خدماتُ لوازِمِ دفن الموتى.. مهنةٌ أخرى أصابها التراجع
كتبت فاتن الحاج حسن لـ “هنا لبنان”:
تسبّب الوضع الاقتصادي السيّئ في البلد بتراجع العديد من المهن والمصالح والحاجات.
ومن بين الحاجيّات الأكثر ضرورةً والتي لا غنى عنها لوازم وخدمات دفن الموتى، والتي لا تقلّ أهميّةً عن بقيّة القطاعات الأساسيّة للمجتمع.
للاطّلاع على مدى تراجع هذه المهنة، أجرينا مقابلةً مع صاحب محلّات بيلان للوازم دفن الموتى في جبيل السيّد لويس أسعد بيلان.
بسؤاله عن تأسيس محلّاته، وكيف بدأ بهذا العمل يجيب بيلان بأنّه أسّس هذه المصلحة في سنة 1958، ولكن قبل هذا التاريخ كان والده قد بدأ بها.
ويضيف أنّه ابتداءً من سنة 1958، أسّس معملاً للتوابيت، وأحضر مجموعةً من العمّال، واشترى بضعة سيّاراتٍ من أجل هذه المصلحة، كما أقام معرضاً للزهور ومشاتل لزراعتها، ليكون العمل كاملاً متكاملاً.
وعن كيفيّة تطوّر العمل ومراحله، يقول بيلان بأنّه في الماضي كان العمل أفضل بكثير، كما كانت هناك محبّة تغمر الجميع، وكانت الألفة موجودة، بغضّ النظر أكان الإنسان قريباً أو بعيداً عن المتوفّى.
كما كانت خدمات دفن الموتى غير ما هي عليه اليوم فقد كانت بسيطةً، مثلاً كان يأتي شخص من عكّار، أو من علمات، أو من رأس أسطا، ومعه سيّارة مرسيدس، فيضع التابوت على سطحها وينطلق به. أمّا مؤخّراً فقد تغيّر الأسلوب وأصبحت الخدمات أكثر تعقيداً: سيّارة خاصّة، وزهور وغيرها من الضروريّات التي أصبحت أساسيّةً، ونادراً أن لا تُطلب.
وقد شرح لنا بيلان عمليّاً كيف يتمّ التحضير لدفن الميت، كالتالي:
في المقام الأوّل يطلب أقارب الميت ورقة “نعوة” ثمّ التابوت، والزهور، وملابس للميت في بعض الحالات، ومنهم من يطلب خدماً، وآخرون يطلبون أن يحضَّر لهم طعام.
وخلال أربعةٍ وعشرين ساعةً على الأكثر، يكون كلّ شيءٍ جاهزاً، بفضل فريقٍ كاملٍ من الموظّفين والعمّال.
وفي خضمّ الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة الحاليّة، وكيفيّة تغيّر الطلب على لوازم دفن الموتى، يجيب بيلان قائلاً بأنّ تراجع القدرة الشرائيّة لدى معظم الناس جعل الكثيرين يشترون توابيت زهيدة الثمن وغير فخمة، وآخرون باتوا يستأجرون تابوتاً جماعيّاً يُعاد بعد الدفن. وبالمبدأ، فكلّ التوابيت لها نفس السعر إلّا المستوردة من الخارج. أمّا بالنسبة لأنواع التوابيت فهناك تابوت من خشب السنديان، أو الموغانو أو غير ذلك.
وبما أنّ مؤسّسة بيلان تشتري الخشب لصناعة التوابيت من التجّار الكبار الذين يستوردونها من الخارج، فقد أصبحت الأسعار مرتفعةً بفعل التسعير بالدولار وبسبب الحرب في أوكرانيا التي خفّضت من كميّة الأخشاب المستوردة، وكلّ ذلك ينعكس على طلب التوابيت وبالتالي على معدّل شرائها.
وعلى ذلك، فخلال السنتين الأخيرتين، لم يعد لدى أغلبيّة الناس الإمكانيّات الماديّة، ولم تعد هناك ألفة أيضاً. فبات التوفير هو القاعدة، مثلاً أصبحت أسعار الزهر خياليّة، ولم يعد المزارع يزرع الزهور، لأنّ الأدوية الزراعيّة مرتفعة السعر وكذلك اليد العاملة والشتول، وبالتالي فقد أصبحت الأكثريّة تكتفي بالأكاليل، وأصبح الموضوع محصوراً ضمن البيت الواحد، والقليل ما زال يقوم بنفس التقاليد السابقة لناحية إرسال الأزهار بوفرة.
وعن تأثير الوضع المعيشي على مهنة خدمات ولوازم دفن الموتى، يوضّح بيلان أنّ تراجعاً في العمل بلغ أكثر من النصف، مع أنّ الوفيّات قد ازدادت بفعل الأمراض والأوبئة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قطاع تربية النحل بين الإهمال الحكومي والاهتمام الأممي | فؤاد شهاب .. “الرئيس القائد”! | متلازمة الفيبروميالجيا: الأسلوب الأفضل للعلاج |