الاتفاق بين المعارضات بات ممكناً
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
لم يكن الاتفاق بين المعارضات المختلفة ممكناً كما هو اليوم. هذه الإمكانية لا تلغي احتمال استمرار الوضع على ما هو عليه، من المراوحة التي لا يمكن أن تحسم إلا بعد تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري لجلسة انتخاب الرئيس، وهو ما يعتقد أنه ما زال بعيداً.
في انتظار المهلة الفاصلة عن انتخاب الرئيس التي ستتحول إلى مهلة مفتوحة للفراغ في حال تأخر عقد الجلسة، وفي حال عقدت ولم يكتمل النصاب، تنشط محاولات جمع المعارضة على اسم واحد في المعركة الرئاسية، وعلى أجندة واحدة في ما يتعلق بباقي الملفات، وفي هذه المهمة العسيرة يتطوع سعاة خير وطنيون لا يشك بنياتهم الحسنة، بل بمدى قدرتهم على اجتراح عجائب، تنتج صورة مغايرة لما رآه اللبنانيون في انتخاب رئيس المجلس ونائبه، وفي انتخابات اللجان.
منذ أسابيع كلف العميد خليل الحلو والناشط السيادي جاد الأخوي نفسيهما القيام بمهمة جمع المعارضات على أجندة واحدة. لم يأت التكليف من فراغ بل انطلق من مجموعة اعتبارات أولها ما يرتبط بالمواصفات الشخصية للوسيطين. فالحلو والأخوي ينتميان إلى منطقة لا معاداة فيها ولا محاباة لأحد، وطبيعة المهمة لا تحتمل هاتين الصفتين. والوسيطان يحتفظان تبعاً للمهمة، بعلاقة جيدة مع جميع أطياف المعارضة الحزبية والنيابية، وهذا ما سمح لهما بسرعة التواصل مع جميع هذه الأطياف دون استثناء وعبر الخط العسكري السريع.
رتب الوسيطان لقاءات مع أحزاب الاشتراكي، الكتائب، والقوات اللبنانية، والأحرار والتغييريين والمستقلين والنواب السنة (من عكار إلى الجنوب فالبقاع) كما رتبا لقاءات مع شخصيات مؤثرة قادرة على دعم المبادرة، مستمزجين إمكانية المساعدة لوضع خطة تحرك لا تستثني أحداً وتشرك جميع القوى.
في المحصلة كانت جولة الوسيطين خطوة إلى الأمام، فالعلاقة بين القوى الحزبية المسيحية تقدمت بشكل لافت، والكلام هنا عن علاقة القوات بالكتائب، أما التواصل مع الاشتراكي فكان مع رئيس الحزب وليد جنبلاط، الذي أبدى تجاوباً على وقع ضبابية رد حزب الله على مبادرته، وينتظر أن يلتقي الوسيطان رئيس كتلة الاشتراكي تيمور جنبلاط قريباً.
في اللقاءات مع نواب التغيير، بدا أن اللغة المشتركة شبه مفقودة في البداية، غير أن الكيمياء ما لبثت أن جعلت الكلام أكثر وضوحاً، ووضعت معظم نواب التغيير في موقع الاستعداد للتعاون، من مدخل واحد وهو رفض المساهمة في إنتاج أو تجديد عهد شبيه بالعهد العوني، ورفض استئثار حزب الله في سعيه لتجديد منظومته انطلاقاً من انتخابات الرئاسة، وهذا ما يستلزم بالتالي التعاون الإلزامي لتحقيق هذا الهدف، في ظل إصرار الحزب وحلفائه على إعادة إنتاج منظومة سلطتهم التي اهتزت بعد العام 2019 ، وما زالت تتشبث بالبقاء ولو كان الثمن استمرار الانهيار وتسارعه، حتى سقوط ما تبقى من الهيكل على رؤوس اللبنانيين.
يتحضر الوسيطان الأخوي والحلو للانتقال بعد التشاور والجولات واللقاءات إلى بلورة صيغة تواصل دائمة بين جميع القوى والأحزاب والشخصيات، ومن غير المؤكد إذا ما كانت لجنة تضم الجميع ستشكل، لكن الحلو والأخوي باتا من الآن وإلى ما قبل وربما إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، لجنة تواصل غير رسمية تحظى بالقدرة على التكلم مع الجميع، على أن يكون الجهد الذي مورس مقدمة للبدء بالبحث الجدي والطارئ، بمن ستخاض به الانتخابات الرئاسية، فور تحديد رئيس المجلس لساعة الصفر الرئاسية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |