هل باستطاعة الحكومة اللبنانية إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم؟
كتب د. طوني وهبه لـ “هنا لبنان”:
من المقرر أن يقوم وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، بزيارة رسمية إلى دمشق بعد عطلة عيد الأضحى، بتكليف من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ولجنة عودة النازحين، يلتقي خلالها وزير الإدارة المحلية السوري حسين مخلوف، لبحث خطة إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم.
وقد مهّدت السلطات اللبنانية للزيارة بتواصل مسبق مع السلطات السورية، أدّى لبلورة ترتيبات لعودة تدريجية للنازحين تقوم على إعادة 15 ألف نازح شهرياً، يمكن أن يتصاعد هذا العدد بناء على القدرة الاستيعابية للدولة السورية، وأن تكون العودة على أساس جغرافي، وتأمين مراكز إيواء لهم ضمن قراهم ومناطقهم في سوريا.
وبحسب ما أوضحه الوزير شرف الدين أن السلطات السورية “أعلنت عن استعدادها للمساعدة في تنفيذ الخطة، عبر استحداث مراكز إيواء وترميم المنازل والمساكن، وتنفيذ مشاريع بنى تحتية ومدارس وطبابة وتمديد شبكات المياه والكهرباء للعائدين، ممّا يوفر الظروف الملائمة للعودة”.
مشيراً إلى أن العائدين سيكونون مشمولين بقانون العفو العام الذي أقرته دمشق، والذي يشكل ضمانة لمخاوف النازحين من ملاحقات أمنية، في إشارة إلى مخاوف من اعتقال الذين حملوا السلاح في فترة الحرب ضد النظام السوري.
وكان الرئيس ميقاتي قد هدّد في 21 حزيران الماضي خلال رعايته إطلاق “خطة لبنان للاستجابة للأزمة لعام 2022-2023″، بإعادة اللاجئين السوريين، إذا لم يتعاون المجتمع الدولي مع بلاده في تأمين عودتهم إلى سوريا، لافتاً إلى أنه “بعد 11 عاماً على بدء الأزمة السورية، لم يعد لدى لبنان القدرة على تحمل كلّ هذا العبء، لا سيّما في ظل الظروف الحالية”.
وتفيد المعلومات في هذا المجال أن الأسبوع المقبل سيشهد تحركاً للسفراء الغربيين باتجاه رئيس الحكومة لثنيه عن القيام بخطوات عملية في هذا الإتجاه، وسيكون ميقاتي أمام اختبار جدي هو الأول من نوعه في مواجهة المجتمع الدولي، بعدما كلف الوزير شرف الدين للتنسيق مع الجانب السوري. وعلم أيضاً أن السفارة الأميركية في بيروت حذرت كلًّا من ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب من مغبة اعتمادهما استراتيجية منفردة حيال النازحين السوريين بعيداً عن التنسيق مع المجتمع الدولي.
وكان التحذير واضحاً أيضاً لجهة رفض واشنطن كسر القطيعة الرسمية مع النظام السوري، معتبرة أن لبنان ليس كغيره من دول الخليج ولا يستطيع تحمّل كلفة خطوة مماثلة قد تكون أكلافها كبيرة.
كما أنه وبعد ساعات على رفض الأمم المتحدة التعاون مع الجانب اللبناني أصدرت منظمة “هيوومن رايتس ووتش” بياناً وصفت فيه الخطوة اللبنانية بأنها غير قانونية، داعية إلى مساعدة الدول المضيفة ومنها لبنان على رعاية اللاجئين فوق أراضيها، وأعلنت رفضها لما أسمته العودة “القسرية” للنازحين.
وكانت المفوضية العليا للاجئين قد رفضت المشاركة في لجنة ثلاثية مع لبنان وسوريا للبحث في خطة العودة، وأكدت أنها لن تعلّق تقديماتها المالية والعينية للنازحين في لبنان، وفي المقابل ستتوقف عن تسديدها في حال انتقل هؤلاء إلى الداخل السوري، بما معناه التهويل من إقدام السلطات اللبنانية على تنفيذ هذه الخطة.
فإزاء كل ذلك، فهل تستطيع الحكومة اللبنانية اليوم، وفي ظل ظروف اقتصادية ومالية كارثية وغير مسبوقة في صعوبتها وتعقيداتها، أن تتحمل عبء النازحين السوريين الذين يفوق تعدادهم 1.8 مليون نسمة، وهل يمكن للحكومة اللبنانية التفرّد باعتماد خطة إعادة النازحين بالتنسيق مع الدولة السورية وبمواجهة المنظمات والمجتمع الدولي؟
ما هو واضح حتى الآن أن الحكومة اللبنانية في وضع لا تحسد عليه، في ملف ضاغط لا تستطيع تحمّل تكاليفه وتبعاته، ولا تجد في المجتمع الدولي معيناً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حل مشكلة النازحين السوريين يقع أوّلًا وأخيرًا على عاتق السلطة اللبنانية | هل يتم استحقاق انتخابات رئاسة الجمهوية في موعده الدستوري؟ | لماذا لا تشجع الدولة مزارعي القمح حفاظاً على الأمن الغذائي؟ |