مشاركة المرأة في الانتخابات في لبنان… سلّوم: لا أحد يمنع المرأة من أداء العمل التشريعي!
كتبت ريما داغر لـ “هنا لبنان”:
عام 1943، وبعد الاستقلال مباشرة، ظهر نضال الحركات النسائية للمطالبة بالحقوق السياسية للمرأة، بما أنّ أولئك النساء كنّ قد شاركن في حركة الاستقلال الوطني إلى جانب الرجل، إضافة إلى نشوء القانون الدولي في تلك الفترة.
وبالرغم من جهود هؤلاء النسوة، إلّا أّنّه تمّ حرمان المرأة صراحة من الحق في التصويت والترشّح للانتخابات النيابيّة في أول قانون انتخابي أقّر في العام 1950، فعمّت المظاهرات المناطق وعُقدت الاجتماعات التنسيقية ضمن هذا السياق.
أدّى هذا الوضع إلى توحيد المنظّمات النسوية عام 1951، ما ساهم في نشوء “المجلس النسائي اللبناني” عام 1952 حيث تمّ إقرار مطالب حقوق المرأة السياسية.
ومع ذلك، لم تقم الحملة بتشجيع المنظمّات النسائية على إعداد جدول أعمال نسوي، واكتفت بالاستفادة من حماية “أرباب الأسر” وتشجيعهم.
بعد أن وضعت الحرب اللبنانية أوزارها عام 1990، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الحركة النسائية اللبنانية. إذ عاد المجلس النسائي للعمل بشكلٍ متّحدٍ بعد أن أوقفته الحرب، معلناً عن تشكيل لجنة تضمّ، إلى جانب الهيئات النسائية، ممثلين عن مختلف هيئات المجتمع المدني، بغية التحضير والمشاركة، في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة (بيجين 1995).
وعام 1996، تم إنشاء “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة” لمتابعة قضايا المرأة بعد مؤتمر “بيجين”، ممّا أوجد وثيقة أساسيّة للّجنة الأهليّة تهدف إلى رفع مستوى الوعي لدى النساء لحقوقهنّ، والعمل على تطوير مشاركتهنّ في جميع المجالات، على مستوى الوطن.
ولعلّ أبرز خطوات الحركة النسائية في لبنان، كانت وضع استراتيجيتين قيد التنفيذ بالشراكة مع المنظمّات النسوية في المجتمع المدني، الأولى في العام 1997 والثانية في العام 2011. إذ سعت الاستراتيجيّتان وخاصة الثانية، إلى تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في شتى التشريعات في مجالات الصحة والتعليم، ومكافحة الفقر بين النساء، وتعزيز مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والسياسية، ومكافحة العنف ضد المرأة، وتغيير الصور النمطية الاجتماعية، وتعزيز العمل النسوي الوطني.
فلأول مرّة، أصبحت المساواة التامة بنداً رئيسيّاً في خطاب الحريّة والديمقراطيّة والمواطنة، ولا سيّما لجهة قوانين الأحوال الشخصية، وقانون الجنسية، وبعض مواد قانون العقوبات.
إذاً، اعتبرت الحركة النسائية اللبنانية أنّها حقّقت نقلة نوعية بعد العام 1990، حيث انتقل خطابها من التركيز على الاحتياجات العمليّة للمرأة إلى تناول احتياجاتها الاستراتيجية التي تتّصل بمكانتها ودورها في المجتمع.
أما الحركة النسوية لما بعد سنة 2000، فقد ركّزت من خلال الجمعيات على حقوق المرأة السياسية، كما ركّزت على هويّة المرأة التي ليست كائناً بيولوجيّاً فحسب، بل هي نتاج التفاعل بين الجوانب المختلفة التي تشكّل الهوية.
وتكثّفت المطالبات مع السنين وتشعّبت وأدخلت مطالبات جديدة كقانون الكوتا النسائية في الانتخابات البلدية والنيابية، بنسبة 30% كخطوة أوليّة لإدخال التمثيل النسائي في الثقافة السياسية اللبنانيّة.
وللتأكيد على أهميّة دور المرأة في العمل السياسي، وضرورة تحفيزها على مشاركتها في الشأن العام، كان لـ “هنا لبنان” حديث مع الدكتورة أودين سلوم، الأستاذة في القانون في الجامعة اللبنانية والباحثة في شؤون المرأة، حيث قالت:
“نرى اليوم، وفي إطار الحديث عن الانتخابات النيابيّة، والإعلانات التي ترافقها وتشجّع المرأة على خوض العمل التمثيلي عبر الترشّح والانتخاب، أنّ لا عوائق قانونية تحول دون ترشّح المرأة اللبنانية أو تبوئها لأي منصب أو مركزٍ أو مهمّة.
هذا من الناحية القانونيّة والنظرية. أما عملياً، وبحكم الواقع الذي تتشابك فيه عوامل اجتماعية واقتصاديّة وثقافيّة انطلاقاً من الوعي الجماعي الأبوي بشكلٍ عام، فإن إمكانيات وصول المرأة وحتى ترشّحها وإقدامها على مثل هذه الخطوات هي في الحدود الدنيا. فاحتماليّة أن تنافس المرأة الرجل في الحياة العامة لا تزال ضعيفة، خاصة في المجال السياسي”.
ومن أهمّ التوصيات التي اقترحتها الدكتورة أودين سلوم في هذا الإطار:
– أن تدرك المرأة أنّها ليست في حالة صراع مع الرجل لا بل في حالة تشارك.
– أن يتحوّل الفكر النسوي من نطاق الشكوى إلى نطاق الفعل والتنفيذ، خاصة وأن القوانين لا تمنعها عن العمل السياسي.
– أن تتخلّى المرأة عن ثقافة فُرضت عليها وهي ثقافة الحرمان من الحقوق وبالتالي، أن تأخذ حقوقها بيدها لا أن تستعطيها. ولها في النجاح الباهر في القطاع الخاص وفي المهن المختلفة خير دليل على قدرتها وكفاءتها التامة.