“العودة الآمنة أو إيجاد دول بديلة”.. لبنان صارح الأوروبيين: عاجزون عن منع الهجرة من شواطئنا
كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:
نهاية شهر نيسان، أعلنت الحكومة اللبنانية بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث موضوع النازحين للسوريين برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، أن مسألة النزوح لم تعد تُحتمل، ولم تعد الدولة اللبنانية قادرة على مقاربة هذا الملف، كما لم تعد قادرة على ضمانه بشكل كلي.
وفي اليوم التالي سلم وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية لممثل مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان أياكي إيتو.
الموقف الرسمي اللبناني حمله كل من وزير الخارجية عبد الله بوحبيب ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار إلى مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” المنعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل. وقرر لبنان أن يرفع من لهجة موقفه، قائلاً “إذا لم يؤيد المجتمع الدولي عودتهم الآن، يجب على الدول المانحة أن تستعد لتقديم مساعدة أكبر من مساعدات الماضي”.
وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار أوضح من بروكسل، في حديث لموقع “هنا لبنان” أن لبنان الرسمي، وبتوافق كل أركان الدولة، يدعم مهمة وزيري الخارجية والشؤون الاجتماعية، الإنسانية والديبلوماسية، من أجل ضمان الاستقرار والسلام في المنطقة من جهة والمحافظة على الواقع الإنساني للنازحين السوريين وللمواطنين اللبنانيين أيضاً.
الحجار قال إنه تم نقل الموقف الرسمي اللبناني للبرلمان الأوروبي وللمشاركين في المؤتمر، عن عدم إمكان إكمال الرحلة بعد أن باتت كلفتها كبيرة، ويضيف: “نحن لا نقول أن سبب كل مشاكلنا هو وجود النازحين السوريين، إنما لا نستطيع أن ننكر أن هذا الوجود كلف لبنان كثيراً.”
وذكر أن هذا الموقف لا ينبع من موقف عنصري. ومن هنا لا بد التمييز بين القضية الإنسانية والقضية السياسية، فبعد 11 عاماً، لا نستطيع إكمال معالجة وجود النازحين بالأسلوب نفسه.
وإذ يقر الحجار بوجود تفاوت بالآراء ووجهات النظر بين الأوروبيين والحكومة اللبنانية، إلا أن لبنان، قدم الحجج المنطقية والواقعية وأكد أن موقفه لا ينطلق من مقاربة عنصرية ولا من رفض وجودهم، لكن الأمور تغيرت والوضع الاقتصادي والسياسي والأمني دقيق، ونقول ذلك من أجل مصلحة الأوروبيين والاستقرار والسلام في المنطقة.
وبحسب الحجار، فإن المقاربة منذ 11 عاماً لم تجدِ نفعاً، والمساعدات الإنسانية والمالية مع إبقاء مليون ونصف نازح في الخيم، أثبتت عدم جدواها ولم تعط النتيجة المرجوة، لا بالعكس، زاد معدل الفقر والجوع والجريمة والإتجار بالبشر والزواج المبكر والإغتصاب.
وبلغة الأرقام يشرح الحجار، أن لبنان بات من الدول الأكثر كثافة سكانية، إذ يعيش 650 شخصاً في الكيلومتر الواحد. وعليه فإن لبنان يطالب بـ 30 مليار دولار كتعويض للخسائر في 11 عاماً، بعدما تكبدت الدولة خسائر في قطاع الكهرباء والتلوث والماء والبنى التحتية، وفي سياسة الدعم للمحروقات والمواد الغذائية التي استفاد منها النازحون السوريون، والأهم يبقى الخطر الأمني هو الهاجس الأكبر للدولة اللبنانية.
ومن هنا يطالب لبنان بتعويض عن الخسائر قيمته 3 مليارات دولار سنوياً لدعم النازحين والمجتمع المضيف، وهذه التعويضات مختلفة عن مبلغ الـ 30 مليار دولار. مع العلم أن لبنان تلقى العام الماضي، 1.56 مليار دولار وهي أقل بكثير من القيمة الحقيقية للخسائر التي يتكبدها لبنان، فكلفة دعم الخبز وحدها خلال 11 عاماً تبلغ 3 مليار دولار.
وفي الموضوع الأمني، يقول الحجار إن عدد السوريين في السجون يصل إلى 40% من السجناء لدى القوى الأمنية مجتمعة، بقضايا تتعلق بارتكاب الجرائم أو قضايا إرهابية.
ورداً على سؤال عما إذا كان لبنان سيلجأ إلى التهديد بأن أزمة النازحين السوريين في لبنان قد تنعكس على الدول الأوروبية، قال الحجار: “نحن لا نهدد ونحن مع العودة الآمنة وهي أول لغة استعملناها، والهدف من التحرك اللبناني الرسمي، ليس تأمين المأكل والمشرب، بل قرار العودة الآمنة أو ايجاد دول بديلة لاستقبال النازحين.
“نحن نعترف أن لا قدرة مالية على تأمين حماية الشواطئ، والقيادة العسكرية أطلعت الحكومة على التقارير الأمنية التي تفيد بأن لا قدرة على حماية طول الشواطئ بوجود آليات لوجستية متواضعة وقليلة.” يضيف الحجار موضحًا: “نحن لا نهدد، ولكن من أجل سلام واستقرار المنطقة، علينا مقاربة الموضوع بشكل آخر، وعلى الدول الأوروبية أن تتعاطى مع الدولة اللبنانية وليس مع الجمعيات والمجتمع المدني وأن تجري حواراً مع الدولة وممثليها.
أما ما يميز التعاطي اللبناني الرسمي هذه المرة عن المرات السابقة، فيشير الحجار إلى أن الموقف الرسمي موحد ودقيق لمقاربة الملف، وهناك تواصل مع مختلف دول العالم لشرح موقفنا، ولاحظنا اهتماماً وتفهماً للموقف اللبناني ولمبرراته وعلينا، وبالسياسة، إقناع شركائنا الأوروبيين والدوليين كافة.
صحيح أن مؤتمر بروكسل هو السادس من نوعه الذي تنظمه أوروبا ويحشد له الاتحاد الاوروبي، فهل يكون مصيره كباقي المؤتمرات فيخرج بلا أموال ولا عودة، حيث اعتاد لبنان أن يخرج المؤتمرون في نهاية كل مؤتمر بتوصيات عامة وبتعهدات تبقى حبراً على ورق، وتكتفي بعض الدول المانحة بتقديم قليل من دولاراتها إلى الدول المضيفة لإبقاء النازحين حيث هم. أما أن قرار لبنان برفع سقف الموقف وأن يبلغ كل معرقلي هذا الملف أنه عاجز عن منع هجرة النازحين إلى أوروبا التي تعيش أسوأَ مراحلها بعد أزمة أوكرانيا، من شأنه أن يُقلق الأوروبيين والمؤسسات الدولية لمقاربة مختلفة لمعالجة أزمة النازحين؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |