بين أزمة النفط العالمية والغلاء الجمركي، اللبناني ضحية غيار الزيت والإطارات
كتبت نور الهدى بحلق لـ “هنا لبنان”:
الأزمة الاقتصادية تتفاقم في لبنان يوماً بعد يوم، فكيف يدفعُ اللبنانيون الثمن؟
مشتريات الكثير من اللبنانيين تقتصر اليوم على الأساسيات من المواد الغذائية والأدوية والمحروقات، وقد تفاقمت الأزمة شيئاً فشيئاً مع تدهور الوضع المادي وانهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل العملة الصعبة (الدولار)، فالدولة اللبنانية تعتمد بشكل كبير على استيراد معظم موادها من الخارج وهذا ما يحتم عليها التعامل بالعملة الصعبة وهذا بدوره يؤثر بشكل كبير على الوضع المعيشي في لبنان.
ورواتب اللبنانيين من موظفين وعسكريين وإداريين ومعلمين ما زالت على حالها بالليرة اللبنانية، لذلك لم يعد بمقدور المواطن تأمين ما يلزمه من متطلبات أخرى. وذلك لاستحالة توفّر ثمنها بالعملة الصعبة.
واليوم على أبواب فصل الشتاء وككل عام يهرع سائقو السيارات والمركبات الخصوصية والعمومية لتبديل الإطارات تجنباً لحدوث أي مشاكل خلال فصل الشتاء وما تسببه الأمطار من انزلاق وحوادث سير. وقد تضاعف سعر الدولاب الواحد كثيراً بعد ارتفاع سعر صرف الدولار حتّى بلغ سعر الإطارات الأربعة ١٢٠ دولار بالحدّ الأدنى وذلك حسب نوع المركبة وجودة الدواليب، أما سعر غيار الزيت للمركبة فيقارب الـ ٢٠$ دولار ويتخطى أحياناً الـ ٥٠$ وذلك حسب نوع المركبة أو عدد الأسطوانات، وكذلك الأمر بالنسبة لتبديل الفرامل الذي يصل إلى الـ ٢٠ دولار وما فوق. وهذا يحتّم على أصحاب السيّارات العمومية رفع تعرفة “السرفيس” التي أصبحت ٥٠ ألف ليرة وما فوق، أما التاكسي الخاص فتتراوح تعرفته داخل بيروت ١٥٠ ألف ليرة وتصل إلى المليون ليرة لبنانية ضمن كافة المناطق اللبنانية وقد تتغير الأسعار يومياً مع ارتفاع الدولار ومع ارتفاع سعر المحروقات (تخطّى سعر صفيحة البنزين الواحدة الـ ٦٠٠ ألف ليرة لبنانية).
كذلك الأمر بالنسبة للمركبات المتوسطة الحجم (الفانات والباصات) التي تصل أجرتها إلى العشرين ألف ليرة وما فوق ضمن بيروت وتصل إلى المئتين وخمسين ألف ليرة ضمن القرى البعيدة (الهرمل، عكار، حولا الجنوبية)، وهذا ما يسبب أزمة مواصلات خانقة بالنسبة للبنانيين.
وباتت رواتب اللبناني التي لا تتخطى الخمسة ملايين ليرة غير كافية، إذ يدفع منها كلفة نقل قد تصل إلى مليوني ليرة لبنانية نهاية كل شهر ما عدا مصاريفه الأخرى التي تتوجب عليه. وهذا ما يدعو الموظف (الإداري، العسكري، المعلم) للتذمّر من هذا الوضع المعيشي السيئ. فمنهم من يبحث عن مصدر معيشي آخر أو عن عمل يعود عليه بمدخول مادي آخر ومنهم من يعتمد على المساعدات المالية والتحويلات من الخارج لتغطية كافة احتياجاته كما معظم اللبنانيين، والبعض الآخر تذمر وترك مجال عمله كما حصل مع معظم العسكريين لتدني نسبة رواتبهم كثيراً. ما دفعهم لطلب التسريح من السلك العسكري والتفكير في الهجرة أو السفر لتحسين وضعهم المعيشي وتأمين احتياجات بيوتهم وعائلاتهم. وللأسف لا يدرك اللبنانيون مدى خطورة الوضع، لأنّ تدهور الوضع المعيشي مقرون بتدهور الوضع الأمني، فقد ازدادت حوادث السرقة، القتل، النهب، المتاجرة بالممنوعات لكسب لقمة العيش بسبب انعدام سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية.
وفي حديث لـ “هنا لبنان” مع صاحب إحدى الشركات لبيع زيوت المحركات والبطاريات عن حركة البيع في الفترة الأخيرة قال: “من نحو عام ونصف إلى اليوم تراجعت نسبة المبيعات بنسبة ٧٠% تقريباً بسبب رفع الدعم عن مادتي البنزين والمازوت واحتسابها على سعر الصرف وخف الطلب بشكل كبير على الزيوت مع العلم أن أسعارنا أسعار جملة ولم تزد حينها كما أن العديد من زبائننا استبدلوا سياراتهم بالدراجات النارية وبعضهم لجأ إلى السيارات الصغيرة”. وأضاف: “مع بداية عام ٢٠٢٢ زادت أسعار الزيوت بنسبة ١٥% بسبب الحرب الأوكرانية – الروسية وغلاء سعر النفط عالمياً”. واليوم مع الحديث عن ارتفاع الدولار الجمركي وعن زيادة الأسعار قال “ستزيد الأسعار حتماً بنسبة ١٥% تقريباً وذلك سيؤدي أيضاً إلى تراجع في الطلب على الزيوت والبطاريات ولكن في المقابل على الدولة قبل إقرارها لرفع الدولار الجمركي أن تفكر تلقائياً بزيادة الحد الأدنى وزيادة رواتب الموظفين إن كان في القطاع الخاص أو القطاع العام لأن الزيادة ستطال مواد أساسية أخرى”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
جوزيف عطية لـ “هنا لبنان”: تلقيتُ عرضاً تمثيلياً يشبهني | الأمومة.. أعظم هبة خص الله بها النساء | زياد برجي لـ “هنا لبنان”: فيلم “ولا غلطة” هو بمثابة رسالة أنّ لبنان بخير |