كي لا تسقط طرابلس ضحية الشرّ!
وكأن الذين يريدون للمدينة الحبيبة طرابلس أن تنزف يوميًا يكررون المشهد العنفي حتى بات موجعًا حتى العظم، ومقلقًا حتى العمق الوجداني لأبناء طرابلس الصابرين.
عندما كانت طرابلس زينة وعروسة الساحات كان لصدى صرختها ترداد في كل أرجاء الوطن حتى وإلى العالم أجمع. كانت الصورة الإحتجاجية صادقة ونقية ومقدسة، وكان لها الوقع الأجمل والأنقى، وكانت معبّرة بكل أمانة عن وجع أهل المدينة المحرومة من قبل دولتها، والمهملة إنمائيًا وإجتماعيًا وإقتصاديًا، حتى باتت عنوانًا للفاقة والعوز ولإنعدام فرص العمل، على رغم المبادرات الفردية المباركة منذ وقت طويل من قبل أهل العزم والكرم والمروءة، ولكن يدًا واحدة لا يمكنها أن تصّفق، ولا يمكنها أن تحّل محّل الدولة الغائبة عن السمع والمهتمة بأمور كثيرة غير الأمور المهمة، التي تهمّ المواطن الطرابلسي خصوصًا وأبناء الشمال عمومًا، حيث يحل الفقر ضيفًا ثقيلًا على كل بيت تقريبًا.
ما نشهده من أعمال عنف ومن تعديات على القوى الأمنية ومن إحراق للسيارات والمقار الرسمية ليس من شيم أهل طرابلس، الذين يرفضون حتمًا مثل هذه الأعمال المخلة بالأمن، والتي تزرع الفوضى والشرّ، وهي غريبة عن عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم، وهم الذين عبرّوا في الإنتفاضة الأولى خير تعبير عن حضارة شعب يعشق الحياة الكريمة ويرفض الذل والهوان والإنصياع وراء غرائز من شأنها أن تجرّ الويلات على المدينة وأهلها.
طرابلس هي مدينة العلم والعلماء، مدينة النور والعيش المشترك، مدينة الحضارة والثقافة والفنون الجميلة، مدينة الناس الطيبين والخيرين، مدينة التقوى والأيمان، مدينة الإشعاع.
لن تكون طرابلس الصامدة في وجه مزوري التاريخ معبرًا لأصحاب الغايات الخبيثة، الذين يتخذون من المدينة وأهلها متراسًا لأهدافهم الشريرة، ولن تكون إلا في كنف الوطنية الصافية، التي لا تشوبها شائبة.
طرابلس ترفض الموت وتعشق الحياة، ولكن ليس أي حياة، بل الحياة الكريمة البعيدة عن الذّل والقهر والحرمان.
المطلوب من الدولة الكثير من المشاريع التنموية ومن المشاريع العمرانية التي توفر لأبناء المدينة فرص عمل وعيشًا لائقًا، خصوصًا أن ثمة مشاريع كثيرة من شأنها أن ترفع مستوى الحياة في المدينة لا تزال نائمة في أدراج النسيان، وفي أدراج الإهمال والتسويف والمماطلة، او تتم محاربتها للاقتصاص ممن يصوبون بالحق على من يخالف الدستور والقانون.
ليس من شيم أهل المدينة أن يقتحموا صرحًا تربويًا يؤّمن لأولادهم العلم والمعرفة، وليس من شيمهم أن يعبرّوا عن غضبهم وجوعهم وقلقهم بطريقة غير حضارية.
المطلوب من الطرابلسيين الشرفاء والأبطال أن يعبّروا بصدق عن رفضهم ما يحصل في مدينتهم، وما يشّوه سمعتها وما يسىء إلى كرامتها وحرمتها. فالغضب المقدس والمحق لا يكون بحرق سيارات الناس ولا بتكسير المحلات ولا بالإعتداء على الأملاك العامة والخصوصية، بل يكون بإيصال الصوت بحضارة حتى تبقى طرابلس عروسة الساحات وأيقونة النضال الوطني الشريف.
مواضيع ذات صلة :
إليكم الفائزان بعضوية مجلس نقابة المحامين في طرابلس | ضبط كتب دراسية مخصصة للتوزيع المجاني تُباع في مكتبات بطرابلس وإحالة المخالفين للقضاء | بالصورة: بعد أيام من خطفه في طرابلس.. تحرير ابن الـ16 عاماً |