الاستشارات: الطابة في ملعب التغييريين
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
فشلت حملة الابتزاز والنكد التي ينفذها جبران باسيل لنيل أكبر قدر ممكن من المكاسب من الرئيس نجيب ميقاتي، وبات تحديد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة أمراً متوقعاً في الأسبوع المقبل، وسط توقع بأن تتم تسمية ميقاتي بأغلبية الـ 65 إياها، ليشكل حكومة تجديد المنظومة، بهندسة جديدة يريد من خلالها إطلاق مشروع الكهرباء، وتفعيل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، هذا كله إذا تمكن من تجاوز ألغام باسيل، وأولها لغم وزارة الطاقة، باعتبار أن الألغام الأخرى ومنها مطلب إقالة الحاكم رياض سلامة، وضعت للمساومة وتأكيد امتلاكه مرة جديدة لوزارة الطاقة.
وفي المقلب الآخر تستعد القوى المعارضة للتنسيق فيما بينها لتفادي تكرار انتخابات رئيس المجلس ونائبه، وتسير الاتصالات بإيقاع مقبول، يفترض أن يؤدي في النهاية إلى الاتفاق على تسمية شخصية تسميها الكتل الحزبية أي القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب والمستقلين والتغييريين.
وقد طرأت عوامل جديدة في العلاقة بين هذه الفسيفساء من القوى النيابية، ستساهم ببلورة اسم يتفق عليه، ويحظى بالتسمية بغض النظر عن حتمية تفوقه بنيل الأصوات على ميقاتي، الذي ينطلق رغم الشغب العوني من أكثرية أحزاب الممانعة وحلفائهم.
ولعل أهم هذه العوامل، الشعور بأن الاستمرار في الخلافات والتضعضع سيؤدي إلى تكرار مشهد انتخابات رئاسة المجلس واللجان، وهذه إن حصلت ستكون هزيمة قاسية، ليس بعدم التمكن بتسمية شخصية لتشكيل الحكومة تحظى بالثقة، بل بإيصال رسالة للناخبين بأن من انتخبوهم خذلوهم في أولى المحطات التي من المفترض بهم أن يتخذوا فيها موقفاً تغييرياً، يؤدي إلى توجيه ضربة للمنظومة، أي تشكيل الحكومة.
هذه المسؤولية سوف تطال الجميع أحزاباً وتغييريين ومستقلين، ولهذا بدأ التواصل بين هذه القوى يصبح جدياً، وبدأ البحث الفعلي بالأسماء التي يمكن أن تحظى بقبول الجميع، والمطروح إلى الآن اسمان الأبرز بينهما السفير السابق نواف سلام.
واللافت أن القوى الحزبية، تعمدت هذه المرة، عدم التسرع في التسمية وتركها لنواب التغيير، الذين إن اتفقوا على اسم لتسميته كرئيس مكلف فستكون حظوظه عالية بأن يحظى بتأييد الكتل الحزبية والمستقلين، وهذا الموقف ينطبق بنسبة أو بأخرى على القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب اللبنانية، والمستقلين.
من هذه الزاوية يأتي تريث القوات اللبنانية في إعلان مرشحها لتولي تشكيل الحكومة، ذلك كي تفسح في المجال لنواب التغيير والمستقلين أن يتبنوا اسماً موحداً، حينها تذهب إلى تأييده، باعتباره مرشح المعارضة الجامعة، الذي لن تكون مواصفاته خارجة عما طرحته من معايير.
أما بالنسبة للحزب التقدمي الاشتراكي، فهو قام في الايام الأخيرة بسلسلة جولات أهمها زيارة معراب، ولقد فهم من موقف الحزب ورئيسه وليد جنبلاط أنه لن يمانع بالسير في تأييد أي اسم يتم الاتفاق عليه من الجميع، وهذا شرط جنبلاطي وضع لكي تكون لمعركة الاستشارات جدواها، وإلا فإن لجنبلاط الحرية إذا فشل هذا الاتفاق باعتماد خيارات أخرى أمرّها خيار تأييد ميقاتي.
بالنسبة لحزب الكتائب فإن التنسيق مع التغييريين والمستقلين، بات من باب تحصيل الحاصل، والجديد أنّ الكتائب فتحت باب النقاش والتنسيق مع القوات اللبنانية، في مرحلة ما بعد الانتخابات.
الواضح إذاً أن الطابة لا بل المسؤولية الأساسية في مواجهة خيار المنظومة في تجديد حكومتها، تقع على عاتق نواب التغيير، من زاوية واجبهم في الاتفاق على اسم مقبول من الجميع، وهذه الخطوة إن حصلت ستكون معبراً لولادة مشهد جديد في الاستشارات، وفي تشكيل الحكومة، مشهد يؤكد أن قوى سياسية استطاعت بتعاونها مع المستقلين والتغييريين أن تقدم نموذجاً حقيقياً يبنى عليه للبدء بالإنقاذ.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |