التحقق من مستوعبات مرفأ بيروت يكشف عن مزيد من المواد الخطرة
كتبت دنيز رحمة فخري في “اندبندنت عربية”:
لا تزال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت على حالها منذ 6 أشهر، من دون أن تتوصل إلى الكشف عن حقيقة ما حدث وخلفياته والجهات التي تقف وراءه.
في الموازاة، تتوالى الاجتماعات في وزارة الدفاع لمتابعة أوضاع المرفأ وما تحقق من إجراءات وخطوات لإعادة الحياة إليه، وإن بشكل تدريجي، مع ما يتطلبه ذلك من بحث عن الحلول الضرورية والملحة للمشكلات العالقة، ومن بينها قضية المستوعبات التي يبلغ عددها 700 مستوعب، ولا يزال الجيش اللبناني وأمن المرفأ وإدارة الجمارك يستكملون عملية الكشف عنها، بحثاً عن مواد خطرة أو قابلة للاشتعال.
كمية جديدة من النيترات
المستوعبات الـ700 الموجودة في المرفأ قديمة، ولم يحضر أصحابها لتسلمها لأكثر من سبب. وتكشف مصادر مطلعة عن أن من بينها 62 مستوعباً مفقودة تعمل مديرية الجمارك على البحث عنها، في حين ترجح المعلومات أن عدداً منها قد يكون تحطم في انفجار 4 آب 2020، وعثرت مديرية الجمارك على الأوراق العائدة لعدد منها، وتستكمل البحث للكشف عن مصيرها، على أن تقدم تقريرها الأسبوع المقبل خلال الاجتماع المقرر في وزارة الدفاع بين الوزارات المعنية وإدارة المرفأ وممثلين عن الجمارك والجيش اللبناني.
وتكشف المصادر عن أن خمسة مستوعبات تبين أنها تحتوي على مواد خطرة قابلة للاشتعال، مثل الأسيد والأسيتون والأيتينول، ما دفع أحد المسؤولين الإداريين في المرفأ إلى اعتبارها بمثابة قنابل موقوتة يجب أن تعالج بسرعة. وكشفت المصادر عن أن واحداً من المستوعبات، الذي اكتشف في تشرين الأول، أي منذ 3 أشهر، كان يحتوي على 1250 كيلو غراماً من نيترات الأمونيوم، وهي المادة نفسها التي تسببت بانفجار المرفأ.
أما المفاجأة الكبرى فهي أن المانيفست الخاص بالمستوعب المذكور يشير إلى البضاعة الموجودة فيه على أنها ملابس، وليست نيترات الأمونيوم.
وعلمت “اندبندنت عربية” أن هذه المواد نقلت إلى منطقة تربل في البقاع، حيث قام سلاح الهندسة في الجيش بتفجيرها. وكشفت المعلومات عن أن المستوعبات المتبقية التي تحتوي على مواد خطرة وضعت ضمن شروط آمنة تمهيداً للتخلص منها، وقد تقرر تلفها بسرعة بالتعاون مع شركة متخصصة. أما المستوعبات الأخرى، والتي تبين أنها تحتوي على مواد لا تزال صالحة، ويمكن استخدامها في أكثر من قطاع، فوضعت جانباً، لا سيما أن معظمها قديم وموجود على المرفأ منذ أكثر من عشر سنوات.
فوضى المرفأ
الوقائع السابقة تشير إلى الفوضى المتحكمة في إدارة شؤون مرفأ بيروت، التي يقول المدير العام الجديد لاستثمار المرفأ، باسم القيسي، إنها في طريقها إلى الزوال بعد خطة متكاملة وضعها وبدأ العمل بها منذ أيلول 2020.
يطمئن القيسي أن عملية إزالة المواد الخطرة من المرفأ تمت بالتعاون مع الشركة الألمانية المتخصصة التي أنجزت 99 في المئة من عملها، موضحاً أن واقع المرفأ اليوم أفضل بكثير مما كان عليه بعد الانفجار عندما كان الأسيد مبعثراً يميناً وشمالاً، إضافة إلى مواد أخرى خطرة.
إجراءات وشروط جديدة
من المؤسف أن التفكير بخطوات عملية تساعد في اكتشاف المواد المتفجرة أو الخطرة أو القابلة للاشتعال التي تدخل المرفأ لم يحدث إلا بعد انفجار دمر المرفأ والعاصمة.
يتحدث المدير الجديد للمرفأ عن سلسلة إجراءات جديدة يمكن أن تسهم في تفادي أخطاء كثيرة حدثت سابقاً، وأدت إلى الانفجار، ومن بينها اشتراط حصول مستورد أي بضاعة مصنفة من قبل الدولة المصنعة على أنها خطرة، على ورقة بيانات السلامة، مع استمارة تتضمن كل المعلومات المتعلقة بها، على أن ترفق بشهادة من مختبر خارجي موقعة من الجهة الأمنية الرسمية المسؤولة عن المرفأ الذي انطلقت منه الشحنة.
ويؤكد القيسي أنه سيكون لأي جهة رسمية في لبنان، لا سيما الأمنية العاملة على المرفأ، الحق بالاطلاع على مانيفست المصدر، وليس المحلي فحسب، الذي غالباً ما يكون مزوراً، والأمثلة كثيرة على ذلك، وآخرها مستوعب النيترات الذي لوحظ أن المانيفست المحلي الخاص به يحتوي على ألبسة.
ويشير القيسي إلى تدريب تقني خضع له حديثاً الموظفون في المرفأ، لا سيما حول كيفية تخزين المستوعبات وفق أنواع البضاعة التي تحتويها وحجمها ومساحتها، وبحسب المعايير العالمية المعمول بها في المرافئ كافة، وذلك بالتعاون مع مرفأ الإسكندرية في مصر، ومرفأ فالنسيا في إسبانيا، بمشاركة عناصر من أمن الدولة والأمن العام والجيش اللبناني.
ويكشف عن أنه اقترح تخصيص منطقة من المرفأ لإنشاء مختبرين تابعين لوزارتي الصحة والزراعة للكشف عن البضائع في المستوعبات من قبل الجمارك ووزارة المال، تجنباً للروتين الإداري، واختصاراً للوقت الذي تحتاج إليه المعاملات.
وأكد القيسي أن الإجراءات الجديدة تقضي بمنع إبقاء أي مستوعب يحتوي على بضاعة مصنفة قابلة للاشتعال أكثر من 30 يوماً، على أن يعاد تصديره إذا لم يظهر صاحبه لتسلمه قبل هذه الفترة.
وتجنباً لتكليف الدولة أعباء التصدير، عمدت إدارة المرفأ إلى اشتراط الكفالة المالية على كل تاجر.
كل هذه الإجراءات يمكن أن تساعد في تفادي جريمة مماثلة لما حدث في 4 أغسطس، وفق القيسي، أما لماذا لم يعمل بها سابقاً، لا سيما أنها الحد الأدنى، فهو لا يملك جواباً، كما يقول.
مواضيع ذات صلة :
حمية ينفي وصول بوارج حربية إلى الموانئ اللبنانية | “تحية إجلال”… دقيقة صمت في المرفأ حداداً على أرواح شهداء 4 آب | الرابطة المارونية في ذكرى تفجير المرفأ: لم يعد مقبولا أن تبقى هذه القضية أسيرة النزاعات |