“قمح لبنان” مظلوم: الدولة تستسهل الاستيراد!
كتبت كريستل شقير لـ “هنا لبنان”:
في خضم الإرباك الحاصل في تأمين بديل عن كييف لمد السوق المحلية بالقمح و٥٠ %من حاجات لبنان من أوكرانيا، تختار الدولة اللبنانية التعثر عوض تعويم الخيارات المحلية البديلة.
فإلى نغمة ” القمح غير صالح للخبز” نعود لدى طرح خيار استرداد الأملاك النهرية وزراعتها بالقمح مدعوماً بمواقف من وزير الاقتصاد أمين سلام الذي يتابع اتصالاته لتأمين أسواق بديلة عن أوكرانيا وروسيا وقد قام باجتماعات مع سفراء عدد من الدول المستعدّة للتعويض على لبنان.
وحتى تتأكّد الوزارة من المواصفات وإن كانت تراعي المعايير المفروضة لتقبل باستيرادها، فضيحة مدوية بتفاصيلها كشف عنها الخبير الاقتصادي البرفسور جاسم عجاقة في حديث لـ “هنا لبنان” حيث أن 25 مليون متر مربع من الأملاك النهرية مصادرة من قبل أصحاب النفوذ أو من أشخاص تربطهم علاقة بهم، وحين تم استرداد 3 ملايين متر مربع منها وقامت مصلحة الليطاني بزرعها بالقمح تم الترويج لعدم صلاحية المحصول وبعدها جاء تاجر آخذًا دور الوسيط مع الدولة وباعها المحصول محققاً أرباحاً طائلة.
وبحسب عجاقة فأرض لبنان “حامي أهراءات أوروبا” من زمن الرومان إلى الفرنسيين كما قال عنها، صالحة لزراعة القمح وإذا قامت الدولة باسترداد الأملاك النهرية وزراعتها نتمّكن من توفير حاجة السوق لا بل أكثر يصبح لبنان من الدول المصدرة لكن للأسف النية غير موجودة لتنفيذ هذه المشاريع ولو أن المبادرات الفردية قد أثبتت نجاحها.
وشدد عجاقة على أن الأمن الغذائي يعلو فوق الجميع وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي مدعوة إلى وضع يدها على الملف لاستعادة جزء من أمننا الغذائي المكبل بسلاسل الاستيراد.
وفي تسليط الضوء على أبرز التجارب تلك التي خاضتها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني وقد بادرت في العام 2019 إلى زراعة القمح الطري في 150 هكتاراً من استملاكاتها تقريباً بعد إزالة التعديات عنها وكانت النتيجة محصول في العام 2020 يقدر بـ 135 طناً من القمح الذي يُستخدم في صناعة الخبز ومحصول قدره 85 طناً من النوع نفسه في العام 2021.
المدير العام لمصلحة الليطاني سامي علوية وفي حديث لـ “هنا لبنان” أكد أن الخطوة لم تحظ برعاية وزارة الاقتصاد التي تفضل الاستيراد على دعم المبادرات الزراعية وألقى باللوم على وزارتي الاقتصاد والمالية معاً في التخلف عن دفع مستحقات مزارعي القمح.
ورأى أن غياب السياسات الغذائية أدى إلى التفريط بمخزون القمح بعدما بات المزارع يستخدمه كطعام للمواشي بدلاً من الشعير والأعلاف. ولفت علوية إلى أن التوسع في زراعة القمح واستغلال الأراضي الزراعية الشاسعة من شأنه أن يساهم في تأمين جزء كبير من حاجة لبنان للحبوب على غرار التجربة السورية، ولا ننسى أن البقاع في يوم من الأيام كان يؤمن حاجة روما حيث كانت أهراءات القمح في بعلبك تؤمن القمح لكل الأمبرطورية.
هذا وأعلن علوية عن وضع محاصيل الموسم الماضي بتصرف الجهات المعنية لاستثماره كبذار بهدف تأمين الأمن الغذائي أو تخصيصه لتلبية حاجة السوق قدر المستطاع علماً أنه لا يؤمن سوى جزء بسيط جدًّا من حاجة السوق.
ولدى الغوص بالطبيعة الجغرافية ومدى استجابتها لمتطلبات زراعة القمح، يتبين أن “بعلبك” الواقعة في شمال سهل البقاع وشرق نهر الليطاني، أطلق عليها الرومان قديما لقب “أهراءات روما” لوفرة محاصيلها الزراعية، حتى إنها أضحت في مرحلة من المراحل مستودعا يمدهم بالقمح.
إذًا، البديل موجود وبدل أن تدعم الدولة الاستيراد من الخارج لماذا لا تدعم المزارعين؟ واستناداً إلى هذه الحقائق والأرقام، نصل إلى قناعة متجذرة بأن لبنان لا ولن يليق يوماً بمسؤولين فرطوا بثرواته حتى اندثارها وحسابات الحقل السياسي لن تنطبق يوماً على حسابات البيدر اللبناني الصرف.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قمة “إجماع عربي” في الرياض.. ولبنان سيحضر في البيان الختامي! | الجيش خط أحمر.. سور كنسي يحمي القائد! | “المجاري” تغزو الساحل.. روائح كريهة تخنق المواطنين وتهدد حياتهم! |