سيّدات يشاركن في السباق لرئاسة الجمهورية…. كسر للنمط التقليدي في الترشح والبرامج
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
مع إعلان السفيرة السابقة ترايسي شمعون والسيدة مي الريحاني ترشحهما لرئاسة الجمهورية، تنطلق معركة دخول السيدات في الاستحقاق الرئاسي. ويمكن القول أنه للمرة الأولى منذ سنوات يندفع العنصر الأنثوي في مسألة الترشح بعدما كان الأمر محصوراً بطرح سيدة واحدة للترشح ووقتها كانت النائب نائلة معوض أول سيدة تعلن استعدادها لتولي هذا المنصب. ومن يراقب وقائع الأمور يخرج بتأكيد صريح أن ثمة توجهاً لدى نساء أخريات لإعلان ترشيحهن في وقت لاحق أو التفكير بذلك جدياً.
وأن تترشح سيدات لأرفع منصب في الجمهورية اللبنانية وأن ينخرطن في السباق إلى القصر الجمهوري بوجه مرشحين طبيعيين للرئاسة، فذاك يعطي مؤشراً إيجابياً لحركة هذا الملف الذي طبع بتسلّط ذكوري.
إنّها إشارة أمل بالنسبة إلى البعض وقد لا يكترث لها البعض الآخر بعدما وجد نفسه أمام القول المتخلف: شو بيقدرو يعملو أو ما بيأخرو ولا بيقدمو قاصداً بذلك “النسوان”.
ولهؤلاء الذين يدعون المعرفة لا بد من القول لهم: نساء لبنان يستحققن الفرصة لإنقاذ البلد.
ووفق برامج ومواقف المرشحتين، فإن التركيز يصب على استعادة الدولة وأولويات الملفات السياسية والاقتصادية والقضائية. وثمة من يعتقد أن العناوين المطروحة هي كليشيهات، لكن ثمة من ينظر إلى أن الإعلان عنها من سيدات مرشحات يزيدها إصراراً على تنفيذها.
وبعد ترشيح شمعون والريحاني، هل تكرّ سبحة الترشيحات النسائية، لا سيّما أنّ معلومات تحدثت عن أن أحزاباً معينة بدأت التفكير بترشيح سيدات مدعومات من قبلها، كما ليس بالضرورة أن يتعلق الأمر بأحزاب.
ويقول الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ “هنا لبنان” أن هناك مرشحات أخريات قد يترشحن ويشير إلى أنه من المتعارف عليه أن المرأة اللبنانية لا تأخذ دورها وموقعها في الشأنين العام والسياسي بما يتوافق وقدراتها في المجتمع اللبناني وميدان الحياة والعمل.
ويضيف شمس الدين: لكن بدأنا نرى في الفترة الأخيرة كيف أصبحت المرأة اللبنانية تتبوأ هذا الموقع من خلال الترشح للانتخابات النيابية، بعدما كان عدد المرشحات لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة، ورأينا في انتخابات العام ٢٠١٨ أنّ ٨٦ سيّدة ترشحت في الانتخابات النيابية وقد انخرطن في لوائح انتخابية، وفي العام ٢٠٢٢ وصل عدد المرشحات إلى ١٥٧ امرأة، وهناك ١١٨ منهن انخرطن في اللوائح الانتخابية.
ويؤكد أن هذا أمر مشجع، ومع العلم أن عدداً كبيراً منهن لم يفز إنّما اقتصر الأمر على ثمانية وكل ذلك عائد إلى غياب موضوع الكوتا النسائية الذي يحول دون وصول المرأة بالأعداد المناسبة إلى الندوة البرلمانية، ومن هنا يكمن إقرار الكوتا النسائية المؤقتة في مجلس النواب، هذا وقد توسعت هذه الظاهرة إلى رئاسة الجمهورية حيث أعلنت السيدة ترايسي شمعون ترشحها وكذلك بالنسبة إلى مي الريحاني، وقد نرى نساء أخريات في الأسابيع المقبلة، لافتاً إلى أنّ المهم في ترشّح النساء أنه يختلف عن الترشح التقليدي، لأن كل سيدة مرشحة تعقد مؤتمراً صحافياً، فالسيدة شمعون لديها برنامج تحت رؤية جديدة للجمهورية وكذلك السيدة الريحاني لديها برنامج تحت عنوان “إنقاذاً للكيان واستعادة للدولة”. ويقول: إذاً هناك طرح لبرنامج يضم أسساً ومبادئ، وهذا أمر جيد، لا سيّما أننا في لبنان لم نتعرف على هذا النمط من الترشح، كنا نرى رؤساء جمهوريات يتم انتخابهم من دون رؤية برامجهم أو حتى إعلان ترشحهم، فهذه الظاهرة قد تشجع سيدات أخريات لهذا الأمر، وتدفع بالرجال المرشحين إلى الاقتداء بالنساء لجهة وجود برامج عند الإعلان عن ترشحهم.
ويشير إلى أن السيدة شمعون هي ابنة عائلة سياسية عريقة في العمل السياسي وكذلك السيدة الريحاني ابنة أخ الأديب أمين الريحاني، وهذا الأمر مهم ويشكل حافزاً لسيدات أخريات للترشح للانتخابات الرئاسية معتبراً أنّ وصول إحداهن إلى رئاسة الجمهورية أمر فريد من نوعه في العالم العربي.
ويضيف: ما هو مهم في عملية ترشح السيدات أن القانون اللبناني لا يفرض ترشحاً أي أنّه ليس هناك من آلية وهذا يعدّ من عيوب النظام اللبناني، أي أنه إذا ترشح أحد ما لعضوية مجلس بلدي أو إلى الانتخابات الاختيارية، عليه أن يقدم ترشّحه للقائمقامية وإذا أراد الترشح للانتخابات النيابية عليه أن يقدم ترشحه أيضاً، ومن المعيب في النظام اللبناني ألا يكون الترشح لرئاسة الجمهورية ملزماً لمن أراد الترشّح وبالتالي ما تقدم عليه السيدات من إعلان الترشح حتى وإن لم يفرض القانون ذلك، مسألة مهمة وتعدّ دافعاً للجميع من أجل قيام ترشح فعلي لرئاسة الجمهورية، فلا ينتخب رئيس من دون أن يكون مرشحاً.
وهكذا قد يغني ترشح سيدات لبنانيات رائدات إلى الرئاسة الساحة اللبنانية، ويخفف من وطأة التشنج والاحتدام الذي يتحكم بالانتخابات الرئاسية من خلال تناحر القوى على هوية الرئيس المقبل.. وهذا أمر مطلوب في هذه المرحلة بالذات، فهل يصار إلى دعم السيدات لهذا المنصب أم تتكتل القوى ضدها تحت ذرائع مختلفة؟