هل هدّد عون: نبقى أنا وبري أو نرحل معًا؟
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
تردّد أوساط إعلامية قريبة من ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”، ما ورد في مقال كتبه صحافي معروف باتصالاته الواسعة، وفيها أن رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تنتهي ولايته في نهاية تشرين الأول المقبل، قد ربط مستقبله السياسي بمستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري. فما هي القصة؟
كما يقال، لا دخان بلا نار، تلاحقت الإشارات التي تؤكد أنّ الرئيس بري يشدّد في مواقفه وما يتسرّب من أوساطه، عازم على بذل كل الجهود كي تتمّ الانتخابات في موعدها، وتاليًا أن تتمّ سائر الاستحقاقات بعد هذه الانتخابات وفي مقدمها تشكيل حكومة جديدة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وإذا كان هذا التوجه لدى رئيس البرلمان يعكس منطق الأمور، فهو من الناحية المبدئية لا غبار عليه. لكن، وبحسب المتابعين لمسار العلاقات بين الرئاستين الأولى والثانية، فإن “الجرّة المكسورة” بين قصر بعبدا ومقر عين التينة منذ لحظة انتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية عام 2016، ما زالت مكسورة على رغم كل الجهود التي بذلها “الفاخوري”، أي “حزب الله”، كي يرممها جريًا على المثل القائل “متل ما بدو الفاخوري بيركّب إذن الجرّة”. وبحسب هؤلاء المتابعين، فإن مواقف الرئيس بري حتى الآن، وعلى الرغم من نجاح المساعي التي بذلها زعيم الحزب السيد حسن نصرالله لإحياء التفاهم الانتخابي الثلاثي بين الحزب والحركة و”التيار الوطني الحر” والذي على أساسه سيذهب أطراف هذا التحالف لخوض الانتخابات في منتصف أيار المقبل، فإن الارتياب لا يزال سيد الموقف عند “التيار” مما ينتظره الأخير بعد هذه الانتخابات. إذ على الرغم من كل “التطمينات” التي يتلقاها التيار العوني، من أنّ “حزب الله” سيزيد حصته من المقاعد، فهناك خشية من أنّ هذه “التطمينات” قد لا تتحقق، لا بل إنّ ما سيتحقق هو خسارة مشهودة يُمنى بها “التيار” نتيجة تزعزع الدعم الشعبي له.
ماذا في اليوم التالي لـ 15 أيار؟ من المؤكد، أنّ الرئيس بري سيفوز مجدّدًا بمقعده النيابي، كما كانت الحال منذ عام 1992، سنة إجراء أول دورة انتخابية بعد اتّفاق الطائف. وأيضًا، يتطلّع الرئيس بري بعد 30 عامًا من رئاسته للبرلمان، كي يحظى بولاية جديدة تنتهي عام 2026.
في المقابل، ليس من المؤكد أن يفوز رئيس “التيار” النائب جبران باسيل، مجدّدًا بمقعده النيابي في البترون لأسباب عدة أبرزها، أنّ الرافعة التي يوفرها “حزب الله” لحليفه البرتقالي في مناطق عدة، لا تشمل البترون. بالإضافة إلى أنّ تيار “المستقبل” الذي منح باسيل دعمًا مهمًّا في انتخابات عام 2018، لم يعد موجودًا الآن بعد قرار زعيمه الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي ومشاركته وتياره في الانتخابات المقبلة.
تبعًا لما سبق، لم يعد خافيًا، أنّ الرئيس بري لديه ما يكفي من معطيات كي يعود مجدّدًا إلى رئاسة البرلمان. أما الرئيس عون فلا يبدو مؤكّدًا أنّه سيحظى بتمديد لولايته، طالما أنّ الانتخابات النيابية ستتمّ في موعدها، وبالتالي فإنّ الأمل الوحيد الباقي للرئيس عون كي ينال تمديدًا لولايته هو أن لا تجري هذه الانتخابات في موعدها، فيتمّ عندئذ تمديد ولاية البرلمان الحالي، ما يستتبع حكمًا تمديد ولاية عون. لكن هذا الأمل لا يبدو موجودًا، أقلّه حتى الآن. كذلك، ليس مضمونًا بعد، أن ينجح وريث عون، أي باسيل في الانتخابات المقبلة، ما يعني أنّه سيفقد الشرط الأساسي كي يترشح لرئاسة الجمهورية.
نعود مجدّدًا إلى المقال، المشار إليه آنفًا وهو قام على المعادلة الآتية: “الرئيس بري بعد 15 أيار رئيسًا لمجلس النواب ما يعني أنّ النائب باسيل رئيسًا للجمهورية بعد تشرين الأول المقبل. أمّا إذا لم يصل باسيل إلى رئاسة الجمهورية، فإنّ بري لن يكونَ رئيسًا لمجلس النوّاب مجدّدًا”.
في المعلومات، إنّ أوساط الرئاسة الثانية تتعامل بجديّةٍ مع التلميحات من الرئاسة الأولى. وتردّ على ذلك، أنّ أحدًا لا يمكنه قلب مسار الأحداث مهما علا شأنه. وبحسب الأوساط الإعلامية القريبة من الثنائي، فإن الرئيس بري ما كان ليعود مجدّدًا إلى خوض السباق الانتخابي النيابي لولا التفاهم المسبق مع السيد نصرالله شخصيًّا.
ماذا بوسع الرئيس عون أن يفعل كي يصل إلى مبتغاه، إمّا تمديدًا لولايته، وإما توريث صهره ورئيس تياره؟
إنّه السؤال المهم المطروح الآن والذي سيرافقنا حتى نهاية العهد الحالي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |