عام دراسي “صعب” في المدارس الرسمية… وسجال حول “التعاقد الجديد”
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
العام الدراسي المقبل صعب وسط تحديات تواجهها المدارس الرسمية والخاصة لجهة توفير المستلزمات والمقومات المالية في وقت ينوء الأهالي تحت وطأة أزمات لا تنتهي.
وأمام تفلت المدارس الخاصة بزيادة الأقساط فضلاً عن طلب الدولار الفريش من الأهالي، يبدو أن المدرسة الرسمية أمام تحد آخر يُضاف إلى معاناتها إذ كيف ستتمكن من تحمّل العدد الهائل للتلاميذ الذين ينزحون من المدارس الخاصة باتجاه المدرسة الرسمية التي تشهد ظاهرة تهدد العام الدراسي مع إقدام عدد كبير من أساتذة التعليم الأساسي والثانوي على طلب إجازات بلا راتب وطلبات استيداع للبحث عن فرص عمل في مكان آخر.
أمام هذا الواقع بدأ المعنيون بالتحرك لإنقاذ العام الدراسي المقبل تفادياً لتعثّر محتّم إن استمر الوضع على ما هو عليه، وفي اللقاء الأخير بين وزير التربية عباس الحلبي ووفد من رابطة معلمي التعليم الأساسي قُدمت خطة عمل للعام الدراسي المقبل، إلّا أن ما تضمنته هذه الخطة من اقتراح لفتح باب التعاقد الجديد قد أثار امتعاض المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي لجهة أن هذا “المطلب مجحف وغير مدروس ويضرب حقوق آلاف المتعاقدين الحاليين”.
فكيف يمكن إنقاذ عام دراسي في المدارس الرسمية إن كان الخلاف قد بدأ حول مضمون خطة لا تزال حبراً على ورق؟
رئيس رابطة معلمي التعليم الأساسي حسين جواد أكد لموقع “هنا لبنان” أن “انطلاقة العام الدراسي المقبل ستكون صعبة في المدارس الرسمية ما لم يتم تحقيق مطالب المعلمين التي رفعناها لوزير التربية من بينها: تصحيح الرواتب وإعطاء بدل نقل 7 ليتر بنزين مع كل يوم حضور ودعم تعاونية الموظفين لتغطية كلفة الاستشفاء ورفع قيمة الحوافز لتحسين وضع المعلمين الاجتماعي”.
وتضمنت الخطة أيضاً، مجموعة من الاقتراحات حول بداية العام الدراسي والدوام والمناقلات ودعم كلفة انتقال تلاميذ المدارس الرسمية وتوزيع الكتاب المدرسي وتسريع المعاملات الإدارية وتعيين المديرين وتجهيز المدارس لزيادة القدرة الاستيعابية، مع ضرورة إجراء عقود تعاقد للمستعان بهم وفتح باب التعاقد الجديد وتأمين مادة المازوت للمدارس التي تقع في المناطق الجبلية ورفع سقف الإنفاق.
وعن خلفية المطلب الذي أثار امتعاض المتعاقدين، لفت جواد إلى أن القصد من ذلك المطلب ليس الاستفزاز بل “ما قلناه أن هناك حركة نزوح الى المدرسة الرسمية في العام المقبل ما يتطلب تجهيزات ومعلمين وبالتالي الحاجة إلى التعاقد انطلاقاً من وجوب فتح باب التعاقد وفقاً للحاجات التي تحددها المنطقة التربوية وبآلية واضحة، ولا شك أنه عند ازدياد عدد التلاميذ نحتاج إلى زيادة عدد الأساتذة، ويمكن التعاقد مع الأساتذة الذين يقبضون رواتبهم من صناديق المدارس ويبلغ عددهم نحو 4000 أستاذ”.
وهنا تطرق جواد إلى مسألة تقاعد الأساتذة، إذ سنوياً يتقاعد 900 أستاذ في الأساسي ليبلغ العدد مع الثانوي 1200 يضاف إلى ذلك مشكلة هجرة المعلمين، فيما يقدّم البعض طلبات استيداع وصلت إلى نحو 500 طلب استيداع.
جواد رأى أن “مشكلة المتعاقدين بقياداتهم أي من يضع نفسه في موقع قيادة المتعاقدين، وكنا نتمنى لو قرأوا البيان جيداً لعلموا أنه عندما يزداد عدد التلاميذ، المطلوب حينها ملء الشواغر بالتعاقد الجديد وليس على نفقة صناديق المدارس ومجالس الأهل لأنها أُرهقت بمن تم الاستعانة بهم في السنوات الماضية”.
المتعاقدون
رئيس لجنة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي حسين سعد سأل عبر موقع “هنا لبنان”: “وفق أي أسس تطلب الرابطة إدخال دم جديد وهل يمكن خرق القانون 46 بمنع التوظيف الذي أقر في العام 2017؟ وكيف يمكن إدخال متعاقدين جدد إلى السلك التعليمي قبل إعطاء المتعاقدين الحاليين حقوقهم بالتثبيت وبدل النقل والضمان؟ هي مطالب محقة نادينا بها طوال عقدين من الزمن. وليتم ملء برنامج المتعاقد 30 ساعة أسبوعياً من دون محسوبية أو ترهيب من المدير ولنرَ كم سيبقى من شواغر بعدد الساعات، وعلى أساسها فليتعاقدوا مع من يريدون وفق القانون أو وفق النظام الذي تتبعه وزارة التربية والكفوء ينجح”. وأشار سعد إلى أن “المستعان بهم الـ 2500 في الدوام الصباحي وإمكان توقيع عقودهم مثلاً والتعاقد معهم”.
هاجس المتعاقدين وفق سعد هو “هضم حقوقهم بطريقة ملتوية من قبل البعض إذ بمجرد إدخال دم جديد ستؤخذ ساعات من المتعاقدين القدامى وسيغادر كبار السن منهم من دون حقوقهم، إضافة إلى فتح باب المحسوبيات والتوظيف العشوائي”.
وإذ لفت سعد إلى ما سماه تهديدات في العام الماضي بفتح باب التعاقد إذا لم يعودوا عن إضرابهم، رأى أن هناك لعبة ظاهرها “الحاجة إلى أساتذة لتعبئة الشغور” وباطنها “ضرب لحقوق المتعاقدين على مر الزمن”. ولم ينكر مغادرة أساتذة في الملاك بسبب الضائقة الاقتصادية، إلّا أن سعد لا يرى في مطلب التعاقد بهذه الطريقة إلّا ضربًا لملف المتعاقدين في التعليم الرسمي.
ودعا إلى إقامة طاولة حوار تربوية لمعالجة كافة المشاكل التربوية التي تعصف بالقطاع التربوي لأنه إذا بقي الوضع على ما هو عليه من دون حوافز أو في ظل إرباك بتوزيع هذه الحوافز ومن دون رفع بدل النقل عن 64 ألف ومن 3 إلى 5 أيام بطريقة السلم المتحرك وفق ارتفاع سعر البنزين في السوق، وإذا لم يحصل تصحيح للرواتب كأجر الساعة الذي يتقاضاه المتعاقد، لا شك أن العام الدراسي سيكون صعباً وبخطر حتى لو استعانوا بأساتذة جدد.
هذا المشهد جزء بسيط من واقع تربوي لا يبشّر بالخير ويُظهر كم سيكون العام الدراسي المقبل مليئاً بالتحديات والصعوبات …
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |