارات الشائعة كمثال “مش طالع من أمرك شي”إلى طالع من أمرك شي” و “أنت حلو، أنت بتقدر، أنت عظيم” وقد لمست التغيير مع تلاميذي بعدما طلبت أن يكونوا شفافين وحقيقيين بتعاملهم معي يؤكد إسطفان.

أما فريق العمل فيتألف من 45 شخصاً من اختصاصات متعددة ( social media,events team,media team,Cares team.. )، وجديده فرقة موسيقيّة في لبنان تنقل رسالة “شوية تقدير” بلغة الموسيقى بزخم كبير. وكذلك مبادرة “فشخة” وهي تقوم على تقديم تنشئة متخصّصة للأشخاص المحتاجين من أجل تطوير قدراتهم في مجال معيّن، كتعلّم أشغال يدويّة أو صنع منتوجات وتسويقها وبيعها.

وفي الختام يشكل الأشخاص الذين حققوا نجاحات كبيرة محط تركيز لدى إسطفان كباب فعال في تنفيذ مساره الطويل، متوجهاً للشباب اللبناني بنصيحتين “شوية تقدير لإلك” و”إنت حلو” ، فقط آمن وصدّق أنّك إنسان عظيم ورائع وقادر على التحقيق، آمن أنّك تستحقّ “شوية تقدير” يأتيك التقدير.

مواضيع مماثلة للكاتب:

“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر!

بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟

لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار!