الـ TVA إلى 15%… خطّة تعافٍ من جيب المواطن
كتبت ناديا الحلاق لـ “هنا لبنان”:
تعهّدت حكومة نجيب ميقاتي لصندوق النقد الدولي بزيادة الضرائب تحت عنوان “توسع القاعدة الضريبية” ووفت، بعد أن اتفقت بحسب “خطة التعافي المالي”، على زيادة 40% على ضريبة القيمة المضافة (TVA) من 11% إلى 15% وبشكل تدريجي على مدى العامين المقبلين، دون أي اعتبار للآثار المحسوسة و”العبء الضريبي” الذي تخلفه هذه الزيادة على الفئات المحدودة الدخل، خصوصًا وأنّها لا تميّز بين الطبقات الاجتماعيّة، ما يؤثر على الفئات الأكثر هشاشة، فهل أتت خطة التعافي على “ظهر” الفقراء؟ وما هي التداعيات الاقتصادية لها؟
الخبير الاستراتيجي البرفسور بيار الخوري يقول لـ “هنا لبنان”: “المسألة لا تتوقف عند زيادة ضريبة القيمة المضافة فقط، بل على الإجراءات الجديدة للحكومة، فمسار تحميل المستهلك قد بدأ فعلياً منذ بداية الأزمة لأننا نشهد نمواً تضخمياً سريعاً بل حالياً ربما يسبق نمو التضخم الانهيار في سعر صرف الدولار”.
ويتابع: “كما علينا ألا ننسى بأن المستهلك اللبناني قد دفع ثمن التضخم حتى قبل انهيار سعر صرف الليرة، حيث كان سعر صرفها ثابتاً فيما كان التضخم يرتفع خلال الفترة التي سبقت صيف عام 2019”.
ويضيف: “في الواقع يعود ذلك إلى معادلة: الأقوياء يحمّلون الضعفاء الخسائر، وهو مبدأ اقتصادي، فالسمك الكبير يأكل السمك الصغير، وهو ما حصل مع أصحاب الأجور وأصحاب تعويضات نهاية الخدمة ومع كافة المستهلكين”.
ويرى الخوري أنّ “رفع الضريبة على القيمة المضافة ترافق أيضاً مع تعديل الدولار الجمركي، وكل ذلك يضغط على المستهلكين، اليوم لا مشكلة في ذلك في حال كنا نقوم بسياسات تؤدي إلى رفع مستوى الدخل ورفع مستوى الطلب، أما زيادة التضخم في الوقت الذي نقوم فيه بالضغط على عناصر نمو الناتج الوطني فسيؤدي فعلاً إلى كارثة بالمعنى الاقتصادي”.
ويقول: “نتحدث عن كل ذلك بدون الحديث عن أثر انقطاع البضائع، أما إذا أضفنا إلى ذلك أثر البضائع المقطوعة والتي تتحول بسرعة إلى السوق السوداء وخصوصاً الأدوية، فإن النظرة إلى التضخّم في تلك الحالة تتخذ أبعاداً مختلفة عن تلك التي نراها جراء الإجراءات الحكومية ورفع الـ TVA ورفع الدولار الجمركي وغيرها، نحن نتحدث هنا عن تجارة باتت مبنية على القلة وعلى الحاجة الصحية في حالة الدواء، لذلك يصبح كل رقم نتحدث عن غلائه رسمياً رقماً ناقصاً ويجب أن نضيف إليه العناصر السعرية المتأتية من القلة أو الانقطاع أو من تجار السوق السوداء على اختلافهم”.
أما الخبير المالي والاقتصادي نديم السبع فيقول: “عندما أقرت الحكومة خطة التعافي الاقتصادي وزادت ضريبة القيمة المضافة من 11% إلى 15% كان هدفها زيادة إيرادات الخزينة، ورغم أنه كان من المفترض أن تمثّل الأزمة فرصة للإصلاح الضريبي وليس لزيادة الأعباء الضريبية من خلال التوزيع غير العادل للخسائر، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك”.
ويتابع: “هذه الزيادة شملت كل الطبقات الاجتماعية وهو أمر غير عادل، لذلك يجب أن تكون انتقائية بين سلعة وأخرى كي لا تتسبب الحكومة بعملية إفقار جماعية للناس، خصوصاً وأن التضخم بلغ أرقاماً قياسية، والليرة اللبنانية خسرت أكثر من 90% من قيمتها”.
ويضيف السبع: “كما وأنّ هذه الزيادة ستؤدي إلى ارتفاع كلفة المعيشة بـ 4 أضعاف تقريباً، مؤكداً أن هذه الضريبة أيضاً ستصبح مضاعفة مرات عدّة إذا اقترنت بزيادة في الدولار الجمركي، كل ذلك يشير إلى زيادة معدلات الفقر في لبنان”.
ويلفت إلى أن “خطة التعافي التي أقرتها حكومة نجيب ميقاتي شبيهة بخطة التعافي التي أقرتها حكومة حسان دياب في السابق والتي سقطت بفعل اللوبي المتحكم بمفاصل الدولة لأنهم لا يريدون تحمل المزيد من الخسائر، وبالتالي فإن رفع الضريبة يأتي من منطلق عدم موافقة اللوبي أو السلطة الحاكمة على تقبل الخسائر”.
ويختم: “هذا الإجراء تعسفي ولا يحقق الهدف المرجو ففي حالات الانكماش الاقتصادي والانهيار لا مجال أبداً لزيادة الضريبة”.
فيما يوضح المحلل الاقتصادي لويس حبيقة أن زيادة ضريبة القيمة المضافة ستشمل كل الشعب اللبناني وستطال كل الطبقات الاجتماعية، وهذه الزيادة يجب أن تقر بعد أن تقوم الحكومة بالإصلاحات”.
ويؤكد على ضرورة هذه الزيادة في حال كانت ضرورية بهدف زيادة الإيرادات، ولكن بعد تخفيف الهدر وضبط الحدود. ويتساءل حبيقة: “ما نفع زيادة الضريبة على المستهلك والحدود متفلتة”؟
ويختم حبيقة: “الأولية اليوم تعود لتشكيل الحكومة القادرة على القيام بالإصلاحات الأساسية قبل زيادة الضرائب”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |