سياسيو لبنان: المرأة كل المجتمع.. ولكنّها تابعة للرجل وممنوعة من منح الجنسية لأطفالها!
كتبت رنا الأمين لـ”هنا لبنان”:
انبرى السّياسيّون والمسؤولون اللبنانيّون اليوم يعايدون المرأة اليوم في يومها العالمي، رصفوا الكلمات ونمّقوا الحروف، فهي “الرّفيقة” و”الشّريكة” وهي وهي…
المرأة أوّلًا هي نفسها، هي كلُّ ما تريد يوماً أن تكون!
ولكن هل أعطى مسؤولونا نساء لبنان حقوقهنّ كاملةً ولم يبقَ سوى أن يُعايدوهنّ في يومهنّ؟ هل حرصوا على ألّا تبقى امرأةٌ معنّفةً ومقهورةً ومذلولةً في أروقة المحاكم؟ هل منحوا المرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبيّ الحقَّ في أن تمنح جنسيّتها لأولادها؟
قالت المسؤولة الإعلامية لجمعية “كفى” زينة الأعور في حديثٍ لـ “هنا لبنان” أنَّ “هذا اليوم بالنسبة لنا ليس نهاراً للاحتفال بل هو نهارٌ لنُذكّر فيه بأهمية إقرار القوانين التي تؤدي إلى إقرار المساواة الحقيقيّة، لأنه بالفعل وعلى أرض الواقع هناك عدد كبير من القوانين التي تفرض التمييز بين الرجل والمرأة”.
وأضافت: “وبالنسبة لتصريحات السياسيين على وسائل التواصل الاجتماعي، لدينا ملاحظاتنا على نوعية هذه المعايدات ونوعية الخطاب السياسي بشكل عام الذي ينطلق بمناقشة قضايا المرأة وكلّ ما يتعلّق بها من أساس علاقة المرأة بالرّجل كأخت أو كزوجة أو كشريكة وغيرها، فدائماً ما يربط دور المرأة بعلاقتها بالرجل، لدينا مآخذ على هذه النقطة بالذات”.
وشدّدت على أنّ النّساء “لا يتنظرن معايدات على السوشيال ميديا، بل ينتظرن من أصحاب القرار أن يتخطّوا مرحلة القول إلى الفعل”، من ثمَّ أردفت أن لا خطوات متوقّعة من السلطة الحالية “لأننا قد سبق وحاولنا”.
وأضافت بأنّ “إقرار قانون العنف الأسري لم يكن كافيًا لأنه بمثابة خطوة في طريق الألف ميل، الطريق ما زال طويلًا جدًّا. وإذا أردنا أن نبدأ بمكان معين فيجب أن نبدأ من قوانين الأحوال الشخصية الطائفية لأنها أساس الانطلاق لأيّ تغييرٍ حقيقيٍّ قد يطال واقع المرأة في لبنان، إذ أنّ كلّ القوانين تنظر للمرأة على أنها التابع للرجل وأنها دائماً تحتاج رضا الرجل لتعيش حياة كريمة”.
وختمت بالتّاكيد على أنّ “المطلب الأساسي في اليوم العالمي للمرأة، ليس مطلبًا مرتبطاً بالنساء فقط بقدر ما هو مطلبٌ مرتبطٌ بالمواطنة، فحتّى نشعر بأننا مواطنون تابعون لدولة ولسنا فئات ومجموعات تابعة لطوائف يجب أن يكون لدينا قانون موحّد للأحوال الشخصية يساوي بين الحقوق والواجبات للمرأة والرجل داخل الأسرة حتى تستطيع المرأة دخول الحيّز العام وتكون فاعلة في الحياة العامة. نقطة الانطلاق اليوم هي التحرك لإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية، واليوم على أبواب الانتخابات النيابية هذه مناسبة لكي يتبنّى جميع المرشحين والمرشحات الذين يتحدثون عن التغيير هذا المطلب ويدفعوا باتّجاه إقراره لكي نكون فعلًا قد حققنا المساواة للمرأة في لبنان”.
وبدورها كريمة شبّو مديرة حملة “جنسيّتي حقٌّ لي ولأسرتي” في حديثها لـ “هنا لبنان”، قالت بأنّ المسؤولين اللبنانيين يلبسون كلّ عامٍ ثوب الطوباوية في يوم المرأة العالمي ويبدأون بالمعايدات والأشعار وباقات الورود، بينما هم أوّل من يغتصب حقوق النساء، واصفةً أداءهم هذا بـ “الفصام”.
