التعليم الخصوصي: عكّاز للأساتذة.. ومطرقة على رؤوس الأهالي
كتبت بشرى الوجه لـ”هنا لبنان”:
في سنوات ما قبل أزمة لبنان، كان التعليم الخصوصي في المنازل “مهنة” من ليس له مهنة، فمن كان يتخرّج من الجامعة ولا يجد وظيفة، كان يلجأ لهذا المجال لزيادة مدخوله ولو قليلًا، كون ما كان يُحصّل مقابل هذا التعليم لم يكن “حرزان”.
لكنّ اليوم، انقلبت الأمور، إذ أصبح دخل التعليم الخصوصي أعلى من رواتب أساتذة التعليم الرسمي والخاص، فأساتذة الملاك يتقاضون مليونين ونصف ليرة لبنانية معاش شهري، من ضمنها بدل النقل، فيما يتقاضى المتعاقدون 40 ألف ليرة مقابل الحصّة الواحدة، أمّا معلّمو المدارس الخاصة، فرواتب الكثير منهم لم تتخطّ المليون والمليونين في العام الماضي.
كل هذه الأرقام “الكارثية” في ظل الإرتفاع الحادّ بالدولار والأسعار، أدّت بالأساتذة إلى “التعكُّز” على تعليم التلامذة في البيوت؛ بل أصبح الإعتماد الأكبر على هذا الدخل الإضافي، كون ساعة التدريس الواحدة باتت بـ5 دولار أميركي، أي 175 ألف ليرة، بالحد الأدنى.
شادي، أستاذ مادّة الفيزياء، ترك التعليم في إحدى المدارس الخاصّة بعدما رفض المدير تلبية طلبه بزيادة راتبه الذي يبلغ مليون و200 ألف ليرة، يقول: “معاشي صار يساوي “تفويلة” سيارتي، وأصبحت أُعلّم بالمجان، لذلك أوقفت معاناة التحضير للمدرسة وعبء التنقّل، وانتقلت للتعليم داخل المنزل، وأتقاضى على الساعة الواحدة بين 5 و10 دولار، حسب المرحلة الدراسية، فأصبح دخلي أضعاف راتبي في المدرسة، عدا عن ذلك، شعرت بتقدير ذاتي عندما تركت “الذل” الذي كنت أذهب إليه يوميًا”.
على عكس شادي، فضّلت نادين البقاء في التعليم المدرسي إلى جانب التدريس الخصوصي، وذلك حتّى لا تخسر سنوات خبرة، في حال حصلت على فرصة تعليم أفضل في لبنان أو الخارج، وتقول معلّمة مادّة العلوم، إنّها “تعتبر معاش المليون والنصف يساوي صفرًا، فهي لا تتكّئ عليه، إنّما على ما تتقضاه من تعليمها الخاص”، لكنّها في الوقت نفسه تضع تسعيرة 500 ألف ليرة شهريًا، و”هو مبلغ “بسيط” مقابل تعبي، ولكنّي لا أريد أن أزيد الأعباء على كهل الأهالي”.
يعيش كثر في التعليم الرسمي تحت رحمة مقولة “عند الدولة ما في شي بيضيع”، بحسب الأستاذ المتعاقد جمال، وهو “واحد منهم”، إذ يقول إنّه مستمر في التعليم بانتظار رفع قيمة المعاشات وبدل النقل والمساعدات، فيما يعتمد على مدخول معهده التعليمي الخاص في معيشته.
من جهة أخرى، يُعاني الأهالي الأمرّين، مرارة الدفع بالدولار الذي فرضته المدارس، ومرارة ارتفاع تسعيرات الأساتذة الخصوصيين وتقليل ساعاتهم التعليمية.
تقول هبة وهي والدة لـ ٣ تلاميذ في إحدى المدارس الخاصة: “أعمل أنا وزوجي ليلًا نهارًا لتغطية تكاليف تعليم أولادي في المدرسة وفي المنزل، فهو بأهمية الأكل والشرب بالنسبة لنا، آملين فقط بتأمين مستوى تعليمي جيّد لهم في ظل التراجع العام في القطاع”.
وتضيف: “أستاذ أولادي يُدرّس أولادي ثلاثة أيام في الأسبوع مقابل ١٠ دولار للساعة، بينما في السابق، أي قبل أزمة لبنان، كان الأستاذ يتقاضى شهريًا بين ٢٠٠ و ٣٠٠ ألف، مقابل ٥ أو ٦ أيام تعليم في الأسبوع”.
أمّا مرارة أهالي تلامذة المدارس الرسمية، حكايا أخرى، فالمدارس في إضراب شبه مستمر، والأهل ليس بمقدورهم تأمين دعم لأبنائهم عبر التعليم الخصوصي، “فنحن بانتظار مستقبل تعليمي سيئ لأولادنا، وما باليد حيرة”، كما يقول والد تلميذ.
مواضيع مماثلة للكاتب:
نبيل مملوك.. صحافي تحت تهمة “الرأي المخالف” | استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ |