إقرار الكابيتال كونترول: أنا أنفذ… إذاً أنا أستحق
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان” :
ما إن أعلن عن التوصل إلى اتفاق مبدئي بين لبنان وصندوق النقد بشروط مسبقة تعتبر المدخل الإلزامي للوصول إلى اتفاق نهائي يُعطى بموجبه لبنان قرضاً قيمته 3 مليارات دولار تدفع على مدى أربعة سنوات، حتى بدت الحكومة وكأنها تسابق الوقت قبل نهاية ولاية المجلس النيابي واستقالة الحكومة لتظهر التزامها تنفيذ “الإصلاحات – الشروط” حتى تحوّل الأموال إلى خزينة الدولة اللبنانية. ولكن السؤال المطروح اليوم بحسب المتابعين هل هذا الإتفاق سيؤدّي إلى معالجة أزمة لبنان التي تزداد تعقيداً فيما أنفق لبنان في عام واحد 11 مليار على سياسة الدعم فقط رغم الأزمة المالية؟ ولم الإصرار على إظهار صندوق النقد وكأنه الملاذ الوحيد للخروج من الأزمات فيما تجارب سابقة لهذه المؤسسة مع دول عديدة أثبتت أن شروطها كانت سبباً في تفاقم الأزمات؟ أين الطاقات اللبنانية التي ساهمت في نهضة دول عديدة؟ أين البيئة الآمنة المشجعة للاستثمار والمنعشة للإقتصاد؟
في هذا الإطار ترى المصادر أن لبنان ليس بحاجة إلى المزيد من القروض لأن لديه من المقومات البشرية ما يشكل ثروة وطنية، ما يحتاجه لبنان هو إعادة الثقة بالإدارة السياسية والمصرفية في البلاد، ولا سبيل لذلك سوى بتغيير الطبقة السياسية المقسومة إلى قسمين: طبقة لديها القدرة على إحداث التغيير ولكن لا ترغب وقوى سياسية لديها الرغبة في التغيير ولكن ليس لديها القدرة وبالتالي يبدأ هذا التغيير من خلال الانتخابات النيابية لإنتاج قوى سياسية قادرة على إحداث التغيير.
وتستغرب المصادر إصرار الحكومة اليوم على إقرار قانون وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية (الكابيتال كونترول) في هذه المرحلة بصيغته التي تدرس حالياً وهو أحد الشروط العديدة التي وضعت على لبنان ليمنح الـ 3 مليارات من صندوق النقد فيما هي غائبة عن تنفيذ إصلاحات أكثر أهمية إن كان بمحاربة الفساد وضبط الهدر، وهي تحاول أن تلقي بالحجم الأكبر من الخسائر على المودعين والمصارف فيما كان إقراره ضرورياً عند بداية الأزمة في العام 2019، مع العلم أن حرية التحويلات مقيّدة حالياً بالممارسة المصرفية. يضاف إلى ذلك التخوف من الصلاحيات الواسعة المعطاة للجنة وفق هذا القانون والتي تتابع التطبيق والاستثناءات.
وتتخوف المصادر من أن يخسر لبنان ميزة من ميزات إقتصاده ألا وهي حرية التحويلات التي أكسبته على مدى سنوات رؤوس أموال ضخمة. كل ذلك ولم يشرح حتى اليوم للمواطن أين هي الأموال وما هو حجم الخسائر؟
أما سياسة العلاج بالمسكنات التي أرهقت خزينة الدولة فمستمرة. هل تذكرون عندما حصل لبنان في أيلول من العام الماضي على حصته من صندوق النقد الدولي بما يسمى بحقوق السحب الخاصة بعد أن وزع الصندوق هذه الحصص على جميع الدول الأعضاء فيه لدعمها على تخطي التبعات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة كورونا. و حصلت الحكومة اللبنانية في حينها على مبلغ وقدره مليار ومئة وخمسة وثلاثون مليون دولار. وكان السؤال المعتاد في حينه أين ستبدد هذه الأموال؟
تتبدد من خلال حلول ترقيعية على أبواب الإنتخابات النيابية، إذ أن الحكومة لم تجد حلاً لأزمة القمح والدواء إلا باستخدام ما نسبته حوالي ٨ بالمئة من حقوق السحب الخاصة بعد أن وافق مجلس الوزراء على تخصيص ١٥ مليون دولار للقمح و١٣ مليونًا للدواء و ٦٠ مليون دولار للكهرباء، حل لن تتخطى مدة فعاليته الشهرين حتى تعود الأزمة، هذا إن حلت.
وهنا تتخوف المصادر من استنزاف موارد الدولة إذا ما بدأنا بالصرف من حقوق السحب الخاصة بهذه الطريقة، بدل أن يستفيد لبنان من هذه الحقوق في استثثمارات تساهم في النهوض الاقتصادي وهو يضطر إلى صرفها لنفقات استهلاكية. فيما كان من المنتظر من الحكومة أن تستخدم هذا المبلغ لإصلاحات بنيوية في الاقتصاد لإعادة تحفيز النمو وتحسين الاقتصاد المنتج من أجل النهوض الاقتصادي المستدام. ولم لا تصرف هذه المبالغ في تمويل قطاعات الزراعة والصناعة وفي إيجاد حل جذري لمشكلة الكهرباء ووضع البلد على سكة التعافي؟…
ونستمر في الدوامة نفسها… إلى متى؟!!
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |