أصعب “رمضان” على اللبنانيين… عادات تبدّلت!
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
لم يعد الطابع الرمضاني يطغى على أجواء لبنان كما كان سابقًا، فمع حلول الشهر الفضيل، يحاول اللبنانيون فقط تدبير شؤونهم اليومية وفق إمكانياتهم المادية بعيداً عن العادات والتقاليد الرمضانية التي تغيرت وتبدلت، فشهر الصوم أصبح عبئاً اقتصادياً على معظمهم.
أيام صعبة يعيشها لبنان، يئن فيها الشعب تحت وطأة أزمة اقتصادية، هي الأولى من نوعها في تاريخه الحديث، ما جعل العائلات تتجه قسراً إلى اختزال أصناف عديدة من المأكولات، وفي مقدمتها أطباق اللحوم والحلويات.
رمضان هذا العام أصعب من الأعوام الماضية و”الله يعين الناس” هذا ما قالته هدى (أم لأربعة أولاد) في حديثها لـ “هنا لبنان”.
وتتابع: “في العام الماضي ورغم ارتفاع الأسعار كنا نشتري كيلو لحم البقر بـ 120 ألف ليرة أما اليوم فوصل سعره إلى 300 ألف ليرة، أما سعر ربطة الخبز 910 غرام فكان 3000 ليرة لبنانية فيما يصل اليوم سعرها إلى 12000 ليرة، وسعر كيلو العدس ارتفع أيضاً من 10 آلاف ليرة إلى 45 ألف ليرة وكذلك الحال بالنسبة لأسعار كافة المواد الغذائية والخضار”.
وتضيف: “موائد رمضان ستكون شبه خالية من الأصناف والأطباق الرمضانية التي تعود عليها الصائمون، ونظامهم الغذائي سيكون ناقصاً”، متسائلة: كيف سيؤمنون إفطارهم؟
أما محمود فتمنى لو يتأخر شهر رمضان قليلاً، ريثما تتحقق وعود البطاقة التمويلية التي كان من المفترض أن يحصل عليها المواطن اللبناني خلال شهر آذار الماضي.
ويشير إلى أن اللبناني يمر بأسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخ البلاد، ويصعب عليه تأمين أدنى متطلباته الأساسية بسبب الغلاء الفاحش، وما زاد الطين بلة الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها التي عمّقت أزمة لبنان.
ويلفت محمود إلى أنّ الشعب اللبناني أصبح اليوم بأمس الحاجة إلى كل أنواع المساعدات لأن شراء احتياجات المنزل أصبح تحديًا حقيقيًّا، متمنياً أن تصل المعونات الغذائية خلال شهر الخير مباشرة إلى من هم بحاجة إليها.
أما عمر فيقول: “قد تكون أحوالنا أفضل بكثير من عشرات العائلات التي لا تستطيع حتى تأمين الإفطار بشكل يومي”.
ويتابع: “نحن نعتمد سياسة التقشف كي نستطيع الاستمرار، ولا نتناول اللحوم أكثر من مرة كل 10 أيام تقريباً، هذه السنة ستكون موائدنا محدودة جداً، والله يقدرنا نكمل بلا ما نعوز حدا”.
وفي محلات بيع الزينة الرمضانية لم تأت الرياح هذا العام بما تشتهي السفن ولا الأنفس، ولم تشهد إقبالاً كثيفاً كما تجري العادة وهذا ما رصده “هنا لبنان” خلال جولته على بعض المحلات في العاصمة بيروت.
ويقول فؤاد صاحب إحدى محلات الزينة في منطقة الزيدانية: “رغم الأزمات التي تلقاها لبنان، إلا أننا هذا العام نعيش أصعب أيام حياتنا، في مثل هذه الأيام كان محلنا يكتظ بالزبائن لشراء الزينة أما اليوم فتبدل المشهد، وتراجعت نسبة المبيعات كثيراً بسبب ارتفاع الأسعار التي قلصت بدورها من قدرتنا على تأمين البضائع”.
وتؤكّد حنين ما قاله فؤاد لناحية انخفاض الطلب وتراجع المبيعات، فيما تشير إلى بعض العائلات القليلة جداً التي تحاول المحافظة على العادات في شهر رمضان وشراء الزينة، قائلة: “رغم الظروف القاسية يحاول البعض تأمين ما يمكنهم شراؤه من الزينة ولكن بكميات قليلة كي لا يحرموا أطفالهم فرحة الشهر المبارك”.
وتتابع: “أحاول شخصياً مراعاة الزبائن في الأسعار قدر المستطاع كي لا نقضي على الطابع الرمضاني”.
وبالنسبة لحلويات رمضان خصوصاً القشطيات وعلى رأسها الكلاج والقطايف والشعيبيات فقد أصبحت رفاهية لمن استطاع إليها سبيلاً، وبعد جولة قمنا بها على محلات بيع الحلويات الرمضانية في بيروت بحثاً عن الأسعار بدت معظم المحلات مقفلة، ولم يبق إلا القليل منها، ووصل كيلو المعمول مد مشكل في إحدى محلات الحلويات الشعبية الشهيرة في منطقة الطريق الجديدة إلى 190 ألف ليرة أما دزينة الشعيبيات فسعرها 120 ألف ليرة، فيما أعلن صاحب المحل توقفه عن إنتاج الكلاج نظراً للزيادة الكبيرة على أسعارها.
أما في محل حلويات فاخرة في منطقة قريطم، فيصل سعر كيلو المعمول مد مشكل إلى 355 ألف ليرة، في حين تتراوح سعر حبة الشعيبيات 14000 ليرة، وكذلك الحال بالنسبة لحبة الكلاج، وصولاً إلى كيلو البقلاوة الذي تخطى سعره الـ 400 ألف ليرة.
الأسعار نارية ومتفاوتة بين المحلات الفاخرة والشعبية، محلات أقفلت أبوابها وأخرى استغنت عن إنتاج بعض من أصنافها، فهل يستطيع الصائم شراء الحلويات الرمضانية هذا العام أم أن تحضيرها في المنزل سيكون الأوفر على جيبه؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |