سياسة “صفر كورونا”.. الصين تخسر المعركة!
تبدو الصين، بعد فترة طويلة من ظهور وباء كورونا على أراضيها، وهي تخسر المعركة التي تحولت بالنسبة لبكين، كما تقول مجلة Foreign Affairs من معركة صحية إلى معركة سياسية، إعلامية واقتصادية، قد تعرض “استقرار الصين الاجتماعي للخطر”.
وتقول المجلة إنه “لا شيء أخطر بالنسبة للحزب الشيوعي الشمولي الحاكم من هكذا هزة” بعد أن روج طوال فترة الوباء لـ”حسن تعامل الصين مع الوباء” وسياسة “صفر كورونا” ودأب على السخرية من إجراءات الدول الغربية لمكافحته.
وانتشر كورونا بضراوة في العاصمة بكين بعد أدى الإغلاق الحكومي الكامل -الذي لا يزال مستمرا – لشنغهاي أكبر مدن الصين ومركزها المالي، إلى خلق فوضى اقتصادية وولد رد فعل اجتماعي عنيف من عشرات الملايين من السكان الذين منعوا من الخروج، حتى للحصول على الغذاء أو للحصول على الرعاية الصحية.
وعلى الرغم من هذه البروتوكولات، لم تتمكن الحكومة من منع مئات الآلاف من الحالات الجديدة من الظهور في المدينة أثناء الإغلاق.
وتهدد الآن مشكلة مماثلة العاصمة نفسها.
ولعدم رغبتها في الاعتراف بالطبيعة المتغيرة للفيروس، تواصل الحكومة الصينية الادعاء بأنها قادرة على تجاوز الفيروس من خلال تدابير الاحتواء المتطرفة، حتى وسط تزايد السخط الشعبي.
وفي حين أن من المقرر عقد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في هذا العام، تقول المجلة إنه إذا فقد المجتمع الصيني الإيمان بكفاءة الحكومة في محاربة الوباء، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الصيني من صدمات الإغلاق المستمرة – فإن النظام قد يواجه قريبا “أزمة شرعية متنامية”.
وتقول المجلة إن تعاطي بكين مع الفيروس في شنغهاي كان محكوما بـ”السياسات الحزبية” وليس سياسات الصحة العامة المناسبة، ولهذا “وجد سكان شنغهاي البالغ عددهم 26 مليون نسمة أنفسهم فجأة تحت الإغلاق الأكثر صرامة في العالم، والذي تم تمديده الآن مرارا وتكرارا، لأكثر من ستة أسابيع”.
وتقول إن تطبيق سياسة صفر COVID في المدينة ترافق مع تدابير صارمة ليس لها أساس يذكر في العلم أو حتى الحس السليم، مثل تفضيل الحكومة اختبارات PCR المكلفة على الاختبارات السريعة.
كما إنه كلما تم الكشف عن حالة إيجابية جديدة واحدة، يغلق المجمع السكني الذي تكتشف فيه بأكمله ويحتجز نحو 200 ألف من السكان لمدة 14 يوما إضافية.
وفي بعض الأحياء، تم نقل سكان مبان سكني بأكملها إلى مراكز الحجر الصحي.
وطلب من السكان المصابين الذين يعانون من أعراض خفيفة أو معدومة أن يذهبوا إلى المستشفيات المؤقتة للعزل، بعد ذلك، جاء العاملون في مجال الصحة العامة إلى منازلهم ورشوا كميات كبيرة من المطهرات على الجدران والأرضيات والممتلكات الشخصية، على الرغم من أن العديد من الدراسات أظهرت أنه من النادر جدا أن تنتشر العدوى عبر الأسطح الملوثة، وأنه من غير المرجح أن يعيش الفيروس خارج جسم الإنسان سوى لفترة قصيرة جدا.
وخلال معظم فترة إغلاق شنغهاي، تم حظر السكان في المناطق الخاضعة لتدابير كاملة من الخروج في الهواء الطلق إلا لتلقي اختبارات PCR.
ولأن معظم العاملين في مجال الرعاية الصحية قد تمت تعبئتهم لإجراء اختبارات الفيروس، فإن عددا قليلا جدا منهم متاح لتقديم الرعاية الصحية الروتينية أو الطارئة للأمراض الأخرى.
