المنطقة أمام خطر مواجهة كبرى
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
هل تقترب المنطقة من المواجهة الكبرى؟ وأين ستكون مسارح هذه المواجهة؟ وهل ستقتصر على الحروب بالوكالة، أم أنّ الاندفاع الإيراني إلى تسريع الملف النووي العسكري وانسداد أفق المفاوضات، سيؤدي إلى تحويل إيران نفسها للمرة الأولى إلى مسرح يتحول فيه الخيار العسكري الإسرائيلي أو الأميركي أو الإسرائيلي الأميركي المشترك، إلى ترجمة عملية تتمثل باستهداف المنشآت العسكرية النووية، التي ستفتح الباب أمام رد إيراني مباشر وعبر الوكلاء في العراق ولبنان واليمن؟
تنبئ التطورات المتسارعة في المنطقة، باحتدام باتت معالمه تظهر بوضوح، في العراق ولبنان، وربما يلتحق اليمن بهما بعد اهتزاز الهدنة. هذا الاحتدام تحركه إيران بطريقة ممنهجة وفق معادلة تحريك أوراق التهديد الاستباقية لأي عمل عسكري تتوقع أن تتعرض له.
توجز أوساط دبلوماسية عربية الموقف الإيراني الحالي واصفة إياه بالوضع الذي يحتوي على أعلى نسبة من الاستعداد والاستنفار، انطلاقاً من القراءة والتقديرات الآتية:
أولاً: تعتبر إيران أن المواجهة الأمنية مع إسرائيل التي باتت إيران مسرحاً لها، هي توطئة لخيار عسكري سيترافق مع شبه توقف المفاوضات في فيينا، ومع تعثر جولة المفاوضات التي عقدت في الدوحة، وهي تقرأ هذه الحرب الأمنية التي تكثفت في الأشهر الفائتة، وتوجت باغتيال رئيس المشروع النووي الإيراني، وتوجت أيضاً في الأسابيع الماضية باختطاف قائد في الحرس الثوري الإيراني من قبل إسرائيل، حيث تم استجوابه وإفراغ معلومات قيمة يعلم بها بحكم موقعه، تقرأ ذلك بمثابة تهديد وشيك وحتمي، وهي بدأت بناء على ذلك استعداداً عسكرياً مختلفاً، يتضمن كل الاحتمالات.
ثانياً: بناء على هذه القراءة التي تتطلب الجهوزية، تشير الأوساط إلى أن إيران نسفت ورقة الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، ووضعت عبر الأمين العام لحزب الله، معادلة جديدة على قياس المواجهة التي قد تحصل، وهي بالتالي حركت ورقة حزب الله ووضعتها في جهوزية، وهي رسالة للولايات المتحدة وإسرائيل، مفادها أن ورقة الحزب جاهزة إذا ما تم توجيه ضربة عسكرية تستهدف مواقع الملف النووي الإيراني.
ثالثاً: في الملف العراقي تشير الأوساط إلى أن الأيام المقبلة ستشهد ضغطاً إيرانياً على التحالف الشيعي لتشكيل حكومة جديدة، تكون نسخة عن حكومة المالكي، ولو بمرشح هو امتداد لهذا التحالف. وتولي طهران أهمية قصوى لتشكيل حكومتها العراقية، التي تعتبرها الحائط الأمامي والمساند، إذا ما تعرضت لضربة عسكرية، خلافاً لحكومة الكاظمي التي ستصر على الحياد العراقي في أيّ مواجهة مقبلة. وتتجاوز طهران في الملف العراقي كل المخاطر التي ستنجم عن تجديد نموذج المالكي الذي خلّف وراءه استعاراً في المواجهة المذهبية، وفساداً لم يعرف له مثيل، لأن أولويتها تشكيل حكومة مضمونة الولاء، استعداداً لأي مواجهة مقبلة، ذلك على الرغم من معرفتها بأن هذه الحكومة ستلقى معارضة من البيت الشيعي قبل البيئات الأخرى، ولن يكون تيار مقتدى الصدر المعارض الوحيد في الشارع.
رابعاً: ستكون الهدنة السارية في اليمن أولى ضحايا المواجهة الكبرى في المنطقة. فالحوثيون باتوا يلعبون دور الذراع الرئيسي لطهران الذي تستعمله في تهديد الخليج وفي هز الاستقرار، وهي ورقة تستعملها إيران للابتزاز الدائم، ولتعزيز وضعها التفاوضي.
ستضع التطورات المتوقع حصولها في المنطقة، دولاً كثيرة على خط الزلازل، وليس من العبث القول أن الأسابيع المقبلة ستشهد الكثير من محطات التصعيد، وما تحديد الأمين العام لحزب الله لشهر أيلول كمهلة لبدء التصعيد، إلّا استباقاً للتصعيد الكبير في المنطقة، الذي يعلم نصرالله أن التحضير المسبق له هو أحد شروط جهوزية المشاركة فيه.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |