أزمة لبنان الاقتصادية: أنعشت مهنًا قديمة وأنتجت أخرى جديدة.. تعرّفوا عليها!
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان”:
“وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم”، فرغم صعوبة الوضع على الكثيرين وقساوة الأزمة على البعض، لا بدّ من إيجاد لفتةٍ إيجابيّةٍ وبصيص أملٍ بين غيوم مشاكلنا في لبنان. فصحيحٌ أنّ ما نمرّ به للسنة الثالثة على التوالي، أنهكنا مادياً ونفسياً، أفقدنا قدرتنا الشرائيّة، وقلّل عن غير قصدٍ من مصاريفنا، وخاصةً تلك المخصّصة لشراء الكماليات. فبات المأكل والمشرب، الدواء والطبابة، فاتورة البنزين واشتراك المولّد من أكبر الهموم في بلدٍ فقدت ليرته كلّ قيمتها. ستتساءلون أين هو بصيص الأمل الذي نتكلّم عنه؟
فعليّاً، الغلاء الفاحش الذي غلب على السوق اللبناني بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، أجبرنا على إعادة صياغة مصاريفنا وجعلها تقتصر على الأمور الطارئة والأساسية. وهذا ما كان لصالح مهنٍ قديمة، كان قد مضى عليها الزمن، كمهنة “الكندرجي” وهو مصلّح الأحذية أو حتى مهنة الخياطة.
وفي جولةٍ لموقع “هنا لبنان” على أصحاب هذه المهن، يقول الكندرجي سليم: ” قبل سنتين، كنت أفتح الدكان مرات قليلة في الأسبوع، فالطلبات قليلة، وهذه المهنة طوى الزمن صفحتها. فكلّ الناس في حال تضرّرت أحذيتها، كانوا فوراً يذهبون إلى السوق لشراء أحذية جديدة.”
أضاف المعلّم سليم قائلاً: “في السنتين الأخيرتين، “إجت الرزقة”، وأصبحت طلبات تصليح الأحذية كثيفة، خاصة عند النساء. واضطررت إلى فتح دكّاني الصغير يوميّاً كي لا أتأخّر على زبائني!”
في الواقع، هذا التناقض طبيعي، لأنّ القدرة الشرائيّة لدى المواطنين تدنّت جدًّا ما انعكس تراجعاً في شراء سلع جديدة، وبالتالي بات تصليح الأحذية القديمة ضرورةً في هذه الأيّام، وحلًّا غير مكلفٍ مقارنةً مع أسعار السوق.
لا يختلف الوضع كثيراً في مجال الخياطة وتصليح الألبسة، إذ تقول الخياطة سهام، أنّ أغلب الطلبات كانت من قبل تقتصر على تصليح فساتين أعراس ومناسبات كتضييق المقاسات وتقصير الطول، أمّا اليوم، فقد تنوّعت الطلبات وارتفعت بشكل ملحوظ، نتيجة تمسّك اللبنانيين بثيابهم القديمة ومحاولة إصلاحها قدر المستطاع. خاصة في حال خسارة الوزن، وهرباً من الأسعار النارية، يفضّل الزبون تضييق ملابسه القديمة لتصبح ملائمة على مقاسه الجديد، والعكس صحيح.
في سياق آخر، ظهرت على الساحة بشكل علنيّ وبقوّة مهنة جديدة، وهي بيع الألبسة المستعملة خاصة عند الصبايا. وما ساهم في انتشار هذا الأمر هي مواقع التواصل الاجتماعي! فتقوم البائعة بخلق صفحة خاصة بها على إنستغرام أو فيسبوك، وبتصوير ثيابها بطريقة لافتة مع ذكر الماركة أو الـ brand، مع تحديد السعر. وقد لاقت هذه التجارة الإلكترونية رواجاً، إذ تقول ناتالي الشابة اللبنانية التي دخلت في هذا المجال: “عندما بدأت بهذه التجارة، لم أكن أكيدة من نجاحها، لكن فعليّاً مع مرور الوقت، وازدياد عدد متابعات الصفحة، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الملبوسات، خصوصاً تلك التابعة لماركات عالميّة، لاحظت ازدياد عدد الزبائن، الذين يختارون ما يشاؤون من ثيابي، بنصف السعر تقريباً.”
هنيئاً لكل أصحاب المصالح، الذين انتعشت مهنتهم، وزاد رزقهم.
“ما بديمك إلّا قديمك”، فعلاً هذه الظروف وهذه الأيام التي وصلنا إليها أثبتت صحّة هذا المثل!
مواضيع مماثلة للكاتب:
مساحات البناء المرخّصة تراجعت.. فهل يعاود القطاع نشاطه؟ | هاجس انقطاع الأدوية يرافق اللبنانيين… فهل من أزمة جديدة؟ | أشجار زيتون الجنوب من عمر لبنان… “قلوبنا احترقت عليها!” |