بين الشيخ النابلسي والشيخ جشي.. “التبرؤ” لا يعني “التبرئة”
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان” :
“التبرؤ” هو السياسة الإعلامية التي ينتهجها حزب الله حين لا يريد أن يتبنى أي موقف يسبب له إحراجًا على مستوى الرأي العام. وإذا لم “يتبرأ” فإنه يعتمد سياسة أقل وطأة هي سياسة “التجاهل” أو عدم التعليق.
أمامنا نموذجان من هاتين السياستين، نموذج الشيخ نظير جشي ونموذج الشيخ صادق النابلسي.
الشيخ نظير جشي، ومن خلال فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، قال في كلمة له: “مَن كان يريد أن يرى بناته على شاطئ جونيه والمعاملتين، يروح ينتخبهن”. ويتابع: “من كان يريد أن يرى أبناءه في بيوت الدعارة والمخدرات، يروح ينتخبهن”.
بدايةً، لم يصدر أي موقف عن حزب الله من هذا الكلام، ولكن بعدما أثار عاصفة من الاستنكارات، وبدأ يؤثر سلبًا على الحليف المسيحي للحزب، أي التيار الوطني الحر، صدر موقف عن الحزب، ولكن ليس عن القيادة المركزية بل عن “قيادة حزب الله في منطقة جبل لبنان والشمال”، اعتبر أن الرجل المذكور منتحل صفة رجل دين، لذلك “وبناء على مسؤوليتنا الوطنية والإجتماعية والأخلاقية نستنكر هذا النوع من التصريحات المشبوهة الصادرة عن المدعو جشي”.
إذا كان “الرجل المذكور منتحل صفة رجل دين”، فلماذا تأخر حزب الله في التبرؤ منه؟
النموذج الثاني الشيخ صادق النابلسي المقرب من “حزب الله” والذي شرَّع التهريب على الحدود بين لبنان وسوريا لحماية المقاومة، فأكد أن “التهريب جزء لا يتجزأ من عملية المقاومة والدفاع عن مصالح اللبنانيين”، وبرّر ما يحصل على الحدود بالقول “تحت الضغط الأميركي والعقوبات الحالية، فإن الشعبين اللبناني والسوري يضطران إلى تجاوز بعض الحدود وكسر بعض القوانين من أجل تأمين حاجاتهم المعيشية”.
جاء هذا الكلام “النافر”، في وقت كان فيه اللبنانيون يعانون الأمرَّيْن من مسألة تهريب السلع المدعومة إلى سوريا، من أدوية ومستلزمات طبية ومحروقات، والقاصي والداني يعرف أن حزب الله غطَّى التهريب الذي كلف خزينة الدولة اللبنانية سبعة عشر مليار دولار.
وعلى رغم الموقف “الكارثي والفضائحي” للشيخ النابلسي، فإن حزب الله التزم الصمت ولم يعلِّق، مكتفيًا بالقول “إن الشيخ النابلسي لا يشغل منصباً في حزب الله”. لكن هذا التبرؤ لا يُلغي أن شقيق النابلسي مسؤول في حزب الله وأن والده الشيخ عفيف النابلسي كان من مؤسسي حزب الله في الجنوب. كما أن هذا “التبرؤ” لا يُبرِّئ حزب الله من هذه المواقف التي تشكِّل “قناعات” لديه، بدليل أنه لم يمنع يومًا عمليات التهريب، وعدم المنع هو تسهيلٌ في حدِّ ذاته.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة |