تلامذة لبنان إلى الطرقات… وتصعيدٌ كبير للأساتذة: لن نفتح المدارس!!
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:
لم ولن يسلم القطاع التربوي من موجة الأزمات المتتالية التي تضرب لبنان في الآونة الأخيرة.
فإلى جانب صرخة الأهالي لعدم قدرتهم على دفع الأقساط المدرسية هذا العام لأن جزءاً منها أصبح بالفريش دولار من جهة، والصعوبات التي تواجه المدارس على صعيد تأمين أدنى متطلبات العام الدراسي، للتلامذة والأساتذة من جهة أخرى، تتظهر مؤخراً أزمة جديدة ألا وهي أرقام مخيفة لليونيسف تتلخص بأن أكثر من نصف التلامذة في لبنان خلال السنتين الأخيرتين لم يعودوا إلى مدارسهم. واللافت أن هؤلاء التلامذة كانوا مسجلين في المدارس الرسمية وليس في المدارس الخاصة التي باتت أقساطها باهظة.
وبالتفاصيل، بحسب الدراسة التي أجرتها اليونيسيف السنة الماضية تبين أن من بين 100 تلميذ مسجل في المدرسة الرسمية عاد 60% إلى مدارسهم فقط، فيما تشير الإحصاءات أن المتوقع هذا العام أن تصل النسبة إلى 45% ما يعني أن هؤلاء التلامذة تركوا المدرسة الرسمية ولم يتوجهوا إلى أي مدرسة أخرى وحتماً لم يتسجلوا في مدرسة خاصة. هذه الظاهرة قد تنذر بكارثة، لأن هؤلاء الطلاب على الأرجح سيتوجهون إلى الطرقات.
مصادر “هنا لبنان” ترجع أسباب هذه الظاهرة الخطيرة إلى الأزمة المالية والاقتصادية اللامنتاهية في البلاد، والتي باتت تهدد مستقبل الطلاب في لبنان ومصيرهم التربوي إلى عدّة عوامل مجتمعة. هذه العوامل تضم التحديات الاجتماعية والاقتصادية بجانب العوائق التي تأتي مع التعليم عبر الإنترنت نتيجة جائحة كورونا وعمالة الأطفال.
إلى ذلك، وبحسب الدراسة انخفضت نسبة الملتحقين بالمدارس من 79% في 2020-2021 إلى 57% في 2021-2022، كما أن 34% من الذين شملهم الاستطلاع خفضوا الإنفاق على التعليم لشراء المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء.
فبعض الأهالي أيضاً لم يعد بقدرتهم تعليم أولادهم، ودفع الأقساط الباهظة قائلين إن التعليم أصبح فقط للأغنياء، موجهين دعوة لوزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، لوضع خطة سريعة، ففي حال بقيت النسب على حالها، فنحن متجهون إلى كارثة كبيرة على المستوى الثقافي والتعليمي في لبنان.
وتتأسف المصادر أن المنظمات الدولية تساعد الطلاب السوريين وعائلاتهم كل شهر، في حين يرزح اللبناني تحت وطأة الأزمة المالية والسياسية المتدهورة.
فبعيداً عن الكلام العنصري تجاه النازحين، إلا أن هذه المعادلة قد تفقد اللبنانيين مقومات العيش الكريم، فضلاً عن عدم تمكنهم من استكمال دراساتهم ما يهدد الأجيال المقبلة.
كذلك، وتفادياً لهذه الكارثة التربوية، تعمل وزارة التربية على خطتين، الأولى خطة خماسية بتمويل من جهات خارجية وقروض، والثانية ضمن خطة الحفاظ على ما تبقى من القطاع التربوي.
وتعليقًا على ذلك، أكدت رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي نسرين شاهين في حديث خاص لـ “هنا لبنان” أنّه من سنتين وباعتراف من وزارة التربية، ترك 53 ألف طالب المدارس الخاصة واتجهوا إلى المدارس الرسمية ولكن معلومات تشير إلى أنّ العدد الحقيقي وصل إلى 75 ألف طالب انتقلوا من الخاص إلى الرسمي، وفي حينها كان ما زال باستطاعة التعليم الرسمي استقطاب الطلاب من المدارس الخاصة.
وتأسفت شاهين أنّ التعليم الرسمي لم يعد يستوعب هذه الأعداد، فضلاً عن الإضرابات التي حصلت بسبب عدم إعطاء الاساتذة حقوقهم وعدم توفير متطلبات التلامذة اللبنانيين، علمًا أنّه كان يتم توفير ٢٠$ للطالب السوري. فالطلاب الذين لجأوا إلى الرسمي عانوا أيضاً من الإضرابات وعدم توفير أيّ بيئة ملائمة وبنى تحتية، الأمر الذي أدّى إلى التسرّب المدرسي.
وهذا التسرب، بحسب شاهين، تتحمل مسؤوليته وزارة التربية لكون الوزير هو جزء من هذه الوزارة مع العلم أنّه يقوم بجولة خارجية ليؤمّن بعض التمويل للمدارس.
فاليوم ٣٥٪ من الكادر التعليمي ترك القطاع، والأساتذة لم يحصلوا على نصف مستحقات العام الماضي (حوافز الـ٩٠$).
وردًا على الخطة الخماسية التي تحدثت عنها مصادر وزارة التربية، فلفتت شاهين إلى أنّ إقامة المؤتمرات والتوصيات واستعراض مشاكل التعليم، لم ينفع ولم تظهر أي خطة من بعده، ولم يباشر أحد لإنقاذ العام الدراسي.
فنسبة التسرب المدرسي ” مبكية”، بحسب شاهين، لأن المدارس الخاصة التي لن تتقاضى الدولار هذا العام لن توفر نوعية تعليم جيدة لأنّ الأساتذة لن يقبلوا بتقاضي مليون أو مليوني ليرة شهريًا.
إلى ذلك كشفت شاهين لـ “هنا لبنان” أنّ الأساتذة الرسميين لم يتقاضوا بعد مرسوم بدل النقل الذي أُقِرَّ السنة الفائتة، مشيرة إلى أنَّه عندما يتحدث الوزير عن خطة للقطاع التربوي عليه تحديد مصدر التمويل ويسدد مستحقات الأساتذة من العام الماضي، وتحدثت شاهين عن تصعيد كبير إذا لم يسدد الوزير المستحقات قبل بدء العام الدراسي قائلة “لن نفتح المدارس، وعلى وزير التربية تحمل المسؤولية”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ميقاتي وصفقة المليار يورو… على “ظهر اللبنانيين” | قنبلة الذوق الحراري: مواد كيميائية تنذر بكارثة جديدة في لبنان! | “دورة خفراء في الجمارك” تثير الجدل مجددًا… فهل يتم إقصاء المسيحيين من وظائف الدولة؟ |