الجمود السياسي يعني المزيد من الانهيارات!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
محدودة جداً هي الحركة السياسيّة المتصلة بتحريك المسارات المطلوبة لإخراج البلاد من أزماته المتفاقمة لا سيمّا مع الصعود الصاروخي لسعر صرف الدولار الأميركي الذي لا يبدو أن ثمّة سقوف سوف تحدّد اندفاعته التي تعكس نفسها ارتفاعاً في كل الأسعار، والمواطن يدفع الثمن بطبيعة الحال.
إذا كان تأليف حكومة جديدة في الفترة الفاصلة عن نهاية العهد في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل قد أصبح من شبه المستحيلات نتيجة عدم اكتراث الجهات الرسميّة المعنيّة بإنجاز هذه المهمة وتبادلها التهم بما يعكس قلّة مسؤوليّة واضحة قياساً إلى حجم التحديات التي تمر بها البلاد؛ فإنّ الحد الأدنى من المنطق والأخلاق السياسيّة يفترض العمل على خطين متوازيين.
الخط الأول يتصل بمواصلة الوزراء في حكومة تصريف الأعمال عملهم بوتيرة لا تخرج عن تصريف الأعمال، ولكنها تتيح في الوقت ذاته الحفاظ على الحد الأدنى مما تبقى من هيبة الدولة والحيلولة دون انهيارها بالكامل، وبما يخفف- ولو بقراراتٍ محدودة- من معاناة اللبنانيين على مختلف المستويات المعيشيّة والاجتماعيّة.
هذه المساحة الفاصلة بين احترام الدستور والقانون فيما يتعلق بمفهوم تصريف الأعمال من الزاوية الضيّقة وبين تسيير بعض الشؤون المعيشيّة الملحة من دون إعادة تعويم الحكومة، هي مساحة يمكن العمل عليها للحد من الأزمات المتراكمة التي تنذر بانفجار اجتماعي خطير.
الخط الثاني، وهو الأهم، يتصل بالاستحقاق الدستوري الذي يُعوّل عليه كمحطة عبور بالبلاد من حالة الانهيار التي تعيشها راهناً إلى حالة التأسيس للخروج من الأزمة وهي انتخابات رئاسة الجمهوريّة.
صحيحٌ أن النظام السياسي اللبناني ليس نظاماً رئاسيّاً، وأن صفته الرسميّة أنه نظام برلماني، خصوصاً أن حقبة ما بعد اتفاق الطائف شهدت انتقالاً لقسمٍ من الصلاحيّات الرئاسيّة إلى مجلس الوزراء مجتمعاً؛ ولكن- على عكس ما يُشاع- لا يزال رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة يتمتّع بصلاحيّات واسعة من خلال جلوسه على رأس السلطة التنفيذيّة وقيادته للبلاد كمرجع وحكم مفترض (وهو ما لم يحصل في العهد الحالي الذي غرق في الحزبيّات الضيّقة ولم يتمكن من الانتقال إلى موقعه الدستوري الأعلى وهو الموقع الأول في البلاد).
لذلك، مطلوب من أولئك الذين يطمحون لشغل هذا الموقع التقدّم للرأي العام برؤية شاملة تلخص نظرتهم لكيفيّة مقاربة الملفات الإشكاليّة في البلاد وسبل معالجتها، وهي ملفات شائكة وكبيرة ومتراكمة. لعل هذا أجدى من انتظار الإشارات السياسيّة من السفارات والبعثات الديبلوماسيّة أو من الجهات الفاعلة محليّاً وإقليميّاً.
إن إهدار فرصة انتخاب رئيس جديد معتدل ويحظى بالثقة في الداخل والخارج ستكون تبعاته مدمرة على لبنان واللبنانيين في السنوات المقبلة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |