لا كهرباء، و”الإنترنت” لمن استطاع إليه سبيلاً.. الطلاب والموظفون يستوطنون المقاهي!
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
هرباً من الجو الحار، ومن فاتورة “إنترنت” ستسعّر ابتداءً من هذا الشهر على سعر صيرفة، باتت المقاهي هي المأوى للعديد من الطلاب والموظفين.
فمؤخراً، وخصوصاً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، لم تعد المقاهي في لبنان، تعكس أجواء الجلسات والفرفشة، فعلى كل طاولة تقريباً هناك “لاب توب”، وشخص أمامه شارد في عمل ما، الأحاديث قليلة، العمل أو الدرس هو سيد الموقف…
من الشقة التي تسكنها في عين الرمانة تخرج رانيا حمزة من منزلها إلى بدارو، فالكهرباء المقطوعة دائماً و”المولد” الذي يعمل بالقطارة لا يسعفانها لإتمام أيّ عمل، كما أنّ الإنترنت على خدمته السيئة بات باهظاً جداً..
في أحد المقاهي هناك تجلس، تتكبّد فاتورة قيمتها 100 ألف ليرة، والتي هي ثمن فنجاني قهوة وقنينة مياه، كي تنجز عملها، هي التي تعمل في مجال الصحافة.
لا وقت محدد لرانيا في المقهى، فالعمل قد ينتهي خلال ساعة وأحياناً قد يستمر 5 ساعات!
ومثل رانيا، تأتي معاناة حسن الهاشم، والذي يعمل في المجال نفسه محررّاً في أحد المواقع الإلكترونية.
حسن الذي أصبح لديه موعد دائم في مقهى طرابلسي، وضع لنفسه روتيناً يومياً فما إن يبدأ دوامه حتى يحمل اللاب توب ويخرج من منزله إلى الطاولة التي اعتاد الجلوس عليها.
يتأفف الصحفي الشاب من هذا الوضع، ولكن وفق كلامه لا خيار، فهو لن يتحمّل تكلفة مولد خاص ولا قدرة له على تركيب طاقة شمسية، كما أنّه بات يفكر في فاتورة الاتصالات والإنترنت التي أصبحت “ثقيلة” على كل المواطنين.
وعند سؤاله عن فاتورة “المقهى”، يقول “بين 80 و100 ألف، ولكن الضرورات تبيح المحظورات، لا خيار لدي”.
في المقابل، لا يبدي بلال مالك مقهى “NANA’S” في الطريق الجديدة، انزعاجه من توافد الطلاب والموظفين، مؤكداً “هذا الإقبال يعطي حيوية للعمل، والطالب الذي يأتي اليوم لوحده يعود غداً وهو رفاقه”.
ومع رفع تسعيرة الإنترنت لا يستبعد بلال فرض رسمٍ لهذه الخدمة على الزبائن، معلّقاً: “في حال كانت فاتورة الإنترنت تؤثر على العمل، سأضطر لإعطاء الإنترنت بشكل مجاني لأول نصف ساعة وبعد ذلك لقاء تسعيرة”.
إلى ذلك لا يخفي بلال ضيقه من بعض الطلاب والموظفين الذين يجلسون لأكثر من 5 ساعات دون أن يطلبوا أكثر من فنجاني قهوة: “هؤلاء في نهاية الأمر يأخذون مكان زبائن، ونحن نتعامل معهم بصراحة فنطلب منهم على الأقل أن يطلبوا شيئاً آخر أو أن يفسحوا المجال أمام زبائن آخرين”.
حال هذا المقهى كحال بقية المقاهي، والتي أصبح بعضها يطلب من الطالب أو الموظف، طلب شيء فور الجلوس. فيما بدأ البعض الآخر منذ مدّة بفرض رسم على خدمة الإنترنت.
غير أنّه وعلى الرغم من كل ما سبق تبقى المقاهي الملاذ الأوّل في بلد باتت الدراسة فيه كما العمل، نوعاً من الجهاد، وعلى الأرجح ستزداد هذه الظاهرة في الأيام المقبلة، فتشريج الخطوط أصبح يكلف مبالغ كارثية لا يمتلكها معظم الشعب اللبناني.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ونحن أيضاً أشلاء.. | أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! |