هل نشهد نهاية الكتاب الورقي؟
كتبت رنا الأمين لـ “هنا لبنان” :
للورق رائحةٌ لا يعرفها إلّا عشّاق القراءة، صوت تقليب الصفحات، طيّ الورقة لتحديد الصّفحة التي توقّفوا عندها.. هي تفاصيل غير مهمّة لكثيرين، ولكن بالنسبة لهم هي الجوهر والأساس.
الكلمة الإنجليزية “bookworm” قد تكون أصدق تعبير عن هؤلاء، لأنّهم يعيشون داخل الكتاب ولا حياة لهم بدونه.
وبعدما اجتاحت التكنولوجيا والإنترنت أصغر تفاصيل حياتنا، جاء الكتاب الإلكتروني (pdf) ليحلّ محلّ الكتاب الورقيّ، حتّى في بعض المدارس، وذلك لسهولة حمله ففي حاسوبٍ لوحيٍّ واحدٍ نستطيع حمل عشرات الكتب، عدا عن سهولة الحصول عليها بنقرة واحدة!
ثمّ جاء الانهيار الكبير الذي صمّم على أن يجرف معه كل القطاعات دون استثناء، فصارت الكلمة تُسَعَّرُ بالدّولار أيضاً. فإن صمد عشّاق الكتب أمام موجة العولمة والمكننة ولم يتخلّوا عن شغفهم، فماذا تراهم فاعلين اليوم أمام الأزمة الاقتصادية؟
عبدالله منيمنة، صاحب مكتبة في منطقة كركول الدروز في بيروت يأسف كثيراً للحال التي وصلت إليها البلاد، وبرأيه كان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بداية الانهيار إذ أن عمله قد بدأ يتراجع منذ ذلك الوقت، ما دفعه لإضافة الألعاب والهدايا إلى رفوف مكتبته التي هي مصدر رزقه الوحيد، بهدف زيادة مدخوله إذ أنّ مبيعات الكتب الأدبية والطلب عليها قد تراجع كثيراً نظراً لوجود هذه الكتب على الإنترنت ولأنّ بعض دور النشر صارت تطلب الدفع بـ “الدولار الفريش” والبعض الآخر يحدّد سعراً لصرف الدولار قد يقترب أو يزيد عن سعر الصرف في السوق الموازية.
مضيفاً بأنّ الكتب المدرسية ما زالت تباع حسب التسعيرة التي تصدرها الدولة للكتاب المدرسي، والقرطاسية أيضاً.
يزيح العم عبد الله بعض الألعاب عن الرف ويقول لي بأسف: “صَوّري هون، انظري كيف وضعت الألعاب أمام كتب جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة”..
أما سارة التي تعشق القراءة وتعتبرها غذاء الروح الذي لا غنى لها عنه، فلم تدع ارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء الكتب يقفان عائقاً أمامها، فقد لجأت إلى المكتبات العامة وأحياناً تتبادل الكتب وأصدقائها، وتقول إنها ستجد أي سبيل ولن تتخلى عن هوايتها المفضلة.
الغلاء والتطور أمور يجب أن تعتبر ثانوية أمام أهمية الكتاب والقراءة بشكل عام، وبدعم المكتبات العامة وإنشائها على مساحة الوطن نستطيع منع انهيارنا الاقتصادي من أن يجرّ خلفه انهياراً فكرياً وثقافياً، فالأوّل قد نتخطّاه وننهض بعده أمّا الأخير فهو الأصعب والأعمق والذي قد لا نجد للخروج منه سبيلا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
قصتي مع رفع تعرفة الاتصالات.. هكذا “أكلت الضرب”! | لبنان يقدّم الساعة.. والشعب اللبنانيّ يرجع ألف سنةٍ إلى الوراء | سياسيو لبنان: المرأة كل المجتمع.. ولكنّها تابعة للرجل وممنوعة من منح الجنسية لأطفالها! |