مجلس القضاء الأعلى: لا اعتكاف ولا تعيينات
كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:
لم يسلم القضاء من تداعيات الأزمة الاقتصادية، ففي الحادي عشر من شباط، رفع نادي القضاة الصوت بالدعوة إلى الاعتكاف التحذيري الشامل في جميع القضايا لمدة أسبوع، وذلك كخطوة أولية تمهيداً لاتخاذ خطوات لاحقة أقسى وأشدّ في حال عدم الاستجابة لعدة مطالب أبرزها: إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية ومحاسبة كل قاضٍ مولج بأعمال الملاحقة والادعاء تعمّدَ التغاضي عن القيام بمهامه والأهم تأمين مناخ العمل اللائق بكرامة المتقاضين، المساعدين القضائيين، المحامين والقضاة وذلكَ بتأهيل قصور العدل وتأمين مستلزماتها التشغيلية واللوجستية على مختلف المستويات من ماء وكهرباء وقرطاسية ومتمماتها. وتأمين الضمانات اللازمة لتعزيز موارد صندوق التعاضد ومساهمة الدولة فيه إضافة إلى العمل على تأمين آلية جدية تضمن الحد الأدنى من مقومات الصمود والعيش الكريم واللائق للقاضي.
البيان استدعى اجتماعًا استثنائيًّا لمجلس القضاء الأعلى في اليوم التالي لمناقشة المشكلات التي يعانيها القضاة والمساعدون القضائيون، ثم أُرجِئ الاجتماع إلى أمس الثلاثاء.
إلّا أنّ المساعدين القضائيين بدأوا بتنفيذ الاعتكاف، في قصر العدل في بيروت وسائر عدليات المحافظة، وفي كل الأقلام والأقواس من 15 إلى 22 الحالي كخطوة أولى تحذيرية وطالبوا بتأمين الطبابة والاستشفاء من دون دفع فرق دولار.
اجتماع الثلاثاء، بحسب معلومات خاصة لموقع “هنا لبنان” عقد عند الساعة الثانية عشرة في القاعة العامة لمحكمة التمييز في قصر العدل في بيروت، واستمر حتى الساعة الثالثة ظهرًا، حيث غادر وزير العدل الاجتماع لارتباطه بجلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في القصر الجمهوري.
وضمّ الاجتماع إلى جانب وزير العدل القاضي هنري خوري، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود وأعضاء مجلس القضاء، رئيس صندوق تعاضد القضاة القاضي علي إبراهيم، الرؤساء الأول لمحاكم الاستئناف في كافة المحافظات والهيئات الاستشارية، وممثل عن المساعدين القضائيين.
وكشفت مصادر المجتمعين لموقع “هنا لبنان”، أن “أجواء إيجابية سادت الاجتماع، وبددت الكثير من هواجس القضاة واستجابت لمطالبهم”.
وأكدت أنّ “ثمّة اتجاه لاستئناف النشاط القضائي، وهناك توجّه لمتابعة العمل في لمحاكم والدوائر القضائية، بعد أن عرض وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، كلّ المساعي المبذولة في سبيل معالجة الأوضاع القضائية في الظروف الراهنة”.
وأضافت المصادر أنّ الاجتماع تخلله الحديث عن “إنجازات تحققت” وليس وعودًا قدمها وزير العدل، وهذه الإنجازات، بحسب المصادر، من شأنها تحسين ظروف عمل القضاة، رافضة التوضيح ما هي هذه الإنجازات باستكمال البحث في اجتماعات ستُعقد لاحقا.
إلّا أنّ مصادر أخرى لفتت لموقع “هنا لبنان” أن عددًا من القضاة الحاضرين للاجتماع لم يقتنعوا كثيرًا بكلام وزير العدل وفضلوا التوجه نحو الاعتكاف، إلّا أنّ أي قرار بالتزام الاعتكاف لم يصدر رسميًّا.
إلّا أنّ نادي القضاة عاد وأصدر ليلًا بيانًا أعلن فيه استمراره في التضامن مع سائر القضاة المعتكفين، لكنه عبّر عن انفتاحه للتعاون في حال تلقف المطالب المطروحة منه بحسن نية.
الاجتماع الأول لم يكن الوحيد، فبعده عُقد اجتماع آخر لمجلس القضاء الأعلى خصص للبحث في التعيينات في غرف التمييز الشاغرة استمر لمدة ثلاث ساعات، وانتهت الجلسة، من دون أي بت في تعيين أو تثبيت قضاة محاكم التمييز، بعدما حالت الخلافات داخل المجلس دون البتّ بها.
فلم يتم الاتفاق لا على تعيين قضاة التمييز بالأصالة ولا حتى قضاة الانتداب.
وقد توقفت الهيئة العامة لمحكمة التمييز عن النظر في الملفات المدرجة أمامها بتقاعد العضو فيها رئيس محكمة التمييز القاضي روكز رزق لتعذر تأمين النصاب القانوني مع عدم وجود رؤساء أصيلين لسبع غرف لمحكمة التمييز مشغولة من القضاة بالتكليف، وبالتالي لا يحق لهم الاشتراك في اجتماعات الهيئة العامة. وتبعًا لذلك لن تلتئم هذه الهيئة إلّا بعد استكمال مشروع التشكيلات الجزئية التي كان مجلس القضاء الأعلى بدأ الإعداد لها منذ أكثر من شهر، وتبدو هذه التعيينات متعثرة بسبب التدخلات السياسية.
وتوضح مصادر قضائية لموقع “هنا لبنان” أنه من أجل تعبئة الفراغ وسد الثغرات، لا بد من تعيين رؤساء غرف لدى محكمة التمييز بحيث يكتمل نصاب الهيئة العامة، في حالة كهذه يقتضي إجراء تشكيلات قضائية جزئية على غرار التشكيلات العادية، أي أن الأصول القانونية تفرض اقتراحًا من قبل مجلس القضاء الأعلى، لكي تصدر التشكيلات الجزئية بموجب مرسوم”.
وهذا يعني أن على مجلس القضاء الأعلى أن يجتمع ويقترح تلك التشكيلات بالأكثرية الموصوفة قانونًا ورفع هذا المشروع إلى وزير العدل، لكي يرفعه بدوره ممهورًا بتوقيعه إلى رئيسَي الجمهورية والحكومة.
ومعلوم أنه يتم تعيين رؤساء غرف التمييز بالأصالة بموجب مرسوم رئاسي عادي يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير العدل بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى، أما الانتداب فيتم بقرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى لترؤس أو عضوية غرفة بصورة مؤقتة في حال شغورها بالتقاعد أو الوفاة أو المرض أو الاستقالة.
يذكر أن الهيئة العامة لمحكمة التمييز هي المرجع الصالح للنظر بدعاوى مسؤولية الدولة، في حين أنّ مجلس القضاء الأعلى هو المرجع الصالح لاقتراح التشكيلات القضائية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |