قاسم سليماني والتيّار الوطني الحر
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
ثمّة أمور تتخطّى موضوع الاختلاف في السياسة. ربما يختلف فريقان على قانون، على مشروع، على خطّة. لكن أن يختلفا على أمرٍ يتعلّق بالهويّة فهو يعني أنّ أحدهما تنازل عنها.
لا يمكن النظر إلى رفع صور قاسم سليماني في معرض الكتاب العربي، وهو كان لعقودٍ واجهة بيروت الثقافيّة، على أنّه حدث عابر. الأسوأ في ذلك أنّ هذا التصرّف الاستقوائي لم يجد معارضةً من قبل قيادة وجمهور التيّار الوطني الحر. الأكثر سوءاً أنّ بعض هذا الجمهور دافع عن الأمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. شبّه تافهٌ سليماني بـ “تشي غيفارا”. ثائران، مناضلان، وغيرهما من العبارات التي استُخدمت للتبرير.
لا يملك سليماني كتاباً واحداً لتُرفع صورته في معرض كتاب. هو قائد الحرس الثوري الإيراني، ونحن في لبنان. هو مات على أرضٍ ليست أرضه، وكان قادماً من أرضٍ ليست أرضه. قاتله أيضاً لم يكن على أرضه. لكنّنا في لبنان لن نرفع صورة القاتل ولا القتيل. الأمر لا يعنينا.
كنّا ننتظر من التيّار الوطني الحر، الذي انطلق كحركةٍ اعتراضيّة على احتلالٍ سوري وسلوكٍ ميليشياوي، ومن رحم المؤسسة العسكريّة بالذات، أن يتمسّك بتاريخه، وعلّة وجوده، وبراءة البدايات.
كنّا ننتظر منه أن يقول: حذارِ اللعب في صورة لبنان وهويّته. حذارِ الاستقواء بقادة الخارج. هذه أمور لا نتنازل عنها من أجل تحالفٍ انتخابيّ يعوّض بعض مقاعد قد نخسرها بفعل تراجعٍ في الشعبيّة.
نعتب على “التيّار” كثيراً، على قدر آمال الماضي. آمال ما قبل التحالف الاستسلامي مع حزب الله، والمصلحي مع الجماعة الإسلاميّة. قبل أن يتشارك مرشّحو “التيّار” اللوائح نفسها مع مرشّحي “البلطجي”… والتعبير لجبران باسيل، وعلى مسؤوليّته، ذات موسمٍ تجييشيّ من مواسمه الكثيرة.
ربما نختلف في السياسة في بعض الأمور مع التيّار الوطني الحر. لكنّ تنازله عن صورة لبنان ودوره ورسالته، يجعلنا نتخطّى الاختلاف السياسي.
بيروت حرّة حرّة… هتافٌ يليق بالتيّار الوطني الحر أكثر من دفاع مناصريه عن صورة قائد الحرس الثوري الإيراني.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نهاية الحرب: قريبة أو بعيدة؟ | كيف ستدفع إسرائيل الثمن؟ | هل انتهت الحرب أم بدأت؟ |