بعد الترشيحات تصفيات.. ساعة الجد تقترب وإحباط شعبي كبير
جاء في “الجمهورية“:
يُغلَق منتصف ليل اليوم الثلاثاء 15 آذار 2022 باب الترشيحات الرسمية للانتخابات النيابية المحددة بعد شهرين من اليوم. واعتبارا من يوم غد، ستبدأ مباريات التصفية، فينسحب من المرشحين من تُسَدُّ طريقه للانضمام إلى لائحة انتخابية، ويبقى في الميدان من يحالفه الحظ، ويظفر بلائحته تستقبله عضواً فيها.
من جهة ثانية، استقبل رئيس الجمهورية ميشال عون رئيس مؤسسة الانتربول، نائب رئيس الحكومة السابق الياس المر ونجله ميشال الياس المر، وشقيقته السيدة ميرنا المر ابو شرف، الذين وجّهوا دعوة الى رئيس الجمهورية للمشاركة في القداس الذي تقيمه العائلة في 3 نيسان المقبل، لمناسبة مرور سنة على وفاة الرئيس الراحل ميشال المر. وخلال اللقاء، تم التداول في الاوضاع العامة في البلاد، والتطورات المحلية والدولية، اضافة الى الاستحقاق الانتخابي النيابي ودور مؤسسة «الانتربول».
مع إقفال باب الترشيحات، يُمنحُ المرشحون رسمياً مهلة عشرين يوما تنتهي في 5 نيسان المقبل لحسم خياراتهم في الانسحاب من المعركة أو البقاء في الميدان تمهيداً للانخراط في لوائح متنافسة، وذلك وفق ما تنص عليه المادة 52 من قانون الانتخاب الحالي، والتي جاء فيها ما حرفيّته: «يتوجّب على المرشحين ان ينتظموا في لوائح قبل اربعين يوماً كحد اقصى من موعد الانتخابات، على ان تضم كل لائحة كحدّ أدنى 40 % من عدد المقاعد في الدائرة الانتخابية، بما لا يقل عن 3 مقاعد، وعلى ان تتضمن مقعدا واحدا على الاقل من كلّ دائرة صغرى في الدوائر المؤلفة من اكثر من دائرة صغرى، ويعتمد الكسر الاكبر في احتساب الحد الادنى في الدوائر ذات المقاعد المفردة».
عملياً، بات في الامكان القول إنّ ساعة الجد قد اقتربت، وفترة العشرين يوما المحددة لتركيب اللوائح هي الاصعب بالنسبة الى شريحة كبيرة من المرشّحين غير الحزبيين، ومن بينهم بالتأكيد من سيُسعفه حظّه بالانضمام الى إحدى اللوائح، ومن بينهم كثر ممّن سيُخذَلون ويجدون انفسهم خارج اللوائح، فيخرجون تلقائياً من المعركة، ويُخرِجون معهم ما اطلقوه من شعارات وعناوين كبرى على مدى اشهر طويلة.
إذا ما نظرنا الى سطح المشهد الانتخابي، وكذلك الى مواقف الاحزاب والقوى المتصارعة، يتبين جلياً ان كل طرف يدّعي الربح المسبق والحاسم في انتخابات ايار. وهذا الادعاء قد حكم هذا المشهد منذ انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، عبر العناوين الكبرى التي اثيرت فيها، وشكّلت وقوداً للحراكات التي تلتها. ولكن ما هو على السطح من مبالغات، تُناقضه الوقائع الموضوعية والاحجام الحقيقية لكل طرف على ارض الواقع.
ومن هنا، يبدو أنّ كل الاطراف تلعب دورين على المسرح الانتخابي، ففي العلن وعلى المنابر تظهر نفسها واثقة من الفوز وانها تسير بخطى ثابتة نحو الحسم، وتحقيق سيل الوعود التي اطلقتها في الشوارع. اما في دواخلها، فتتبدى حقيقة صادمة تؤكد أن كل هذه الاطراف مُربكة ومحشورة، بعجزها عن تحقيق التغيير الذي نادت به، وبأن صياغة التحالفات بين هذا الطرف او ذاك ليست باليسر الذي توقعته، فدونها شروط من هنا وهناك، تصعّب عقد هذه التحالفات، وبلوغ لوائح مكتملة في الكثير من الدوائر.
وبمعزل عن الخطاب المنبري والكلام الكبير الذي يُساق فيه لزوم الشحن الانتخابي للحزبيين والمناصرين التقليديين، فإنّ المزاج الشعبي الذي تأثّر بالشعارات ووعد بالتغيير وإحداث انقلاب جذري في الخريطة النيابية القائمة في المجلس النيابي الحالي، هو، وفق ما تؤكد دراسات واستطلاعات اصحاب الاختصاص في مجال الانتخابات، مُصاب بإحباط حقيقي بعدما تَوضّحت امامه الصورة، وتبيّن له بما لا يقبل أدنى شك ان العناوين التغييرية التي رفعت على مدى اشهر طويلة قد تبدلت وتقزّمت، وانّ الهدف الاسمى للاحزاب التي استثمرت عليها لأشهر طويلة، هو الذهاب، ليس الى معركة كسر عظم وقلب موازين سياسية ونيابية، بل أقصى ما تريده هذه الاحزاب، هو خوض معركة انتخابية شرسة لتجميع «حَواصل» تمكّنها من الحفاظ على احجامها النيابية على ما كانت عليه في المجلس الحالي لا أكثر ولا أقل.
وتحت هذا العنوان، سيدور الصّخب السياسي خلال الشهرين المقبلين، والاجواء تؤشر الى ان الفترة المتبقية من الآن وحتى موعد اجراء الانتخابات ستكون ذروة في الشراسة في بعض الدوائر، وخصوصا بين الاحزاب المتصارعة على موقع التمثيل الأول والاقوى في الطائفة، وليس سرّاً الصراع المحتدم بين حزب «القوات اللبنانية» والتيار الوطني الحر على اكثرية نيابية يتربّع من ينالها في موقع الاقوى مسيحياً.
على انّ الثقل الاكبر الذي تعانيه القوى السياسيّة والحزبية، هو ان انحدار الازمة وآثارها السلبية التي ضربت المواطنين في كل المناطق، نزعت ثقته بأي برنامج انتخابي لأي من هذه القوى السياسية التي يتهمها بأنها كانت السبب في بلوغ حاله هذا المستوى من الاهتراء، او شريكة في ذلك، وهو ما يدفع بشريحة واسعة من الناخبين الى الإحجام عن المشاركة في عمليّة الاقتراع، وهو الامر الذي يزيد من حشر هذه القوى في معركتها للحفاظ على احجامها، وهذا الاحجام الذي تتقاطع على تأكيده مختلف الدراسات والإحصاءات، حيث ترى ان انتخابات 15 ايار ستكون الادنى من حيث نسبة الاقتراع، بين سائر الدورات الانتخابية التي جرت في لبنان بعد الطائف.
مواضيع ذات صلة :
اجتماعات من دون إعلام… فهل من تحالف؟ | “المطبوعات” تبطل إحالة مواقع إلكترونية على القضاء | اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع غائبة.. فهل يخرقها ملف الرغيف؟ |