صيادلة يتحولون إلى “مدمني أرباح”… أين الرّقابة؟
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان” :
من يراقب أزمة الدواء عن كثب، يعلم أن الواقع الدوائي تخطى كل الحدود، حتى أصبح المشهد كارثيًّا وموجعًا، وبات بأمسّ الحاجة لتدخل جديٍّ وحاسم، لا إلى وعود واهية، لوضع حد لمعاناة المواطن مع بعض الصيادلة الذين لم “يحترموا أخلاقيات المهنة”.
وفي تطور ملف الأدوية، تعمدت بعض الصيدليات إلى التلاعب بأسعار الأدوية المدعومة ليصار إلى بيعها بسعر مرتفع يتخطى السعر المحدد من قبل وزارة الصحة، في حين تتحجج صيدليات أخرى من انقطاع الأدوية وفقدانها كي تتفرد بالتسعير على هواها.
من صيدلية إلى صيدلية يجول محمد بحثاً عن دواء apo-propranolol ، وفور خروجه من إحدى الصيدليات في بيروت يقول: “ما حدا بقى عندو ضمير، حتى الصيدلي دخل السوق السوداء، بطل حدا يخاف الله”.
ويتابع: “بعض الصيادلة تخلّوا عن مهنيّتهم وأخلاقهم ودينهم وانتقلوا إلى صفة التجارة، لا يراعون القوانين، تمامًا كتاجر الأزمات”.
وقد استطاع محمد بأعجوبة الحصول على دوائه المدعوم ولكن بعشرة أضعاف سعره المحدد من قبل الوزارة، وهذا الدواء سعره 9500 ليرة لكن محمد حصل عليه بـ 75 ألفاً، ولما سأل الصيدلي عن فارق السعر، أجابه معللاً: هذه العلبة الأخيرة عندي ولم أحصل على الأدوية المدعومة بعد.
أما رنا فتقف في إحدى الصيدليات في منطقة عرمون بانتظار دورها، تستمع إلى الموظف الذي يتلقى طلبات الزبائن وفي أغلبها يردّد عبارة “الدواء غير موجود” أو “مقطوع”. ولما سألته عن دواء Aspicot 100mg فأجابها: حالياً ما عنا، بحاول أمنلك ياه من شي محل”.
الكارتيلات تتحكّم في كلّ مفاصل الحياة في لبنان ولا شيء يردعها عن التجارة بوجع وصحة الناس، وحده الطمع يديرها، ولكن ماذا عن بعض الصيادلة الذين حولتهم الأزمة إلى محتكرين صغار و”مدمني أرباح”؟
نقيب الصيادلة جو سلوم يوضح لـ “هنا لبنان” أنه لا يمكن لأي صيدلي أن يبيع الأدوية المدعومة بغير سعرها المحدد من قبل وزارة الصحة، فهي مختومة بطابع “مدعوم”، أما الأدوية غير المدعومة فتباع بحسب المؤشر الصادر عن الوزارة.
وعن فوضى التسعير ووجود فروق في الأسعار بين صيدلية وأخرى يقول: “تسعيرة الدواء المحددة من وزارة الصحة ملزمة للجميع والفروقات بالسعر تصرفات فردية من البعض ولا تعبر عن الحالة العامة للصيادلة والعدد الأكبر منهم ملتزم بها. أحياناً بسبب تقلبات سعر الصرف اليومية وتأخر وصول الطلبيات قد يضطر الصيدلي للتغيير في الأسعار.
ويتابع سلوم نحن كنقابة نقوم برقابة مشددة على القطاع وبجولات ميدانية مكثّفة على الصيدليات والمستوصفات لمراقبة التقيد بأسعار الدواء وضبط المخالفات ومنها الدواء غير القانوني والمهرب والمزور وغير المسجل حرصاً على حياة المرضى.
واعتبر أن حملات المراقبة واستمرار لجان التفتيش كلها اجراءات ستنعكس إيجاباً على القطاع عموماً.
وكان وزير الصحة العامة فراس الأبيض أصدر قرارًا يتعلق بالتعاون بين وزارة الصحة العامة ونقابة الصيادلة لجهة تفعيل التفتيش لضبط سوق الدواء وسعره.
وجاء فيه “إن صلاحيات المفتشين التابعين للنقابة تشمل كل المخالفات المتعلقة بقانون مزاولة مهنة الصيدلة، ومنها التقيد بالأسعار الصادرة عن وزارة الصحة العامة وعند صدور كل مؤشر وفقاً للقرارات النافذة والمتعلقة بأسعار الأدوية وضبط المخالفة”.
وأوضح المكتب الإعلامي لوزير الصحة العامة أن القرار يهدف إلى “تأكيد التزام الصيادلة أسعار الأدوية المحددة من قبل الوزارة من دون أي تعديل أو تلاعب بها، وذلك من خلال جولات مراقبة يقوم بها كل من مفتشي دائرة التفتيش الصيدلي في وزارة الصحة العامة ومفتشي النقابة.
ويحقق هذا التعاون ضبطاً لسوق الدواء وردعاً للمخالفات، حيث ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ومن دون أي تهاون بحق المخالفين.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |