بعد تقريرين دوليين عن التعاسة والفقر في لبنان، أي مستقبل ينتظره؟
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان” :
من حلول لبنان في المرتبة الثانية بين الدول الأكثر تعاسة إلى إصابة الشعب بالفقر المدقع، هكذا تصدرت التقارير الأممية بشأن هذا البلد ومواطنيه وما الشروحات التي قدمت فيها إلا تأكيد على وقائع مرت وستمر ومرشحة للتفاقم إن لم يتم تدارك الأمر. والدراسات التي تقوم بشكل متواصل من قبل منظمات دولية تدق جرس الإنذار وتعكس هواجس فعلية من وصول الأوضاع في لبنان إلى مستويات خطرة وذلك على الأصعدة كافة. بالطبع، عندما تكون هذه التقارير واضحة بشكل نافر إلى هذه الدرجة، فيفترض أن يقوم تحرك رسمي ما، هذا في الدول التي يسودها الاحترام ويكون فيها الاهتمام الأول والأخير للشعوب ومطالبها.
لكن في لبنان ما كتب قد كتب ومواطنوه يقبعون أشواكهم بأيديهم، أدويتهم مفقودة وفي حال أصابهم المرض يموتون ببطء وأزمة رغيف تطل برأسها بشكل دائم وخدماتهم الأساسية منهوبة والمعالجات عبارة عن مسكنات وترقيعات متعاقبة. إلى متى؟
وعلى الرغم من أن المجتمع الدولي يطلق تحذيراته وخبراء الأمم المتحدة يصدرون تقارير إما من خلال جولات الاستطلاع لموظفي الأمم أو من خلال المتابعة الكثيفة لوسائل الإعلام بشأن حقائق الأوضاع إلا أن موقفاً واحداً من أي مسؤول في الدولة اللبنانية لم يخرج لمنح أي إشارة إيجابية عن المستقبل. الكلام كثير والفعل قليل، والانتظار يطول من أجل تفاهمات محلية أو خارجية.
وليس تضخيماً في الأمر، إن قيل أن المراحل المقبلة ستكون أكثر غموضاً، في ظل غياب أي مبادرات داخلية فعلية فضلاً عن مواصلة النهج الخاطئ في التعاطي مع الأزمات.
وفي تقدير أوساط مراقبة فإن هذه التقارير تصل صداها إلى المسؤولين اللبنانيين وهي تضاف إلى نداءات ومناشدات أخرى من الخارج، إنما التحرك تجاهها منقوص لا بل يكاد يكون صفر. وتشير هذه الأوساط لموقع “هنا لبنان” إلى أنه مع ما أظهرته نتائج الانتخابات النيابية، قد يكون الترقب هو سيد الموقف لأن ما يلي ذلك ليس إلا عبارة عن سلسلة استحقاقات كبرى وحدها كفيلة ببلورة المرحلة التالية.
وتوضح هذه الأوساط أنه عملياً ما من توقعات بانفراجات قريبة لا سيما أن التحسن المنتظر مرتبط بالقرارات الكبرى والأساسية، معربة عن اعتقادها أن الكباش السياسي قد لا يتوقف لا بل ثمة من يشير إلى مواجهات مفتوحة بعد نتائج الانتخابات النيابية.
وتؤكد أن العين الدولية على لبنان وعلى الواقع الذي أحدثته هذه الانتخابات أن لجهة التوازنات أو لجهة التعاطي مع الملفات داخل البرلمان الجديد، مشيرة إلى أن الأساس بالنسبة إلى الهيئات الدولية هو حقوق المواطنين في لبنان وكيفية الالتفات إلى مطالبهم وأحوالهم والحؤول دون إيصالهم إلى أوضاع أكثر سوءاً من تلك الحاصلة لهم اليوم.
وتعتبر أن النقاشات يجب أن تبدأ بشأن ملفات الصحة والطبابة والتعليم وكيفية ترتيب المشاريع الخاصة بذلك وقيام المؤسسات الدستورية بدورها بشكل سليم ووفق أجندة إصلاحات شاملة من دون تعطيل متبادل.
المساءلة والشفافية أمران مطلوبان في إدارة شؤون البلد ولا سيما من الحكومة المقبلة، هذا ما يشير إليه التقرير الأخير للأمم المتحدة، على أن الأوساط المراقبة تلفت إلى أن المسار طويل ومحفوف بالتحديات، مؤكدة أن السلطة السياسية التي تقاعست عن لعب دورها وفق القوانين وتأمرت على الشعب وضعت تحت المجهر العربي والدولي وتقول أن إصدار التقارير لن يتوقف طالما أن لبنان ليس في سكة التعافي بعد.
فهل يتأخر التغيير المنشود وهل يعود شعب لبنان ليحتل مرتبة مقبولة بين الشعوب الأكثر فرحاً، وهل من أمل في أن تمحى عبارة الفقر من قاموس اللبنانيين؟ أسئلة مطروحة ولكن الإجابة عنها أكثر من مستعصية..