بعثات مراقبة الانتخابات إلى لبنان قريبًا.. لا تدخّلات والنزاهة أوّلًا وأخيرًا
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
كلما اقترب الاستحقاق الانتخابي من موعده، كلما ارتسم مشهد التحالفات النهائية والمعارك وما يدور في فلكها. صحيح أنّ البعض غير واثق من إجراء الانتخابات كما هو مخطط لها في الخامس عشر من أيار المقبل، إلا أنّ ما يندرج في إطار التحضير اللوجيستي والتقني مكتمل بإقرار المعنيين. بالطبع جهزت وزارة الداخلية والبلديات النواحي المتعلقة بالانتخابات، في حين انطلقت الماكينات الانتخابية لبعض الأحزاب والقوى وتم الإعلان عن المرشحين والبرامج الانتخابية، كما أن اتصالات أُجرِيَت بالناخبين في المناطق اللبنانية بهدف الحض على المشاركة والتصويت لهذا التحالف أو غيره.
وأما في المقلب الخارجي، فإن عين المجتمع الدولي على هذا الاستحقاق، لا سيّما أنه من أبرز الداعين إلى حصوله.
بكلّ تأكيد تأتي مراقبة الانتخابات من خلال جمعيات المجتمع المدني ومراقبين دوليين وعرب لضمان شفافية وحياد العملية وتسجيل ما يحصل. ولبنان ليس البلد الوحيد الذي توفد إليه بعثات لمراقبة الانتخابات، بل إنّ هناك دولًا عربية تشهد الأمر نفسه.
وإلى بيروت، تصل نهاية الشهر الحالي وبداية الشهر المقبل بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة عملية الاقتراع والفرز، كما من المقرر أن تصل بعثة مماثلة من جامعة الدول العربية للغاية نفسها وهذا ما كان قد كشفه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في زيارته الأخيرة إلى بيروت. في الدورات الانتخابية الماضية، قامت المراقبة من قبل خبراء من هذه البعثات ومنظمات محلية، تعرف الشاردة والواردة في هذا الملف. ومن راقب سير الانتخابات النيابية السابقة، يعلم جيّدًا أن دورًا أساسيًّا يلعبه المراقبون المحليون والخبراء الذين يتسلحون بالقوانين، وإنّ حضورهم كما حضور البعثات الدولية والأوروبية يعزّز العمل الديمقراطي، دون إغفال ما توقفت عنده جمعيات مدنية بشأن مخالفات انتخابية وغير ذلك.
فكيف تتم المراقبة من قبل ذوي الاختصاص لا سيّما البعثات الأوروبية والعربية والدولية؟
وفق ما هو متعارف عليه فإن مراقبة الانتخابات هي نشاط حيوي يقوم به الاتحاد الأوروبي بهدف تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون في جميع أنحاء العالم وهي تساهم في تعزيز المؤسسات الديمقراطية وبناء الثقة العامة في العمليات الانتخابية وتساعد على ردع التزوير والترهيب والعنف، كما أنها تعزز أهداف السياسة الخارجية الأساسية الأخرى للاتحاد الأوروبي ولا سيّما بناء السلام. وهذا المفهوم تتمسك به جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وفق ما تشير إليه مصادر ديبلوماسية لـ “هنا لبنان”، لافتة إلى أن قرار إرسال بعثات من الخارج لمراقبة سير العملية الانتخابية في جميع المناطق اللبنانية وكذلك فرز الأصوات هو رغبة لدى القيمين عليها وتحوز على موافقة الدولة اللبنانية وهذه البعثات لها خبرتها ويخضع أعضاؤها وخبراؤها إلى تدريب رفيع المستوى، مؤكدة أن لبنان من الدول التي دأبت على قبول هذه المشاركة في انتخابات سابقة.
وتوضح هذه المصادر أن البعثات العربية والدولية والأوروبية تعمل من أجل حيادية الانتخابات والحؤول دون تزوير، لكنها في المقابل لا تفرض القرارات أو القوانين إنما تدعو إلى الالتزام بقوانين الدولة، وبالتالي فإن حضورها يأتي في هذا السياق، والمخالفات وملاحقتها تقع من ضمن مسؤوليات الأجهزة المعنية لأيّ دولة.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن لا نفقات مالية تترتب على لبنان بفعل هذه المشاركة، إنما على نفقة البعثات سواء من خلال قرارات الاتحاد الأوروبي أو الجامعة العربية أو الأمم المتحدة.
وهنا يقول سفير لبنان السابق في واشنطن الدكتور رياض طبارة لـ “هنا لبنان” أن كل بعثة تراقب الانتخابات وتسجل ملاحظاتها عن العملية الانتخابية وعما إذا كانت اتسمت بالنزاهة أو شهدت شوائب وخروقات وتعدّ تقريرًا في هذا المجال، ويمكن أن ترسل نسخة بهذا التقرير إلى الدولة اللبنانية، مشيرًا إلى وجود أصول تتحكم بمهمتها وبالطبع تلتزم هذه البعثات بما تفرضه القوانين اللبنانية وتحديدًا في ما خصّ مشاركتها في عملية المراقبة..
ويرى أنّ مهمتها واحدة وجدية ولذلك يكون اختيارها وفق هذا الأساس، معربًا عن اعتقاده أنّه كلما كان عدد أعضائها كبيرًا كلما أتيحت له الفرصة في إنجاز المهمة بسهولة.
إذًا لبنان على موعد مع مراقبين دوليين وأوروبيين وعرب يساهمون في ضمان إجراء الانتخابات بنزاهة، على أنّ العمل الأساسي يقع على عاتق أجهزة الدولة اللبنانية لتمريرها بهدوء وبشفافية.