ومع إغلاق أسواق الجملة ومحلات البقالة، سارعت حكومة المدينة إلى توزيع المواد الغذائية على السكان، الذين واجه الكثير منهم نقصا ليس فقط في الغذاء ولكن أيضا في الأدوية وغيرها من الإمدادات الرئيسية.
وتضيف المجلة إنه مع كل هذا، فإن الصين تعاني من فشل جوهري في أساسيات مكافحة المرض، إذ أن البلاد فشلت في تطعيم سكانها المسنين بسبب سياسات قائمة على عزلهم، وفي الوقت الذي ينتشر فيه المرض حاليا فإن هناك عددا أقل من الموظفين الصحيين لإعطاء اللقاح.
وحتى منتصف نيسان، لم يتلق نحو 38 في المئة من سكان شنغهاي الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما أكثر من جرعة واحدة من اللقاح.
وتقول المجلة إن مشاهدة القيادة الصينية وهي تصعد الضغط على حكومة شنغهاي المحلية دفع المسؤولين في أماكن أخرى إلى مضاعفة قسوة الإجراءات خوفا من إلقاء اللوم عليهم إذا لم تكن إجراءاتهم شديدة بما فيه الكفاية.
وتقول المجلة إنه فرضت عمليات إغلاق بعد اكتشاف حالتين أو ثلاث حالات فقط في مدن أخرى.
وفي أبريل، وفقا للمجلة، كانت حوالي 45 مدينة في جميع أنحاء البلاد، تمثل ما يقرب من 30 في المائة من سكان الصين و 40 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي، تحت الإغلاق الكامل أو الجزئي.
وفي بعض المناطق الريفية، كان على المزارعين الحصول على إذن للذهاب إلى حقولهم، ولفرض الإغلاق في تشيانان بمقاطعة خبي، طلب المسؤولون المحليون من السكان تسليم مفاتيحهم حتى يتمكن المتطوعون من إغلاق أبواب المنازل من الخارج.
وتقول المجلة إن هذه التدابير غير التقليدية يتم تناقلها في كافة المدن الصينية وهي تسبب الرعب بين السكان.
وتضيف أن هناك روايات عن السكان الذين ماتوا منتحرين لعدم قدرتهم على التعامل مع ضغوط الإغلاق، وعن المرضى الذين توفوا ليس بسبب كورونا ولكن لأنهم حرموا من الوصول إلى الرعاية الصحية الطارئة بسبب الحجر، والمواطنين المسنين الذين سحبوا إلى مراكز الحجر الصحي في منتصف الليل.
وبدافع من مثل هذه القصص، أصبح سكان شنغهاي أكثر صخبا في انتقاد الحكومة. وفي بعض المناطق، اشتبكوا مع الشرطة التي زعم أنها أمرتهم بتسليم منازلهم لمرضى كورونا.
ونظم بعضهم احتجاجات من شرفاتهم، وطرقوا على الأواني للمطالبة بالضروريات الأساسية.
وتضيف أن هناك الآن انعدام ثقة متزايد في الحكومة بين الطبقة الوسطى، ومخاوف يتم التعبير عنها ولو بتحفظ نسبي، في وسائل الإعلام.
وتقول المجلة إن الإغلاق المفرط في شنغهاي – الذي شهده 26 مليون مواطن، بما في ذلك العديد من أفراد الطبقة الوسطى– يمكن أن يحتوي على بذور التحول السياسي في المستقبل.
وتقول المجلة إن الإجراءات تقوض النجاحات الاقتصادية التي طالما كانت مقياسا لشرعية الحزب الشيوعي الحاكم.
وتضيف أنه على الرغم من كل هذا، لاتزال القيادة الصينية متشددة في طريقة مواجهة الفيروس.
ونقلت عن باحثين قولهم إن هناك علامات على أن الشركات متعددة الجنسيات تفكر بجدية في الانسحاب من الصين، وقال بعضهم إن “سياسة بكين الصفرية بشأن كورونا تفعل ما لم تستطع حرب ترامب التجارية القيام به”.
المصدر: الحرة
مواضيع ذات صلة :
الأبيض تسلّم مساعدات من الصين: رسالة تضامن للّبنانيين | الصين تعلن إجلاء 215 من رعاياها من لبنان | طائراتٌ تُقلع وأخرى تحطّ.. دولٌ تُجلي رعاياها من لبنان وتُغيثه بالمساعدات! |