تأثير السلاح غير الشرعي على ديمقراطيّة الانتخابات:ترهيب وتخويف وربما تصفيات جسديّة!!
كتبت ريما داغر لـ “هنا لبنان”:
تتحدّد قيمة الانتخابات بعائدها الديمقراطي الذي يثبّت مفهوم الحريّات ويفتح المجال أمام التنافس الإيجابي بين برامج الجهات المشاركة في العملية الانتخابيّة التي تجري بنزاهةٍ وشفافيةٍ وتساهم في الوصول إلى نتائج عادلة.
وفي لبنان اليوم، ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في ربيع هذا العام، معوقات عديدة تقف أمام ديمقراطيّة الانتخابات، وأبرزها السلاح غير الشرعي. فقوى الأمر الواقع التي تفرض واقعاً ميليشياويّاً ترهيبيّاً، المتمثّلة بـ “حزب الله”، المستحوذ على السلطة وعلى مجريات الأحداث في لبنان، تشكّل عائقاً خطيراً أمام إمكانيّة إجراء انتخابات برلمانية شفّافة. فأمام سلاح الحزب، لا يتجرّأ أحد على رفع الصوت، وبالتالي لا حريّة في التعبير عن آراء واختيارات من يعارض سياسة هذا الحزب ومشروعه. وقد شهدنا العديد من الأفعال والممارسات التي تؤكّد على أن السلاح غير الشرعي المسيطر على القرار اللبناني يقطع الطريق أمام أيّ صوتٍ يعلو بوجهه.
وفي هذا الموضوع، يقول الصحافي والمحلّل السياسي بشارة خيرالله لـ “هنا لبنان”، أنّه “ليس من الضروري أن يكون السلاح ظاهراً، وموضوعاً على الطاولة كي يهدّد الحريّات. فيكفي التسليم بوجوده، وأنه باستطاعة وهج هذا السلاح أن يمثّل الترهيب والتخويف وحتى التصفيات الجسديّة. ونرى ذلك يتكرّر خاصة في مناطق النفوذ المسيطر عليها، بحيث يمنع هذا السلاح أيّ مرشّح من إطلاق برنامجه بحريّةٍ تامةٍ، والتعبير عن رأيه المعارض للواقع المفروض بقوة السلاح. وإن استطاع، وبشكلٍ خجول معارضة توجّه البيئة المسيطرة، فلن يلاقي هذا المعارض التأييد المطلوب من الناس، حتى في حال كانوا موافقين على برنامجه، خوفاً من التداعيات التي ممكن أن تصل إلى حدّ الاغتيال.
فمثلاً، سبق في الانتخابات النيابيّة لعام 2018، أنّ تمّ التعدي بالضرب على المرشّح عن الدائرة الثالثة في الجنوب الصحافي “علي الأمين”، والتهويل عليه وتهديده وعائلته. والمعروف عن “الأمين” أنّه معارضٌ لسياسة “حزب الله” عبر إطلاقه المواقف والتصريحات المتكرّرة ضدّه. وقبل تلك الانتخابات أيضاً، لم تحتمل قوى السلاح غير الشرعي، الحركة المعارضة من أحمد الأسعد، فكانت تقوم بشكلٍ متكرّرٍ بإحراق سيارات مناصريه وتهديدهم”.
ويضيف “خيرالله”: “قبل سنة ونيف، قُتل الصحافي “لقمان سليم” في منطقة تتبع بغالبيتها للحزب المسلّح وهي مراقبَة ومجهّزة بأحدث التجهيزات لكشف تحرّكات العدوّ الإسرائيلي، وهي لم تستطع حتى اليوم توجيه اتّهام للفاعل الحقيقيّ. مع العلم أن “سليم” وقبل اغتياله، كان قد اتّهم مباشرة “حزب الله” بتهديده بالقتل.
وللعودة إلى الوراء أيضاً، وفي إطار تصفيات الشخصيات المعارضة للحزب، ففي حزيران من العام 2013، حصل اعتصام سلميّ أمام السفارة الإيرانية في بيروت، رُفع خلاله العلم اللبناني. وطالب المتظاهرون حينها بانسحاب “حزب الله” من الحرب في سوريا. فما كان من الحزب إلّا أن استدعى عناصره لقمع وضرب واعتقال المتظاهرين أمام أعين الجميع. وأثناء الاعتصام، أُعطي الأمر بقتل الشاب هاشم السلمان. ولغاية اليوم، لم يصل التحقيق إلى كشف متّهمٍ واحدٍ في القضية مع أن الصور وثٌّقت المعتدين. كما لم يؤخذ برأي الشهود ولا العائلة التي تؤكّد على أن قتل “هاشم” تمّ على يد شباب من الحزب”.
إذاً، يقوم السلاح غير الشرعي بعرقلة التعبير عن الرأي بحريّة وبالتالي شلّ العملية الديمقراطية. كما يساهم في انكفاء المرشّحين الأحرار والناخبين عن التفكير بخوض المعركة في ظلّ أجواءٍ قمعيّة، مُخيفة وغير ديمقراطية، وبما أن هذا السلاح يشكّل أداة ضغطٍ وتخويفٍ تمارسه الفئة التي تملكه، وتضغط به على اللبنانيين. فنرى أنه من غير المسموح لدى القوى المسيطرة أن تقوم شخصيّة معارضة، وخاصة من البيئة الشيعيّة مما يشكّل خطراً مباشراً عليها، أو أن تطرح برنامجاً لبنانياً صافياً مغايراً ويعبّر عن آراء تخالف الخطّ السياسي لهذه القوى التي تفاخر بالتبعية لإيران والتي سلخت لبنان عن محيطه وخرّبت علاقاته، وشرّعت معابره غير الشرعية، ودمّرت مؤسّساته، وهجّرت شبابه، وأنهكت اقتصاده بعد أن جعلت منه ساحة معركةٍ تستعملها إيران في حربها وفي مفاوضاتها.