على ضفاف “جهنم”.. غرقٌ لبنانيٌّ في “أجساد” الأوكرانيات!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان” :
منذ شهور عدّة، ثارت ثائرة مواقع التواصل، يوم ربط أحد السياسيين اللبنانيين، النساء الروسيات والأوكرانيات بالدعارة!
الموقف من هذا السياسي آنذاك كان أخلاقياً، ومحقاً..
في تلك المرحلة كنّ نساء لبنان هنّ الأكثر تضامناً، علماً أنّ الشاب اللبناني يقدّم نفسه دائماً في قالب المنفتح والمثقف والذي يحترم الآخر! ومع كل هذه الشعارات، إلا أنّ لتضامن النساء هنا، مفهوم آخر يرتبط أولاً وأخيراً بالمعاناة المشتركة. وكيف لا، فاللبنانية تدفع الفاتورة نفسها منذ سنوات، وأقل مثال على ذلك ما يتردد عنها من أقاويل في أوساط دول الجوار، وأبسطها أنّ مقومات اللبنانية للنجاح هو الجسد لا الجهد، وفي كثير من الأحيان تصل وجهة النظر هذه إلى حد تسليعها، فتصبح بذلك كل لبنانية هي فتاة “ممحونة” دون النظر إلى ثقافتها وكفاءتها، واستقلاليتها!
مما لا شكّ به أنّ في هذه النظرة الكثير من الظلم والإجحاف، وإن كان الواقع لا يخلو من نماذج تعكس بعض الأحيان هذه الصورة، غير أنّها نماذج محدودة، وتوجد في كلّ دولة ومجتمع وبيئة متحررة كانت أم متعصبة!
وكما اللبنانيات، اليوم الأوكرانيات في مرمى الهدف!
وبعيداً عن المستنقع اللبناني، خرجت فئة كبيرة من الشباب، عبر الهاتف الذي سترتفع فاتورة اتصالاته قريباً، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتي بتنا ندخل إليها خلسة بسبب أزمة الانترنت والكهرباء وما إلى ذلك، وبدأت ترمي النكات المرتبطة بالحرب الروسية – الأوكرانية، وإن كان تسخيف أيّ موقف والتعامل معه بالنكتة حق، غير أنّ إهانة النساء والتحرش بأجسادهن لفظياً ليس حقاً!
فاللبناني الذي يمنّي النفس بأوكرانية، وموجة لجوء، والذي بدأ يتحدث بلغة الدعارة، هو نفسه كان قد رشق السياسي “ما غيره” بالحجارة، واستنكر كلامه وتعميمه، هي الازدواجية ببساطة، والانفصال عن الواقع!
وهذا اللبناني نفسه، والذي لا يملك في جيبه دولاراً واحداً، استطاع وسط حرب مهولة واجتياح تتعرّض له أوكرانيا، أن يفصل بين الإنسانية و”الجنس”، فتناسى كل ما تعاني منه هؤلاء النساء، ليطمع بأجسادهنّ، ولو عبر “فيسبوك” و”تويتر”!
نساء أوكرانيا اليوم ضحية الحرب الروسية أولاً، وضحية المجتمعات العربية وبينها المجتمع اللبناني ثانياً.
فأن تكوني أوكرانية – برأي العرب – أنتِ فتاة ليل!
فأن تكوني أوكرانية – برأي اللبناني “المنتوف” – أنتِ جسدٌ يُشتهى!
فأن تكوني أوكرانية، برأي هذا الجنون الذكوري والذي تلحق به منشورات تكتبها نساء مع الأسف الشديد، أنتِ بلا حقّ. ففاتنة الجمال لا تعاني أهوال الحرب، وفاتنة الجمال لا تبكي على منزلها الذي تدكّه القذائف، وفاتنة الجمال ليس لديها حبيب وجامعة وطموح. ففي نظر كل هؤلاء لفاتنة الجمال الأوكرانية موقعٌ واحد هو السرير! ومن هنا لا نستغرب غرقنا في “جهنم” فمعظم الشعب اللبناني غارقٌ بين أغطية هذا السرير وهذه الأسرّة!
مواضيع مماثلة للكاتب:
ونحن أيضاً أشلاء.. | أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! |