الحرب الروسية الأوكرانية تعيد الحياة إلى العلاقات الأميركية – الخليجية
كتب د.طوني وهبه لـ “هنا لبنان”:
الرئيس الأميركي جو بايدن واقع في مأزق يحاول تدوير زواياه وهو كيفية إعادة العلاقة مع المملكة العربية السعودية، “فعندما كان مرشحاً للرئاسة الأميركية توعد المملكة بعقوبات لدورها في حرب اليمن، وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، ودور ولي العهد تحديداً في مقتل الصحافي جمال الخاشقجي، وتعاليه الأخلاقي على السعوديين، وبأنه سوف يجعل من المملكة دولة منبوذة كما يجب أن تكون وسوف تدفع ثمن انتهاكاتها لحقوق الإنسان”.
ولما وصل إلى البيت الابيض بدأ بتنفيذ وعوده الانتخابية فقلّص التعاون العربي والاستخباراتي والدفاعي مع المملكة التي كانت في أمسّ الحاجة للمساعدة والتعاون مع الولايات المتحدة في مواجهة الهجمات الحوثية على أراضيها والتهديدات الإيرانية لأمنها القومي، مع رفض بايدن لاستقبال ولي العهد السعودي الملك سلمان أو إجراء أي اتصالات هاتفية معه.
ولكن بعد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير تغيرت الظروف، وبات محمد بن سلمان الطريق الإجبارية لخلاص بايدن من العديد من مشاكله، فالدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة أدركت أن لا سبيل للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإضعاف موقفه إلا بفرض عقوبات صارمة عليه، والتي لن تكون صارمة إلا إذا حرم من عوائد تصديره للنفط التي تدر عليه مئات المليارات من الدولارات سنوياً، ولا يمكن فرض حظر كامل على النفط الروسي إلا إذا توفّر البديل، ولا يوجد بديل للنفط الروسي إلا عبر زيادة ضخ كميات النفط السعودية والخليجية إلى الأسواق العالمية.
وبناء لذلك راح الزعماء الغربيون يتوددون للمملكة ودول الخليج من أجل زيادة إنتاجها من البترول، لكن المملكة ودول الخليج رفضت ذلك، فحاول بايدن الاتصال بالملك سلمان ولكنه لم يصل إلى أي نتيجة، وعاد وكرر محاولة الاتصال بالأمير محمد بن سلمان مباشرة ولكن دون نتيجة أيضاً حيث سربت الصحف الأميركية أن ولي العهد السعودي رفض الرد على مكالمات بايدن.
وأمام تطورات الحرب وتحقيق الروس تقدماً في ميدان المعارك، وشعور بايدن أن الوقت يضيق ويداهم إدارته، وبالتالي إذا لم ينجح الغرب في وضع ضغوط فعّالة على بوتين اليوم قبل الغد، فلن تعود العقوبات مجدية عندما يحقق بوتين أهدافه ويصبح قادراً على فرض شروطه على الغرب.
إضافة إلى أن عدم ضخ السعودية ودول الخليج العربي المزيد من البترول سينتج ارتفاعاً في أسعار البترول في الأسواق العالمية، وقد تجاوزت الأسعار 120 دولار للبرميل الواحد.
ولهذا الارتفاع تبعات كبيرة، هي:
1- تعرض الاقتصاد العالمي لحالة ركود تدفع ثمنها الدول الصناعية الكبرى وبالأخص الولايات المتحدة.
2- تكلف حكومات الدول الصناعية خسارة لمواقعها حيث أن شعوبها ستحاسبها في أقرب انتخابات تجرى، الأمر الذي يؤدي إلى تفكك التحالف المعادي لروسيا وبالتالي انتصار بوتين.
3- تكلف بايدن خسارته للأغلبية الديموقراطية في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، عندها يصبح بايدن عاجزاً عن القيام بأي قرارات مؤثرة.
أمام هذه الصورة المضطربة، بدأ الرئيس الاميركي بمحاولات جدية لرأب الصدع مع المملكة وأميرها محمد بن سلمان، وراح يفكر في زيارة مباشرة للرياض والتي لم يعلن عنها بشكل رسمي حتى الآن، ولكن تسربت أخبار متعددة أن بايدن يفكر في زيارة الرياض في حزيران الجاري. وتتم حالياً زيارات متبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين للتباحث بشأن ترتيبات الزيارة، وبرنامجها الذي يتمحور حول أزمة الطاقة عالمياً، والحرب في أوكرانيا واليمن والملف النووي الإيراني.
والأمر الذي يكتسب أهمية استراتيجية لهذه الزيارة بحسب المصادر، أن المملكة قد تستضيف خلال الزيارة قمة يشارك فيها إلى جانب الملك سلمان والرئيس الأميركي، قادة مجلس التعاون الخليجي، والعراق والأردن ومصر، وتجري إتصالات بين العواصم المعنية بهذا الشأن.
والسؤال الذي يطرح اليوم، ماذا يمكن للرئيس بايدن أن يفعله حتى يرضي الأمير بن سلمان دون أن يكلفه ثمناً كبيراً وخسارة تنتقص من مصداقيته على الساحة الداخلية الأميركية.
والأهداف الأميركية من الزيارة تتلخص بالمطالب الآتية:
1- انضمام المملكة إلى المعسكر الغربي ضد روسيا وعلى الأقل أن تقوم بضخ المزيد من البترول.
2- إبطاء وتيرة العلاقات السعودية مع الصين.
3- تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
4- إغلاق ملف الخاشقجي نهائياً بحسب النظرة الأميركية طبعاً.
أما مطالب المملكة فهي كالآتي:
1- تريد موقفاً واضحاً من الولايات المتحدة بالتعهد الصريح والمكتوب بالدفاع عن أمن المنطقة.
2- ليست في وضع يسمح لها بضخ المزيد من البترول.
3- ليست في وضع يسمح لها بالتطبيع مع إسرائيل الآن.
4- لا توجد أي حوافز لتجميد التعاون الاستراتيجي مع الصين وروسيا.
5- إنهاء ملف الصحافي جمال الخاشقجي واعتباره منتهياً كلياً وعدم إعادة التطرق له.
وتبقى الأنظار شاخصة في الأيام القليلة المقبلة إلى تلك الزيارة وإنعكاساتها على المستويين العربي والدولي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حل مشكلة النازحين السوريين يقع أوّلًا وأخيرًا على عاتق السلطة اللبنانية | هل يتم استحقاق انتخابات رئاسة الجمهوية في موعده الدستوري؟ | هل باستطاعة الحكومة اللبنانية إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم؟ |