تعرفة الاتّصالات إلى ما بعد الانتخابات…”القرم” لـ “هنا لبنان”: “مجلس الوزراء صاحب القرار النهائي بزيادة التعرفة”.
كتب أنطوني الغبيرة لـ”هنا لبنان”:
أعباء جديدة تقع على كاهل المواطن اللّبنانيّ وهي بمثابة حجر عثرة أمام نضاله واستمراه بمجابهة الأزمة المعيشيّة. البعض يعتبر أنّ تأمين لقمة العيش والدواء هما التحدّيان الوحيدان للاستمرار، غير أنّ البعض الآخر والّتي أصبحت كماليات الحياة أساساً له ولعمله لا يستطيع تحديد أولوياته. من هنا أتى خبر زيادة التعرفة على الإتصالات كالصاعقة على الجزء الأكبر من المواطنين في لبنان.
عدم الاستقرار السياسيّ والمالي ينعكس على قطاعات الدولة، فلم تعد هذه الأخيرة تستطيع الصمود بوجه غلاء تكلفة المواد الأوليّة التي تحتاجها من محروقات وأوراق ومحابر لخدمة المواطن. قطاع الإتصالات دخل منذ فترة العناية الفائقة فلم يعد باستطاعته الإستمرار، ليصل المطاف بإعلان وزارة الإتصالات زيادة التعرفة ابتداءً من شهر حزيران المُقبل. هل زيادة التعرفة سيقابلها رفع لجودة الإتصالات أم هي فقط لتخفيف الأعباء؟
للإستفسار حول هذا الموضوع تواصل “هنا لبنان” مع وزير الإتصالات جوني القرم، الّذي استهلّ حديثه بتحديد المشكلة الأساسيّة التي يعاني منها القطاع، فإعتبر القرم أنّ سعر صرف الدولار هو أساس المشكلة. فمصروف شركتي الخليويّ في لبنان ALFA و TOUCH إنخفض من خسمئةٍ وستين مليون دولار سنوياً إلى مئتي وخمسةٍ وخمسين مليوناً وذلك بمسعى لتخفيض النفقات وضبط الميزانيّة. غير أنّ هناك متأخرات مع البائعين من الخارج لمدّة ثلاث سنوات سابقة، وهي أربعين مليون دولار سنوياً.
وفي معادلة حسابيّة بحسب الوزير، مصروف الشركتين للسنة المقبلة بعد إضافة مئتي وخمسةٍ وخمسين مليوناً على أربعين مليوناً يصبح مئتي وخمسةٍ وتسعين مليار. بينما المدخول 1.4 بليون دولار عندما يحتسب على سعر الصرف يُصبح خمسة وسبعين مليار. إذاً قطاع الإتصالات يخسر وكيف يمكننا تعويض الخسارة!
أوضح القرم أنّ شركتي ALFA و TOUCHهما شركتان S.A.L. أي محدودتي المسؤولية، لذا لا تستطيعان أخذ سلفة من خزينة الدولة كما تفعل مؤسسة كهرباء لبنان مثلاً. فهاتان الشركتان في حال لم تستطيعا تأمين مدخولهما قد تضطّران إلى الإقفال. من هنا تأتي زيادة التعرفة على المواطن كجزء من حلٍّ لهذه المشكلة.
وتعليقاً منه حول موضوع غياب المنافسة بين الشركتين في لبنان، والّتي تجعل من الفرد يختار الأفضل بالنسبة له، أشار القرم أن لا مجال اليوم أمام أي شركة بالاستمرار على سعر صرف ألف وخمسمئة ليرة لبنانيّة. مشكلتنا في لبنان هي كيفية الصمود والبقاء في ظلّ الأوضاع الراهنة، حتى لو كان لدينا ثلاثة آلاف شركة لا تستطيع أي منها الصمود مع متوسّط العائد لكلّ مستخدم 1.8$ في لبنان.
فمقارنةً بين قطاع الإتصالات في لبنان بشبيهه في الأردن حيث تتقارب الحالتان بسبب ضعف مداخيل القطاع في كلا البلدان، أشار القرم إلىARPU أو Average Revenue Per User أي المتوسّط العائد لكلّ مستخدم الّذي كان في 2018 في لبنان 27$ أصبح اليوم 1.8$، بينما كان ولا يزال في الأردن حوالى 11$ وهذا الانخفاض يعيق استمرارية العمل.
وعند التطرّق لموضوع الجودة التي سيحصل عليها المواطن بعد رفع التعرفة، أشار وزير الإتصالات أنّ القرار يتّخذ داخل مجلس الوزراء، كونه سيناقش خطّتين وسيختار بينهما؛ وبحسب الخطّة تكون زيادة التعرفة. تقتضي الأولى بالحصول على الحدّ الأدنى المطلوب وبهذه الخطّة لا يتمّ تحويل أيّ مبلغ للدولة اللّبنانيّة ولا يتمّ تطوير الشبكة. يكون بالشركتين أربعون مليون دولار مشاريع إستثماريّة لتأمين الشبكة الحاليّة. بينما الخطّة الثانية تتضمّن إستثمارات إضافيّة مع تحسين وتطوير للشبكة.
في سياقٍ منفصل وبما يتعلّق بالإضراب الّذي قام به موظّفو أوجيرو، أيّد القرم الإضراب كون الموظفين لم يحصلوا على حقوقهم التي وُعدِوا بها. وأشار أنه داخل وزارة الإتصالات كان الموظّف يقبض أربعة وستين ألفاً كبدل نقل، بينما في المكتب الملاصق يقبض موظّف أوجيرو ثمانية آلاف ليرة وليس حتّى أربعة وعشرين ألفاً. غياب العدل بين الموظفين أوصلهم إلى هذا الإضراب، وهم كانوا محقين بحسب الوزير الّذي دعمهم وساعدهم بالحصول على حقوقهم وتعليق الإضراب.
في النهاية رفض وزير الإتصالات التصريح عن قيمة المبلغ المتوقّع أن تصبح عليه فواتير الهاتف وبطاقات التشريج، مرجئاً إعطاء التفاصيل إلى بعد 19 أيار تاريخ انعقاد جلسة مجلس الوزراء؛ والتي وُعد الوزير أنّه سيكون من ضمن جدول الأعمال مناقشة وأخذ القرار النهائي المُتعلّق بزيادة التعرفة كون مجلس الوزراء هو صاحب القرار.
إذاً ما علينا كمواطنين سوى الانتظار لمعرفة قرار الحكومة النهائي، والمبلغ الّمفروض علينا دفعه لعدم إنقطاع التواصل بيننا. فالسياسات الفاشلة التي تعتمدها الحكومات يقع ضحيّتها مرّة جديدة المواطن اللّبنانيّ، وها هو نفس المواطن اليوم يدفع ثمن خطأ جديد من مسلسل سوء إختياره لمنظومة الموت الفاشلة.