التأليف الحكومي يزداد غموضاً على وقع تجاذبات “صلاحيات الرئاسة”
كتبت ميرنا الشدياق لـ “هنا لبنان”:
تطغى المراوحة الحكومية على المشهد السياسي، في الوقت الذي انطلقت فيه معركة الاستحقاق الرئاسي مع لجوء كل فريق إلى رفع سقف خطابه السياسي ما يُنذر بمواجهة مفتوحة في هذا الملف لها ارتداداتها الواضحة على ملف التأليف. وحتى الساعة لم تلح في الأفق أي تطورات توحي بقرب ولادة الحكومة، مع العلم أن الباب لم يُقفل نهائياً.
وفي هذا الإطار توضح مصادر سياسية مطلعة لـ “هنا لبنان” أن التركيز على الانتخابات الرئاسية لا يجوز أن يستبعد موضوع الحكومة لأن الاستحقاقين وإن كانا مختلفين بمفاعيلهما إلا أنهما يتكاملان لا سيما إذا حصل فراغ أو شغور رئاسي. فالبلاد وفق ما تقول المصادر بحاجة إلى حكومة كاملة الأوصاف، وإذا انتخب رئيس سيكون بحاجة في البداية إلى حكومة تصرّف أمور البلاد ريثما يتم الإتفاق على حكومة جديدة.
وتشير المصادر إلى أن التجارب أظهرت أن تشكيل الحكومات في لبنان كان يأخذ وقتاً بدليل أنه في عهد الرئيس عون انقضت ثلاث سنوات من عمر العهد في انتظار تشكيل الحكومات علماً أن الأكثرية كانت مؤمّنة في عهده. غير أنه من الواضح أن الأكثريات في المجلس النيابي الحالي غير متجانسة ما يعني أن إمكانية تكوين أكثرية ” طابشة” صعب في ظل التجاذبات والانقسامات في هذه التركيبة النيابية.
وفي تقدير المصادر أنه يستحيل تأليف حكومة بشروط فريق واحد وإهمال الفريق الآخر لأن حكومة كهذه ستكون غير متجانسة وستواجه معارضة واسعة من المجموعة التي استبعدت عنها.
ويبدو أن الأجواء الحكومية بحسب المصادر لا توحي حتى الساعة بأي تقدم في عملية التأليف في ظل المراوحة وتمسك كل فريق بموقفه، لكن ذلك لا يعني أنه لن يطرأ أي تطوّر في ربع الساعة الأخير من شأنه أن يقلب المشهد الحكومي الراهن ويؤدي إلى إنفراج في ولادة الحكومة. لكن ماذا لو تعثرت هذه الولادة؟ وأي خيارات مطروحة ما لم تُشكل حكومة جديدة قبل نهاية الولاية الرئاسية؟
ترى المصادر أن رئيس الجمهورية لا يزال متمسكاً بموقفه القائل إن حكومة تصريف الأعمال ليست جديرة بتسلم صلاحيات الرئيس. وتلفت إلى أن هذا الكلام يُقرأ من زاويتين:
أولاً- تمسك الرئيس عون بموقفه الذي يكرره في مناسبات عديدة
ثانياً- دعوة حثّ لتأليف الحكومة وتسهيل هذه العملية لأنه قد ينشأ بحسب الرئيس عون وضع غير سليم وطنياً إذا ما انتهت الولاية الرئاسية ولم يُصر إلى انتخاب الرئيس واستلمت حكومة تصريف الأعمال الصلاحيات.
وتوضح المصادر أن الرئيس عون يحذّر من أن الوضع لا يستقيم بفرض حكومة غير مكتملة الأوصاف تدير صلاحيات رئيس البلاد. مشيرة إلى أن الغاية من كلامه أن الوضع في البلد لا يحتمل ترف التأخير في التشكيل. كما أنه لا يمكن لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي أن يتمسك بالصيغة الحكومية التي قدمها من دون الأخذ بالاعتبار لملاحظات رئيس الجمهورية، فإما هما شريكان في تأليف الحكومة إما لا. فإذا كانا شريكين فيجب الأخذ بوجهتي نظر بعضهما البعض وأما إذا لم يكونا شريكين فيُطرح هنا موضوع الميثاقية. عندها يمكن أن تقوم ردات فعل على مستوى مكوّنات الوطن لا تخدم الاستقرار السياسي الذي استمر رغم كل المناكفات تحت سقف “حوار ولو عن بعد”.
وتسأل المصادر عن الأسباب التي تدفع بالرئيس المكلف إلى رفض إضافة 6 وزراء إلى الحكومة الحالية مع العلم أنه كان قد قبِل بها وعاد عنها، موضحة أن الرئيس ميقاتي لم يعطِ مبررات واقعية لرفضه خصوصاً أن طرح عون 6 وزراء يمثلون المكوّنات الرئيسية في البلاد يمكن التفاهم عليه، وتسأل المصادر لماذا استبعاد هذا التفاهم ووضع المشهد في إطار سلبي.
أما القول بأن تتكرر تجربة حكومة الرئيس تمام سلام فهو لا يأتلف مع الواقع لأن تجربة حكومة الرئيس سلام يمكن أن تتكرر مع حكومة من ثلاثين وزيراً أو 24 وزيراً. وترى المصادر أن هذه الحجة غير منطقية لذلك من الأفضل للمعارضين البحث عن حجة أكثر إقناعاً لأن ما يمكن أن يفعله وزير في حكومة 24 وزيراً يمكن أن يفعله في حكومة من 30 وزيراً.
لا شك أن الغموض يلف المشهد الحكومي وكذلك الرئاسي ولم يأتِ كلام الرئيس عون الأخير عن أنه “إذا لم يُنتخب رئيس للجمهورية أو تتألف حكومة قبل 31 تشرين الأول المقبل، وإذا أصرّوا على أن “يزركوني”، فإنّ هناك علامة استفهام تحيط بخطوتي التالية وبالقرار الذي سأتخذه عندها”، إلا ليزيد غموض المشهد غموضاً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حراك دبلوماسي تجاه لبنان مستفسراً ومحذّراً… | هل تقرّ موازنة 2024 والزيادات الضريبية بمرسوم حكومي؟ | ﻣﻌﺮض ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎب 2023: رسالة صمود وتكريس لدور لبنان الثقافي |