وتساءلت شبّو إذا ما كان المسؤولون اللبنانيون يعرفون أصلًا المعنى الذي على أساسه أصبح الثامن من آذار اليوم العالمي للمرأة، فقالت أنّه “جاء نتيجة نضال سيدات في أحد المصانع، اللواتي كافحن وناضلن ليحصلن على أبسط حقوقهن كعاملات مغتصبات الحقوق”.
وأكّدت على أنّه “ليس هناك أي تغيير على المستوى التشريعي والحقوقي في ما يخصّ النساء، حقوق النساء في القانون اللبناني هي نفسها من 1920، هي من أيام الانتداب والاستعمار لم يتغير فيها شيء. وعندما نحتفل بيوم المرأة العالمي يجب أن نحتفل بما تمّ تحقيقه أو تكريسه من أجل النساء”، معتبرةً أنهم حتّى عندما يعايدون المرأة فهم يتوجّهون للأم والأخت والبنت، هي دوماً تابعة ولا ينظرون إليها ككيانٍ مستقلٍّ.
وشدّدت شبّو على الاحترام للرّجل وعلى أنّ “المعركة ليست معه بل مع العقلية الذكورية، التي يمكن أن تكون سلطة أو امرأة تربي أجيالًا على هذه النمطية”. ورفضت معايدة المرأة بكلمات و”أبيات شعرٍ”، قائلةً: “لا نريدها، نريد تحقيق مطالبنا التي لا تتكرّس إلا من خلال القانون، فكيف تكون المرأة نصف المجتمع ولم تحصل على حقوقها الأساسية، يجب أن تكون المرأة قادرةً على منح الجنسيّة لأولادها، ولكن يأتي من يقول لها “لا تنتقل الجنسية إلا عبر رابطة الدم”، وكأنّ من حملت جنينًا في أحشائها لتسعة أشهر لا رابطة دم تربطها به”!
وطالبت بتحقيق العدالة للمرأة التي تعاني الأمرّين جراء ظلم القوانين المجحف لها، مؤكّدةً أنّ “الدستور ينصّ على أنَّ المواطنين والمواطنات سواءٌ أمام القانون في الحقوق والواجبات، وسلطة الدستور تعلو سلطة القانون، ولكنّ القوانين الداخلية التي وُجِدت لتنفيذ الدستور تأتي لتقول للمرأة “أنتِ لا يحقّ لكِ هذا وذاك..” فلا يمكن أن نطلب من قانونٍ مبنيٍّ على التمييز أن يحقّق العدالة”.
وشدّدت على أنّ “الحقوق هي حقوق عالمية لصيقة بالإنسان غير قابلة للتجزئة ولا يمكن أن يكون الحق ناقصًا أو مشوّهًا”.
وأضافت أنّ “المسؤول إيّاه الذي يهنّئنا ويمطرنا بعبارات التقدير المثالية في يوم المرأة العالمي، عند تقديم أيّ مشروع قانون يحفظ حقوق المرأة ويبدأ بإظهار مخاوفه أو يؤجل هذه القوانين بحجّة أنّها “مش وقتها” ويُبقي على القوانين البالية التي تغتصب حقوق النساء”.
مضيفةً أنّ “يوم المرأة العالمي ليس فولكلورًا أو رقصة شعبية يؤدّيها المسؤولون في كلّ عام كما يحتفلون بعيد الاستقلال بينما قانون الجنسية مثلاً لا زال هو نفسه الذي وضعته سلطة الانتداب فكيف يكون البلد مستقلًّا ويحكم بقانون ليس هو واضعه؟! لو أنهم في كلّ سنة هنّأونا فيها بيوم المرأة قالوا بأنهم عدّلوا هذا القانون احتفالًا بهذه المناسبة لكانت العدالة تحقّقت”.
وختمت متوجّهةً للمسؤولين اللبنانيين: “أنتم في مواقع السلطة والقرار، تستطيعون سنّ القوانين فقد كان بإمكانكم في يوم المرأة العالمي أن تقولوا للمرأة أنت اليوم مساوية للرجل في الحقوق والواجبات أو أنت قادرة على منح جنسيتك لأطفالك، هذا أفضل ما يمكن أن تقوموا به وإلا فلتعتكفوا بدل المتاجرة بقضايا النساء”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل نشهد نهاية الكتاب الورقي؟ | قصتي مع رفع تعرفة الاتصالات.. هكذا “أكلت الضرب”! | لبنان يقدّم الساعة.. والشعب اللبنانيّ يرجع ألف سنةٍ إلى الوراء |