كرة القدم اللبنانية، أين هي الآن؟
خاص هنا لبنان – كتابة موسى الخوري
كنا نتمنى أن يكون الوضع عكس ذلك تمامًا. لكن بما أن الرياضة ابنة بيئتها، فإن حال كرة القدم اللبنانية لا يختلف أبدًا عن وضع البلد الذاهب إلى “جهنم” وبوتيرة متسارعة. ومن الطبيعي أن يكون وضع الرياضة بشكل عام وكرة القدم كذلك الأمر كونها اللعبة الشعبية الأولى في العالم والمتنفس الحقيقي لكل شاب يبحث عن وسيلة تريح الأعصاب وتفيد الصحة.
ولكن، وبما أن الكثير من الأمور التي كانت تصنّف ضمن خانة ملاذ الفقراء ولم تعد كذلك بفعل الارتفاع الجنوني للأسعار وانعكاس ذلك على حياة اللبناني اليومية، فإن الأمر سيان بالنسبة لكرة القدم حيث أضحت تكاليف اللعب مرتفعة جدًا سواء على سبيل الهواية أو على مستوى الأندية التي تطبق مبدأ النصف احتراف. فالمساحات العامة تضاءل وجودها وتأهيل الملاعب بات يحتاج إلى مبالغ طائلة وبالعملة الصعبة، ناهيك عن النقل والتجهيزات والمياه والإنارة التي تعتمد بشكل كبير على المولدات التي لا تعمل سوى على المازوت الذي طار سعره مع طيران سعر صرف الدولار.
بالرغم من كل ذلك، لا يسعنا سوى القول “يعطيكم العافية” للقيمين على اللعبة في لبنان والذين يحاولون الوقوف بوجه كل العوامل التي تعاكسهم وتعيق تقدم كرتنا المحلية. فالحمدلله أنه لا يزال في لبنان من يريد دعم اللعبة كبعض رؤساء الأندية المتمولين الذين يؤمنون القسم الأكبر من نفقات الأندية غير آبهين بالخسائر الجمة التي يتكبدونها، والتغطية التلفزيونية التي ما زالت تدر قسمًا من مداخيل اللعبة على الاتحاد الذي يوزعها بدوره على الأندية والحكام والمدربين المحليين الذين يضحون بوقتهم مقابل مبالغ زهيدة من المال بهدف تحسين اللعبة.
وبالرغم من كل ما ذُكِر، لا بد من التوقف عند بعض النقاط التي كان من الممكن تفاديها وعدم الوقوع فيها في سبيل خير ومصلحة اللعبة.
أولًا: موضوع المنتخب اللبناني. لا شك أن المنتخب أدى أداء مميزًا في بدايات مشواره في مباريات تصفيات كأس العالم، ولكن رياح النهاية لم تجرِ كما تشتهي سفن لبنان. لذا فالمطلوب وضع برنامج شامل ومتطور لكل فئات المنتخبات اللبنانية وليس انتظار المسابقات الرسمية والتحضير في آخر لحظة.
ثانيًا: موضوع انسحاب ثم عودة النجمة إلى البطولة. وقد شكّل هذا الموضوع مادة جدالية في أوساط كرة القدم اللبنانية وداخل أروقة النادي النبيذي على حد سواء. فقد انسحب النجمة بحجة (أو بسبب، لا يهم، فالأمر سيان) ما اعتبره مسؤولو اللعبة تجنيًا عليه وظلمًا له. لكن النتيجة أتت عكس ما تمنى النجماويون. فخروج النجمة من بطولة لبنان أدى إلى تخسيره عددًا كبيرًا من النقاط مما أثر على وضعه في الترتيب وجعله يشارك في سداسية فرق الذيل بدل المشاركة في سداسية فرق الطليعة. فتفوق العهد وانتزع لقب الدوري عن جدارة واستحقاق، فكرة القدم تلعب على الملاعب وليس في المكاتب.
ثالثًا: مشاركة قطبي الكرة اللبنانية آسويًا: خروج كل من النجمة والأنصار من الدور الأول لمسابقة كأس الإتحاد الآسيوي كان شبه متوقعًا. فإمكانات الفرق المنافسة وظروف تحضيرها للمسابقة كانت بشكل عام أفضل من وضع فريقينا اللبنانيين اللذين يرزحان تحت وضع اجتماعي واقتصادي خانق يكاد يقضي على كل ما تبقى من مقدرات البلد، لذا يمكن القول أن كلًّا من النجمة والأنصار قدم ما يمكن تقديمه وإن كان بالإمكان فعل أفضل مما تقدم بقليل، ولكن العبرة في التحضير على أمل ظروف أفضل في المرات المقبلة.
خلاصة القول إن وضع كرة القدم في لبنان كوضع لبنان، أيام صعبة وظروف سيئة يأمل الجميع أن تنحسر لينطلق البلد والرياضة وكرة القدم نحو مستقبل أفضل.