أم أشرف تحول فن الأميغرومي إلى حرفة ومنتجاتها باتت عابرة للقارات
كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:
تعرف جيداً كيف تترجم الموهبة إلى عمل فني منجز بإتقان وحرفية عالية، وحتى الموقف “الاستغرابي” من زوجها على ما تفعله تحول عندها إلى حافز إضافي، للسير قدماً في هوايتها التي حولتها بأقل من سنة إلى إنتاج إبداعي أكثر جنوناً بفكرته، بأسلوب فريد لتثبت ببصماتها بأن الفن لا حدود له، متسلحةً بالدعم الكبير الذي تلقته من أولادها، ومن ثم من زوجها لاحقًا.
زينب درمسيس ربة منزل اختارت مستوى آخر من الفنون، فن النحت بالخيوط، الفن الصعب على من لا يتقن لغة الصبر وطول البال، وهي السمة التي هجرت معظم اللبنانيين حالياً بفعل ما ألمّ بهم من مصائب وواقع أليم، فيما لـ “أم أشرف” رأي آخر في قصتها مع “الأميغرومي ” Amigurumi.
وتوضح في حديث لـ “هنا لبنان”: “عشقته منذ أن تعرفت عليه، هو فن يريح النفسية ويعلم الصبر، شعوران يتغلغلان بك تدريجياً، وعندما تعمل بإبداع في نحت الدمى بالخيوط على هيئة إنسان نابض بالفرح، فمن الطبيعي أن تشعر بالسعادة أكثر فأكثر”.
تكتيك تعتمده درمسيس منذ خمس سنوات، سنوات قدمت خلالها منحوتات تصفها بـ “الكثيرة الكثيرة” حيث وصلت بداية إلى العديد من البلدان في إفريقيا ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية ثم إلى مصر والسعودية والإمارات والعديد من الدول العربية، بعد أن ذاع صيتها في لبنان، كل ذلك نتيجة إصرارها على العمل باحترافية وعلى تطوير مهاراتها، كلٌّ حسب طلبه.
القصة بدأت عندما طلبت منها ابنتها شراء لعبة منحوتة بتقنية الأميغرومي “عندما وجدتها لدى أحد التجار طلب ثمناً عالياً، غادرت متجره ورحت أبحث في متاجر أخرى عنها، لكنني لم أوفق وعدت إلى المنزل وأخبرت ابنتي بما حصل، والتي أًصرت على شرائها مؤكدة أنها فعلاً غالية الثمن، ومرة ثانية لم أوفق لأنني وجدت أن التاجر باعها عندما عدت إليه”.
الصدفة شاءت بعد أيام، أن يقع ناظراها في أحد أسواق الأصواف والقماش في مدينة صور، على مجلة تعلم هذا الفن، لتشتريها دون تردد إرضاءً لحشريتها في التعرف على هذا الفن وأسرار جماله وأساليب النحت فيه.
وفن الأميجرومي هو فن ياباني عبارة عن دمى وعرائس مصنوعة من الكروشيه ومحشوة، لتعطي الشكل المجسم، وتختلف المجسمات في الحجم وليس لها قواعد أو قيود معينة، ويمكن صناعة الدمى أو بعض الشخصيات الكرتونية من خلال هذا الفن.
وهناك دمى مصنوعة من خلال هذا الفن باستخدام الكروشيه أو التريكو ثلاثية الأبعاد، ويتم استخدام إبر الكروشيه الصغيرة لتظهر الغرز بشكل ضيق، وعادة ما يستخدم الحشو من البوليستر أو الصوف أو أنسجة القطن، حيث تُصنع أشكال الدمى حسب الرغبة، فتجد منها على هيئة أشكال هندسية أو حيوانات أو طعام أو عرائس أو منازل.. وغيرها الكثير.
كل يوم يمكنك أن تلاحظ مجسماً جديداً أو تفاصيل جديدة فيه (تتعلق بالأنف والعيون والرموش والفم واليدين والقدمين والشعر وغيرها)، والإكسسوارات المتعلقة ببعضها معتمدة في جزء من المواد الأولية على مواد صينية المنشأ، فيما يشكل مجسم دكتور التجميل العالمي هراتش ساغبازريان الذي نال إعجابه بشكل كبير، وقام بتنزيلها على صفحته على منصة الفايسبوك “الانطلاقة الحقيقية لي بالنسبة إلى لبنان”، تشير أم أشرف .
هيئة الإنسان هي الهيئة المفضلة لديها، فيما لم ترق لها بقية الأشكال، “أفضل أن أركز تفكيري عليها، أحياناً أبيع منها، ومنذ فترة لم أعد أصرف على ألعابي، لأنها بدأت تصرف على نفسها”. وتضيف “ثمة شباب يطلبون ألعاباً تشبه خطيبتهم أو العكس، أو أب يطلب لعبة تشبه ابنته أو حفيدته”.
أفكار لم تخطر في بال درمسيس، إذ وبعد أن تزوج أولادها جميعاً، وارتفعت بورصة وقت الفراغ لديها، راحت تخصص وقتاً أكبر لفنها هذا، كاشفةً أنه “حالياً يطلب مني تعليم هذا الفن لجيل الشباب وتحديداً ألعاب العروس، وأنا أُعتبر من أوائل من حمل رايتها في لبنان، أحياناً أعطي الدروس “أونلاين” لكيفية عمل هذه اللعبة وأحياناً أعطي ورشاً تدريبية حضورية”.
واليوم تطمح درمسيس للحصول على فرصة لإقامة معرض لأعمالها خارج لبنان، خطوة على الأرجح أنها ستعرف جيداً كيف تستثمرها لتُدخل لبنان في عالم المنافسة الدولي في هذا الفن. من يعلم؟ أوليس في حسابات الإبداع اللبناني “كل شيء وارد”؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |